عدد اليوم
هناء الحمادي (أبوظبي)
«الصداقة هي الوجه الآخر غير البرّاق للحب، ولكنها الوجه الذي لا يصدأ»، كثيرة هي العبارات التي تعبر عن الجمال والحب الحقيقي لما تحمله مشاعر الصداقة بين الأفراد، لأنها الرابط الأقوى الذي تستند إوليه العلاقات البشرية.
نظراً لأهمية الصداقة تحتفل الكثير من بلدان العالم باليوم العالمي للصداقة في 30 يوليو من كل عام، كما حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011 بهدف تعزيز روح مشتركة من التضامن الإنساني في شكل صداقة، حيث إن الأصدقاء مهمون في الحياة، لأنهم من يعطوننا شعوراً بالانتماء، ويجلبون المرح والضحك، ويقدمون الدعم العاطفي والإرشاد عندما نحتاج إليه.
وقد جاء في لسان العرب لابن منظور قوله: «إن الصداقة من الصدق، والصدق نقيض الكذب، وبهذا تكون الصداقة هي صدق النصيحة والإخاء، والصديق هو المصادق لك»، ويقول ابن المقفع: «اعلم أن إخوان الصدق هم خير مكاسب الدنيا وهم زينة في الرخاء وعدة في الشدة ومعونة في المعاش والمعاد، فلا تفرط في اكتسابهم وابتغاء الصلات والأسباب إليهم».
أصدقاء الفرح
وترى شهد العبدولي، مدربة معتمدة في تطوير الذات أن: «الصديق ذلك الشخص الذي يضيء ظلمة الأيام، ويضفي البهجة على الأفراح، والصفاء على القلوب والأرواح، الصديق يقف إلى جانب صديقه بكل لحظاته وأوقاته، يتقبله كما هو ويرى الإبداع والجمال بداخله.. أمام ذلك الصديق، نفكر بصوت عال؛ فهو الملاذ الآمن الأكيد، وأجمل محطات الحياة».
وتضيف: تحيّة إلى كلّ الأصدقاء الذين رافقونا لسنين طويلة مهما تغيّرت ظروف الحياة، وإلى الذين أبعدتنا الظروف عنهم قسراً، ولكن لا يزال الرابط الروحيّ يجمعنا بهم والذكريات الجميلة تربطنا بهم مدى الحياة، واليوم أكثر من أيّ وقت مضى يجب إعادة الاتصال بهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي للاطمئنان على حالهم واستذكار كلّ الأوقات الجميلة.
أصدقاء صغار
هيا القاسم، كاتبة في أدب الطفل ومدربة مهارات، توضح أن الصداقة واحدة من العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي لا يمكن أن تكتمل الحياة ومتعتها دونها، والمهمة جداً لتوفير التوازن النفسي للإنسان.
وتقول: «في كل يوم ومع انشغال الأشخاص بحياتهم بدأ مفهوم الصداقة يأخذ منحنيات أخرى، وذلك بسبب انشغالات الحياة وعدم توفر الوقت لبناء علاقات اجتماعية طويلة الأمد، وعلى صعيد شخصي للصداقة عندي توجه آخر، فمن وجهه نظري الصداقة يجب أن تتسم بأريحية التعامل بين الطرفين والتقبل غير المشروط.
وعن تجربتها قالت: «أرى نفسي من أكثر الناس حظاً في علاقات الصداقة، وما أجمل أن تكون قادراً على أن تكون مؤثراً إيجابياً على أصدقائك، حيث حباني الله تعالى بعلاقات صداقة مميزة ومختلفة، والتي تتمثل بـ«أصدقائي الصغار»، أصدقاء الكتب والمعرفة، حيث أتمتع أنا وهم بمجموعة من الصفات المشتركة والاهتمامات المشتركة، فأصدقائي المقربون أجتمع معهم من حين لآخر بجلسات مميزة ثقافية ومنوعة، وهم من فئة الأطفال وأهم محفز لي لتطوير نفسي لتكون جلساتي معهم في غاية الثراء، وتتنوع فئات أصدقائي الصغار ما بين أصدقاء أسعد بنقاشاتهم، وأصدقاء محفزين، وأصدقاء ملهمين، هؤلاء هم أصدقائي الذي بيني وبينهم كل معايير الصداقة الحقيقية غير المشروطة والمحفزة وغير المحكومة بوقت بل محكومة بصدق ووفاء.
صديق الضيق
أما فاطمة الحمادي، فنانة تشكيلة، فتقول: «الأصدقاء جزء في حياة كل فرد، واختيار الأصدقاء أمر مهم لاستمرار تلك الصداقة، وكل منا يعرف المقولة الشهيرة «الصديق وقت الضيق»، فالصداقة ركن أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، ومن خلالها نستطيع التخلص من القلق والأفكار السلبية التي تشغل بالنا، والتحدث مع الصديق وتبادل الأسرار وقضاء الوقت معه من الأمور الممتعة التي تساهم في زيادة الطاقة الإيجابية ورفع المعنويات، وبالتالي جعل الحياة أكثر راحة وطمأنينة وسعادة.
الصداقة كنز
وتعتبر فضيلة عبدالله الخوري الصداقة الكنز الحقيقي الذي لا يفنى، وأهم العلاقات التي يمتلكها الإنسان طوال حياته، فالصداقة بالنسبة لها عالم من المحبة والأخوة والرقي، وهي أسمى العلاقات الإنسانية على الإطلاق، لأنها نابعة من مشاعر طيبة صافية، ليس فيها أي شرط وليس من ورائها أي مصلحة، أساسها صدق الشعور، وحب الخير للصديق، ومساعدته عند الحاجة، والصبر على زلاته وهفواته، ونصحه وتوجيهه للخير.
مشاعر
ويؤكد الاستشاري النفسي محمد عمر أن الصداقة حالة إنسانية تندرج تحتها كل المشاعر، وهي حالة من الحب والانسجام والسمو والتفاهم والانصهار الذاتي ولا تشبه أي حالة مشاعر أخرى، لها عمق استراتيجي ولا تخضع لأي من طقوس العلاقات المحدودة والغيرة والأنانية. وأشار إلى أن الصداقة بالفعل هي من أفضل العلاقات التي يكونها الإنسان، ويبث من خلالها الفرد كل ما بداخله من خير أو شر وخطأ أو صواب للصديق، لذا نحتاج إلى صديق يمتلك ميزات الوفاء، فالصداقة معان راقية وهي مكون مهم في الحياة ويصبح الإنسان أعزل بدونها، لذلك إذا توفرت يصبح الإنسان في حالة دائمة من السعادة، ومن يفقد الصداقة يفقد القوة والسند.
حدود فاصلة
مريم الغانم، «ربة منزل» لها رأي خاص، تقول فيه: «علينا أن نبقي على الحدود الفاصلة بيننا وبين الأصدقاء إذا كنا نرغب في الاحتفاظ بصداقتهم، وهذا ما تعلمته من عدة تجارب مررت بها، فهناك بعض الأصدقاء للأسف يستغلون تعلقنا بهم وحرصنا على مشاعرهم.
أبحاث نفسية
تشير أغلب الدراسات والأبحاث النفسية إلى أن الصداقة تؤدي دوراً هاماً في حياة الإنسان، حيث إنها تقلل من أحاسيس القلق والتوتر لدى الأصدقاء، وذلك عن طريق دعم الأصدقاء لبعضهم في المواقف التي تواجههم على اختلاف أنواعها مواقف سارة أو مواقف حزينة، لذا نجد أن الأصدقاء لهم أثر عميق في نفس أصدقائهم. ومن أهم الوظائف النفسية لعلاقة الصداقة إمكانية الإفصاح عن النفس وعما يدور بداخل عقل الإنسان وما يرتبط بذلك من آثار إيجابية، حيث إن أغلب الناس يميلون بشكل فطري إلى التحدث مع الآخرين على اختلاف أنواع الموضوعات التي يتحدثون فيها، وهو ما يمنحهم القدرة على التعبير عن الذات وتقليل الضغوط الداخلية.
سند
عبيد المزروعي «موظف» يرى أن الصداقة الحقيقية موجودة بالفعل، ويقول: «لديَّ صديقان لا أتخيل حياتي بدونهما، فالصداقة شيء ضروري لكل إنسان، لأن الحياة من دون الأصدقاء صعبة، خصوصاً الأصدقاء الحقيقيين الذين نجدهم سنداً لنا عندما نحتاجهم، فليس للحياة بهجة من دون أصدقائي، أما بالنسبة للصداقات العابرة فهي عادة لا تحمل الكثير من المشاعر المشتركة والقصد هنا زملاء العمل أو الدراسة.
