السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«عيال ناصر».. في قلب ديرة

«عيال ناصر».. في قلب ديرة
10 سبتمبر 2021 03:33

هناء الحمادي (أبوظبي)

لا تزال ذكريات «الفرجان» ساكنة في قلوب الإماراتيين، يشدهم إليها حنين جارف، لوجوه أحبة لم يعودوا، وللأماكن وتفاصيلها، لماضٍ بسيط لكنه مرتبط بالجمال، ولروابط اجتماعية كانت تصل الناس، وقيم راسخة تفرض حضورها على المكان والزمان.

والحديث عن فريج «عيال ناصر» له ذكريات جميلة في حياة الكثير من سكان الفريج، حيث تظل الذاكرة تستذكر تلك التفاصيل التي كانت تفوح منها رائحة الماضي القديم بكل تفاصيله.

  • عبد الرحمن الزرعوني يتحدث عن أيام الفريج (تصوير: أفضل شام)
    عبد الرحمن الزرعوني يتحدث عن أيام الفريج (تصوير: أفضل شام)

يقول عبد الرحمن الزرعوني، من الذين عاشوا تلك الحقبة من الزمن في فريج عيال ناصر، والذي يسترجع بذاكرته إلى زمن الأولين ويقول: «فريج عيال ناصر»، أحد أحياء ديرة القديمة، يقع في قلب منطقة ديرة في شرق دبي، يحد الحي من الغرب حي قديم كان يسمى «فريج» الضغاية، ومن الشرق حي المرر، ومن الجنوب منطقة نايف ومن الشمال البحر. ويضيف: فريج «عيال ناصر» واحد من أقدم الأحياء السكنية، وتعود تسميته لعيال ناصر السويدي الثلاثة، الذين يعود لهم الفضل في تشكيل النواة الأساسية للحي، وقد سكنت معهم عائلات مختلفة، بعضها جاء من حي الراس، وبعضها قدم من مناطق بعيدة في سنوات ما قبل الأربعينيات.

بر وبحر
ويذكر الزرعوني بعض تفاصيل الفريج: «الحياة كانت حلوة وبسيطة في الفريج فالجميع قلب واحد، وعائلة واحدة في الفرح والحزن، والجميع يعمل بمهنته، وحسب ما تحفظه ذاكرتي، فلقد تفاوتت مهن الرجال في فريج عيال ناصر بين البر والبحر، فكان منهم، ملاك سفن الغوص، والصيد، والتجارة، وصناعة السفن، فكان البحر هو مصدر الزرق للأهالي يبحرون في البحر من أجل لقمة العيش، ورغم التعب ومشقة الغربة في عرض البحر، إلا أن الخير كان وفيراً من البحر ويكفي رب الأسرة والجيران وأهل الفريج».

ويتابع: «ما يميز الفريج حميميته، فهو عبارة عن مجموعة من الأسر، التي ترتبط بالدم والنسب، لذلك نجد البيوت متلاصقة، مكونة حياً كاملاً، أزقته ضيقة وكان يطلق عليها «السكيك»، وهي ضيقة بقصد توفير الظل للمارين في أغلب أوقات اليوم، وأيضاً لزيادة سرعة هبات النسيم فيها، لذلك كان الفريج في عيون من عاشوا فيه هو الزمن الجميل، وبيوت الأولين، ومرابع الطفولة، وملاعب الصبا». وأشار إلى أن سكان الفريج اعتادوا التواصل في المناسبات الاجتماعية المختلفة، مثل العيدين «الفطر والأضحى» والأعراس، وفي شهر رمضان المبارك، حيث يتبادل الأهالي الأكلات الشعبية قبل أذان المغرب، وطوال الوقت تجد السكان في تواصل وتعاون دائم، في السراء والضراء..

أما نساء الفريج، فيجتمعن يومياً في أحد البيوت وقت الضحى، لتبادل الأخبار والأحاديث وشرب القهوة وتناول التمر، وتسمى «الضحوية» نسبة إلى وقت الضحى.

تسمية الفريج
كما يذكر عبد الرحمن الزرعوني أن تسمية الفرجان ترجع أحياناً إلى كون المجتمع الصغير فيه يُشكل فريقاً واحداً مترابطاً، وفي بعض الأحيان كان يعرف الفريج باسم القبيلة التي تقطنه مثل فريج المرر، أو العائلة مثل فريج عيال ناصر، وكان اسمه أحياناً يُستمد من العمل السائد لدى قاطنيه، مثل فريج الضغاية في دبي الذي يعمل أهله بمهنة صيد السمك، وتعرف محلياً بـ «الضغو» أي صيد سمك السردين «العومة» بالشباك، وقد يُنسب إلى صفة المكان مثل فريج الرفاعة الواقع في منطقة مرتفعة عن مستوى سطح البحر.

مباني الفرجان
وقال: كثيراً ما كانت المباني في الفرجان مبنية إما من الجص وبعضها من سعف النخيل أو العرشان، كما وجدت بعض الساحات، وهي أماكن للتجمع، وكان «الفريج» يضم مسجداً أو أكثر للصلاة، حيث يلتقي أهل الفريج خمس مرات في اليوم والليلة.

طوي ماء
وفي موسم الصيف كان الملاذ الأكبر لأهالي الفريج هي منطقة البراحة التي يوجد فيها ماء حلو ليُروى الجميع، والذي يمتد من شارع نايف إلى البراحة وإلى ميناء الحمرية.

مشي على الأقدام
يستعيد الزرعوني ذكرياته في مدرسة «طارق بن زياد»، حيث كان يقطع الطريق مشياً على القدمين من شارع نايف وصولاً إلى موقع المدرسة والذي كان يستغرق 45 دقيقة تقريباً، لكن رغم العناء إلا أن ذلك من أجل التحصيل الدراسي، حيث كان المنهج آنذاك صعباً نوعاً ما، لكن رغم ذلك كان الجميع يبحثون عن طلب العلم.

سوق مرشد
لفت عبد الرحمن الزرعوني إلى أن «سوق مرشد» من أقدم وأكبر الأسواق في دبي في ذلك الوقت، حيث كان يشهد زحاماً كبيراً بسبب قيام التجار بالبيع والشراء بالجملة، موضحاً أنه بعد عودته من المدرسة يذهب مع والده إلى السوق من أجل التبضع ورؤية السوق بكل تفاصيله وعلو صوت التجار بين البيع والشراء.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©