عدد اليوم
علي عبد الرحمن (القاهرة)
محمود محمد مصطفى بيرم الحريري، واحداً من رواد الشعر العامية بالعالم العربي بالقرن التاسع عشر، لقب بالعديد من الألقاب منها «شاعر الشعب» و«هرم الزجل»، ولد في 23 مارس 1893 لعائلة تونسية كانت تعمل بالتجارة بحي الأنفوشي بمحافظة الإسكندرية شمالي مصر، واشتهر بلقبه بيرم التونسي نسبة إلى جذور موطنه الأم.
ذاعت شهرته في الأوساط الثقافية بالقطر المصري بعمر ال 25 عاماً، عندما التقي مع فنان الشعب سيد درويش، وقدما ثنائياً فنياً يعبر عن الواقع المصري والانتقادات للأسرة الملكية، خصوصاً مع اندلاع ثورة 1919، التى كان بيرم من أشد المؤيدين لها، أملاً في التغيير لواقع معيشي أفضل وحلم جلاء الاحتلال الإنجليزي عن مصر.
وفي منتصف عام 1919 تزوج الملك فؤاد الأول للمرة الثانية من الملكة نازلي، لتنجب له بعد 8 أشهر الملك فاروق آخر ملوك المملكة المصرية وآخر من حكم مصر من الأسرة العلوية، والذي استمر حكمه 16 عاماً، بعد أن أطاح به تنظيم الضباط الأحرار في ال23 من يوليو لعام 1952، وإعلان الجمهورية المصرية.
وبسبب ميلاد الملك فاروق بعد 8 أشهر من زواج أبويه، كتب بيرم التونسي قصيدته الشهيرة «القرع السلطاني»، يسخر فيها من ميلاده المبكر ويشكك في نسب فاروق إلى والده فؤاد الأول، وما إن وصلت أصداء القصيدة إلي البلاط الملكي أصدر قراراً في 25 أغسطس 1920، بنفيه إلى فرنسا، لكونه من أصول تونسية، وخاضعاً للحماية الفرنسية، وبعد عام ونصف العام من نفيه استطاع العودة متخفياً إلى القاهرة، ألقي القبض عليه بعد 3 أشهر وينفى مجدداً إلى فرنسا، ليظل منفياً لمدة 16 عاماً.
وطوال سنوات النفي يحاول بيرم العودة إلي القاهرة، وكانت أعماله تنشر في المجلات والجرائد المصرية وذاعت شهرته أكثر واكثر، وفي عام 1938، نحج بيرم التونسي مجدداً في التسلل من خلال معبر ميناء بورسعيد أملاً في إيجاد حلاً لإنهاء أزمته مع الأسرة العلوية، وبالفعل توسط له محمد محمود باشا رئيس الوزراء لدي الملك فاروق، والذي تولى العرش بعد رحيل والده وهو بعمر ال 16 عاماً، ليصدر الملك فاروق مرسوماً ملكياً بالعفو عن شاعر الشعب بيرم التونسي.
وتعبيراً لحسن النوايا من بيرم التونسي للملك فاروق مدح الأميرة فريال الابنة الكبرى للملك فاروق بقصيدة اسمها «ورد فريال»، خصوصاً للمكانة التي تتمتع بها الأميرة فريال لدى البلاط الملكي، وبعام 1941 غنت الطفلة المعجزة بذلك الوقت نجاة الصغيرة القصيدة في حفل افتتاح مبرة الأميرة فريال.
وفي عام 1960، منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الجنسية المصرية، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون، ليرحل عن عالمناً واحداً من أهم شعراء العامية المصرية بالقرن الماضي عن عمر يناهز 68 عاماً، متاثراً بمرضه بالجهاز التنفسي في عام 1961.
