أغنيات الحج.. القلب يعشق كلَّ جميل

علي عبد الرحمن (القاهرة)

موعد سنوي تتجه أنظار العالم أجمع إليه، سواء من حجاج بيت الله الحرام، أو بقية جموع المسلمين في شتى بقاع الأرض، في أجواء مليئة بالنفحات الروحانية، رافعين أيديهم إلى السماء وأنظارهم إلى الكعبة المشرفة، داعين الله «لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك».
 تلك الأجواء الروحانية تركت أثراً كبيراً في نفوس المبدعين للتعبير عن الاشتياق لزيارة بيت الله الحرام، وتوديع واستقبال الحجاج، وفرحة أداء الفريضة، لذلك حرص الكثير من المطربين على توثيق تلك اللحظات الروحانية من خلال أغانيهم، تعبيراً عن فريضة الحج.

البدايات 
عرف فن المديح والتواشيح لمناسك الحج في بدايات القرن التاسع عشر، وكان مقتصراً على المنشدين والمداحين بالقرى والنجوع الذين تناولوا مناسك الحج ومحاسن أخلاق والصفات الجميلة للأنبياء، وزيارة قبر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، والوقوف على جبل عرفات، والارتواء بماء زمزم.  ومن أشهر تلك التواشيح في تلك الفترة «طلعة المحمل»، وكانت تنشد عند خروج القافلة الحاملة لكسوة الكعبة المشرفة في طريقها من مصر إلى الحجاز، ومع افتتاح الإذاعة المصرية عام 1934، واهتمامها بكافة المناسبات الوطنية والدينية، ظهرت أولى أغاني الحج بالشكل الموسيقى المتكامل، وكانت أغنية «اشتياق الحجيج»، للمنشد الديني محمد الكحلاوي، أولى الأغاني التي عرفتها الإذاعة المصرية، وهي من تأليفه وتلحينه، وقدمتها الإذاعة في الـ 26 أبريل لعام 1936، لتكون الانطلاقة إلى الشعراء والملحنين والمطربين في الاحتفاء بالحجّ والحجيج.

«محمل الحج»  من أعظم الأغنيات 
أغنية «محمل الحج»، واحدة من أعظم الأغاني الدينية وهي من أشعار بديع خيري، وألحان فريد الأطرش، والأغنية لها قصة تجمع فريد الأطرش وشقيقته أسمهان، في عام 1938 وقدّمها فريد الأطرش للإذاعة المصرية بصوته، وظلت تعرض بصوته طوال تلك المدة، وجاء انفصال شقيقته عن زوجها الأمير حسن الأطرش عام 1939، وبسبب تصرفات شقيقته الخاطئة وانتشار الكثير من الإشاعات تجاه تلك الأمور، وتناول الصحافة المصرية تلك التصرفات بشكل أزعجه.

حاول فريد تجميل صورتها أمام الجمهور والصحافة، وطلب من أسمهان تسجيل الأغنية مجدداً بصوتها وقدمها للإذاعة المصرية في نهاية عام 1939 تحت اسم «عليك صلاة الله وسلامه»، ومن ذلك الحين تعرض الإذاعة الأغنية بصوت أسمهان واسمها الجديد، أما عن أغنية فريد الأطرش، فتتواجد النسخة الأصلية منها في أرشيف إذاعة الـ BBC الإنجليزية.

أم كلثوم.. «إلى عرفات يا خير زائر»
قدّمت كوكب الشرق أغنيتين، الأولى «إلى عرفات يا خير زائر»، والثانية «القلب يعشق كل جميل»، والأغنيتان لهما قصتان، فالأغنية الأولى كانت من غناء نجاة علي، وبعدما استمعت أم كلثوم للأغنية أعجبت بكلماتها، واستأذنت نجاة في غنائها، فسمحت لها، ثم طلبت أم كلثوم من الشاعر أحمد رامي تغيير بعض الكلمات للخروج بالنص من الخاص إلى العام، فعدل مطلع القصيدة من «إلى عرفات الله يا بن محمد»، كما غنتها نجاة علي، ليصبح «إلى عرفات الله يا خير زائر»، وتجاوز رامي عن كثير من الأبيات في القصيدة المكونة من 63 بيتاً، واختار 25 بيتاً بزيادة 12 بيتاً عن الأبيات التي اختارتها نجاة علي، وقدمتها كوكب الشرق عام 1951 وأصبحت الأغنية الأشهر في التعبير عن مشاعر المسلمين، ورغبتهم في أداء مناسك الحج واستكمال أركان الإسلام، وقدمت أم كلثوم الأغنية مصورة مع بداية الإرسال التلفزيوني، بعدما أخرجها أحمد بدرخان عام 1963.
وغنت أم كلثوم أيضاً «القلب يعشق كل جميل» من كلمات الشاعر بيرم التونسي، وتتحدث كلماتها عن السلام الداخلي الذي يتحقق بزيارة مكة المكرمة، وكانت أم كلثوم احتفظت بكلمات الأغنية لعشر سنوات كاملة بعد وفاة التونسي 1961 قبل أن تعطيها للموسيقار رياض السنباطي ليضع لها اللحن، وتغنيها في فبراير 1971، وحققت نجاحاً كبيراً، وأصبحت أيقونة الغناء في مناسبة الحج.

محمد فوزي.. «يا عائدين مكة» 
قدّم محمد فوزي أغنيتين للحج، الأولى أغنية «يا عائدين مكة»، والتي غناها ضمن أحداث فيلم «حب وجنون»، وهي من ألحانه وأشعار عبد العزيز سلام، وأنشد قصيدة «تلبية»، من ألحانه وأشعار أبو نواس.

نجاة علي.. 3 أغنيات 
في عام 1937 واحتفالاً بتدشين خط الملاحة البحري وتسيير الباخرتين «كوثر - زمزم»، بين ميناءي السويس وجدة لنقل الحجاج إلى بيت الله الحرام، قدمت المطربة ذائعة الصيت وقتها نجاة علي 3 أغنيات: «ذهاب الحجيج»، و«عودة الحجاج»، وهما من أشعار بديع خيري، وألحان الشيخ زكريا أحمد، وأغنية «يا رايح جدة على زمزم»، من أشعار حسن صبحي، وألحان محمد القصبجي، كما قدمت عدداً من المواويل الغنائية التي تتناول الشعائر الدينية لفريضة الحج منها «يا للي أنت رايح تحج البيت» و«سيري يا زمزم».
كما شدت نجاة علي بقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي «إلى عرفات الله»، والتي كتبها بمناسبة ذهاب الخديوي عباس حلمي لتأدية فريضة الحج عام 1910، ولحنها عبد الفتاح بدير، وأذاعتها الإذاعة المصرية في 1 أكتوبر عام 1949.

أخبار ذات صلة

"الشؤون الإسلامية" تعتمد اللائحة النهائية لتصاريح حجاج الدولة

السعودية تكشف عن شروط أداء الحج هذا العام

ليلى مراد.. «رايحين للنبي الغالي» 
عام 1953، قدّمت ليلى مراد واحدة من أنجح الأغنيات التي تعبر عن الاشتياق لزيارة بيت الله الحرام، من خلال أغنية «رايحين للنبي الغالي»، والتي قدمتها خلال أحداث فيلم «بنت الأكابر»، وحول قصة الأغنية أن أنور وجدي طلب من المؤلف أبو السعود الإبياري وضع أغنية عن الحج خلال أحداث الفيلم تصور توديعها جدها لأداء فريضة الحج، وكانت تلك محاولة من الزوجين لدحض الإشاعات التي طالتها حول ديانتها وتبرعها بمبلغ كبير لإحدى الدول المتحاربة مع الدولة المصرية بذلك الوقت.

فايزة أحمد.. «الله أكبر كبيراً»
قبل رحيلها بأسابيع قليلة طلبت المطربة فايزة أحمد من الشاعر عبد الوهاب محمد، أن يكتب لها أغنية تعبر عن الحج، وعودة الحجاج من الأراضي الحجازية، وبالفعل انتهى من كلماتها عبد الوهاب محمد، ولحنها الموسيقار جمال سلامة، لتختتم فايزة أحمد مشوارها الفني بأغنية «من نورك يا رب اهديني»، والمعروفة جماهيرياً «الله أكبر كبيراً»، وطرحتها في 1983.

حياة محمد.. «يوم عرفات» 
قدمت المطربة المصرية حياة محمد أنشودة «يوم عرفات»، من أشعار يونس القاضي، وألحان عبده بقطر، وتم إذاعتها بالإذاعة المصرية في 19 مارس عام 1937.

طوفوا ببيت الله 
بعمر الـ 11 عاماً، قدّمت نجاة الصغيرة أغنية عن «طوفوا ببيت الله يا معشر الحجاج»، وهي من أشعار وألحان الموسيقار أحمد خيرت، وللأغنية قصة شهيرة خلال حفلها في 13 أكتوبر لعام 1946، قدمت نجاة الصغيرة حفلها الأول وشدت أغنية «حبيبي يسعد أوقاته» لأم كلثوم، وحينها أعجب بصوتها الإذاعي محمد شعبان الشهير بـ «بابا شاور»، وطلب من والدها انضمامها إلى الإذاعة المصرية بركن الطفل، لتعود بعد 39 عاماً وتحديداً بعام 1985، وتنشد «يا رايحين أرض الكرامة» من أشعار عبدالفتاح مصطفى، وألحان محمد الموجي، وكما بدأت نجاة الصغيرة مشوارها الديني بأغنية عن الحج أنهته بأغنية عنه أيضاً، وهي «لبيك اللهم لبيك»، من أشعار أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبدالوهاب والتي طرحتها في 1993.

محمد عبد الوهاب.. «لبيك اللهم لبيك»
أراد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، أن ينهي مشواره الفني الممتد لأكثر من 4 عقود، بأغنية عن شعائر الحج، لتصبح واحدة من أيقونات الأغاني التي تناولت الحج ومناسكه، وغنى عبد الوهاب أغنية «التلبية»، والمعروفة جماهيرياً باسم «لبيك اللهم لبيك»، وهي من ألحانه وأشعار أحمد شفيق كامل، لتصبح آخر ما غنّى عبد الوهاب قبل وفاته بعام وطرحت الأغنية عام 1990.

حقبة التسعينيات
وشهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي 7 أغان تتناول فرحة الحجيج بالطواف حول الكعبة المشرفة، وزيارة قبر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، حيث قدم المطرب محمد ثروت 3 أغنيات هي «مواكب الحجاج»، و«وأنا واقف على عرفات»، و«كبرت باسم المولى»، فيما قدم إيمان البحر درويش أغنية «يا فرحة الملتقي»، وغنى هاني شاكر «سفينة الحجاج»، والغناء الشعبي كان حاضراً من خلال صوت فاطمة عيد، وقدمت أغنيتين هما «رايحة فين يا حاجة»، و«ربك كتبهالك».

لوردكاش.. «هذا الحجيج أقبل»
قدمت المطربة اللبنانية لوردكاش رائعتها الدينية «هذا الحجيج أقبل»، من أشعار جبران كويني، ولحنها، وأنشدت المطربة اللبنانية ألكسندرا بدران والمعروفة باسم نور الهدى أغنية «الحج»، من خلال أحداث فيلم «أفراح»، من أشعار حسن توفيق، وألحان عبد العزيز محمود.
وغنت قيثارة السماء فيروز قصيدة «غنيت مكة»، من أشعار سعيد عقل، وألحان الأخوين رحباني عندما أطلت أول مطربة على شاشة التلفزيون السعودي بعام 1966، وقدّم مواطنها وديع الصافي من ألحانه وغنائه قصيدة «مكة»، وهي من أشعار حسن عبد الله القرشي.

منيرة المهدية.. «امتى نعود يا نبي» 
على الرغم من مشوارها الفني الممتد ولقبها سلطانة الطرب، إلا أنها غنت للحج  أغنية واحدة، وهي للمطرب أحمد عبد القادر، أثناء تأديتها فريضة الحج بعام 1937، حينما طلب منها أحد الحجاج غناء «امتى نعود يا نبي»، من أشعار حسين حلمي المناسترلي، وألحان رياض السنباطي، وتناول الحجاج إحساسها المرهف وخشوعها أثناء الغناء حتى سالت دموعها.