الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

ضع لك أثراً

ضع لك أثراً
3 أغسطس 2021 01:10

يجلس على أريكته ويقلب في تلفازه ويظن أنه قد امتلك العالم، بينما العالم الواقعي الحقيقي ينتظره كي يمضي فيه أجمل الأوقات. ليس ثمة شيء يعادل شروق شمس في مكان جديد، أو مداعبة أمواج البحر لقدميك في محل مغاير لما اعتدناه، إنها حياة جديدة تجتاحك لتغير فيك كل ما ارتضيته ذات يوم من ملل واعتياد.
نحن مطالبون بالاستمتاع بما أحله الله، مطالبون بأن ننفتح بذواتنا على تجارب الآخرين، تجارب تزيدنا وهجاً وتصقلنا بالخبرات والثقافة والتاريخ، وتقودنا حتماً إلى نماء في شخصياتنا وتسامح مع ما كتبه الله لنا من قدر ونصيب.
تتم للسفر مكرمته حين لا ننسى أن نترك في كل مكان نرتاده أثرنا الطيب، ذلك الأثر لا يتمثل فقط في الأشياء المادية الحاضرة -وإن كانت محبذة- بل ربما يتمثل في أقل القليل مثل كلمة عابرة أو مجرد ابتسامة، إننا حين نربت على قلوب الآخرين فإننا بذلك حتماً نكون قد صنعنا شيئاً عظيماً.
أثرك الحاضر من خلفك هو عنوان لحقيقتك، بل هو ترجمة صادقة لما يطويه قلبك، ولما تتمتع به من قيم وأسلوب حياة، لذلك من الجيد دائماً أن نعبر عن أنفسنا بما نتمنى أن نكون عليه من حال. بالطبع لسنا مثاليين فلكل منا أخطاؤه وهناته، لكننا نبذل الجهد في سبيل تضييق الطريق على كل ما هو سيئ، وإتاحة المجال لجوهرنا الجيد وفطرتنا السليمة.
إن أثرك الطيب الحقيقي هو ذلك الذي تخطه على صفحة الواقع من دون رياء ومن دون استفادة لك من ورائه، والأثر يكون أصدق ما يكون حال السفر، فأنت تقيم في مكان بشكل مؤقت، ولن تجني من أي شيء جيد تفعله مكسباً مباشراً، بل ستجني صدقاً وراحة ضمير. وستعطي لبلدك سمعة طيبة لن تحققها آلاف المقالات والأخبار، بعمل بسيط ستترك أثراً لا يزول.
يتمثل الأثر الطيب حال السفر في كثير من الأمثلة والنماذج، مثل تركك للأماكن التي ترتادها على صورتها الأفضل، فلا يصح أن نهمل في مسألة النظافة، بل يجب أن نكون على ما اعتدناه من جمع للمهملات، وإلقائها في الأماكن المخصصة، ذلك أحرى بنا وأكثر تعبيراً عما نحن عليه من قيم وأنماط حياة.
ومن الآثار الطيبة التي يمكننا أن نتركها وراءنا: المعاملة الحسنة لجميع من نلاقيه، وإدخال السرور على نفوس المحتاجين والأخذ بأيديهم إلى بعض يسر الحياة وفك الكروب، إن ذلك هو الباقي لنا.
تزول الأموال وتنفض الزينة ولا يبقى لنا من كل ما عشناه من أيام إلا تلك الهمسات والآثار، والتي ربما نظنها بسيطة، ولكنها عند الله وفي ميزان الأعمال عظيمة. أثرنا سيبقى كما أحببنا أن نتركه، ناصعاً براقاً متلألئاً، فليكن لك في كل بلد أثر يتذكرك الناس به، ويبقى على حائط الذكريات الذي لا يهدم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©