الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«قصة الفريج الغربي»

محمد خميس النقبي يشير إلى أثر بيوت اختفت من الفريج (تصوير: يوسف العدان)
6 أغسطس 2021 01:30

هناء الحمادي (أبوظبي)

حين يجمع المكان جمال الطبيعة وسحرها مع تاريخ حافل وتراث غني وقيم أصيلة يرويها رجال الرعيل الأول من المخضرمين وشهود العيان، تكتمل أركان الأصالة والرواية، ويفوح عبق التاريخ والجغرافيا في الإمارات، وهو ما يجسد في الفريج الغربي، وكما يطلق عليها البعض الحارة الغربية.

  • محمد خميس النقبي في سكيك الفريج الغربي
    محمد خميس النقبي في سكيك الفريج الغربي

الفريج الغربي
 يروي محمد خميس بن عبود النقبي، الباحث والمختص في الأمن والسلامة في مدرسة عبدالله بن ناصر في خورفكان، ومضات خاطفة لكنها وافية من تاريخ الفريج قديماً: «لم تكن خورفكان لتستحق لقب عروس الساحل الشرقي، إلا إذا كان لها نصيب كبير منه، تؤكده حقائق الجغرافيا وتفرد التراث وجمال الطبيعة التي جعلت اللقب حقاً أصيلاً لها لم يأت من فراغ، فهي بحق متعة للناظرين بطبيعتها المميزة التي لا تشبه إلا نفسها، لوحة طبيعية رائعة ما زالت بكراً تنتظر أن تمتد إليها أيدي المبدعين من أبنائها ببعض الرتوش البسيطة التي تجعل منها مقصداً ومزاراً سياحياً أصيلاً يضاهي أرقى المنتجعات في المنطقة· 
وأضاف: لتاريخ خورفكان أصالة تجد ملامحها على وجوه أهلها الذين اعتمدوا في معيشتهم على هبة الله التي منحها لهم في الطبيعة لتجعل معظم نشاطهم في الصيد والزراعة، خاصة بعدما اشتهروا بالغوص بحثاً عن اللؤلؤ مصدر رزقهم فيما مضى.. وتشكل المدينة أجمل ميناء طبيعي على الساحل الشرقي المطل على مياه المحيط الهندي والذي يسمى خليج عمان.. وتجمع عروس الساحل الشرقي بين جمال البحر وروعة الجبل وكرم الخضرة، وتمتاز شواطئها بمياهها المتماوجة بين الزرقة والاخضرار، رمالها ناعمة بيضاء تحوط بها غابات مترامية الأطراف من أشجار الغاف شجر الصحراء والسدر والرمث والمرخ، ومزارع البرتقال والمانجو والموز والحمضيات، تحتضنها جبال عمان بذراعين يمتدان على طول الساحل، لتضفي عليها ألواناً معدنية براقة. وأشار النقبي إلى أن خورفكان تتألف من 3 حارات أو كما يقول البعض فرجان، فهناك الفريج «الشرقي» ثم «الحياوة» ثم الفريج «الغربي»، ومعظم بيوت الفريج الغربي تمتاز بمساكن حجرية وطينية وسعفية، ومنذ زمن الأجداد كان الأهالي يعيشون في هذه البيوت التي تأويهم وقت الشتاء والأمطار، والتي صنعت بأنامل أهلها، وعلى الرغم من أنها متناثرة ومتباعدة في الفريج، فإنها شكلت وتميزت بوجود ممرات وسكيك للمرور بها والانتقال وزيارة الجيران.

  • عبق الأيام يفوح من تفاصيل المكان
    عبق الأيام يفوح من تفاصيل المكان

محبة وتواصل 
وما يميز أهل الفريج كما يؤكد النقبي أنه تربطهم علاقة محبة وتواصل واتصال مع بعضهم البعض، قلوبهم تتسم بالصفاء والنقاء، يفرحون في أيام الأعياد والمناسبات السعيدة ويحزنون لوفاة أو فقد عزيز عليهم، موضحاً: «الفريج الغربي جزء منه مرتفع، والجزء الآخر منبسط عن الأرض، ولذلك استغل الأجداد ذلك الارتفاع ببناء القلاع والحصون».

خروفة الجنية 
ويضيف: «قديماً كانوا يطلقون على هذا المكان «الحارة الغربية» لأن وادي «الخُبة» هو الذي يقسم الحارة الغربية عن الحارة الشرقية.. وفي ذاك الزمان كانت هناك قصة تتداول بين أهالي الفريج آنذاك، حيث قيل إنه وقت المساء بعد الساعة التاسعة تخرج لهم «جنية» تمنع أهالي الفريج الغربي من التواصل مع الفريج الشرقي، مما تثير لديهم الخوف والرعب وأحياناً يسمعون صراخها، مما ينثر في قلوب السكان الخوف والرعب ويلوذون بالفرار.

  • جانب من الألعاب الشعبية في الفرجان (من المصدر)
    جانب من الألعاب الشعبية في الفرجان (من المصدر)

الألعاب الشعبية
أشار محمد خميس النقبي إلى أن الصبية مارسوا الألعاب في الفرجان وكانت أحد أهم صور التواصل الاجتماعي بينهم، واللعبة لم تكن مجرد وسيلة لهو فقط، بل كانت وسيلة تدريبية وتثقيفية وتعليمية وتربوية، وقد انتشرت الألعاب في دولة الإمارات قديماً انتشاراً واسعاً، حيث كانت تمارس في مواعيد ومواسم وأوقات، كما أنها تمارس في وقت الفراغ خاصة بعد العصر، وبعضها يمارس في الليالي المقمرة مثل لعبة «طبيلة، الثعلب فات فات، المقصي، المسطاع، الصبة والتبة»، وهناك ألعاب أخرى تصنع من الصفائح المعدنية السيارات، وعمل مروحة من ورق خوص النخل، ووضع شوكة نخلة في وسطها ثم يركض الأطفال، وخلال الجري تدور تلك الأوراق بفعل الهواء جالبة لهم السعادة والفرحة.

مسجد الجامع 
عما يميز الفريج أيضاً يذكر النقبي: يعد «مسجد الجامع» من أقدم المساجد الموجودة في الفريج، وسُمي حالياً مسجد «سالم المطوع النقبي» وما يميز المسجد أنه يتسم بتصاميم معمارية قديمة، منها سقفه الخشبي، وبوابته ذات الطراز العربي الأصيل بنقوش تشهد للمنطقة بالقدم، ومحرابه الصغير، ومنارته التي لا يتجاوز طولها بضعة أمتار، وحتى اليوم أصبح الكثير من أفراد المجتمع يزورون المسجد ويصلون فيه، متأملين تصاميمه القديمة التي تفوح منها ذكريات الزمان، من سقفه إلى بواباته التي تعبر عن الطراز الأصيل، حيث تتزين بنقوش تدل على حرفية الصناعة، حتى إن البعض يضع عملة الخمسة دراهم مع منارة المسجد لتوثيقها بصورة تذكارية وتاريخية عبر الهاتف.

  • الجندل يوضع في أسقف الغرف قديماً لتثبيتها ومنع سقوطها
    الجندل يوضع في أسقف الغرف قديماً لتثبيتها ومنع سقوطها

المرجان البحري
وعن المساكن يذكر النقبي: «ما يميز جدران البيوت في الفريج أنها شديدة وقوية جداً، حيث تمنع دخول الحرارة إليها وغالباً بنيت من أحجار المرجان البحري وتسمى «اليشم» بجانب المزج مع الحجارة الجبلية والطين المحروق لتُشيد جدران متراصة تقي أهل المنطقة من تقلبات الأحوال الجوية، ومن هذه المكونات باتت المنازل مرصوصة ومتماسكة وقوية أكثر صلابة وصموداً لعشرات السنوات وربما مئات السنين، وأبوابها من الخشب الذي يجلب من الهند آنذاك، بينما الأسقف فكانت من أعمدة الجندل الصامدة رغم الرياح والأمطار.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©