الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

كل التفاصيل

كل التفاصيل
14 يونيو 2021 00:20

لدينا تفاصيل كثيرة، ومن حولنا، وفي أعماقنا، أشياء متعددة تطوف على البال، وتسكنه، نحملها كمن يحمل قلبه بين ضلوعه، بعضها نخشى عليه من الفقد أو النسيان، وبعضها نتمنى لو أن نملك وسيلة لإلغائه أو مسحه من الذاكرة ومن اليوميات ومن الذكريات، متجددة هي حالتنا مع التفاصيل، فهي جزء من (حياتنا، اهتماماتنا، وعينا، إدراكنا، أقراننا، أصدقائنا، أهلنا قبلهم وأحبائنا)، كم من التفاصيل يتخلل كل لحظة أو فاصلة زمنية نقف عندها متأملين، متمنّين، متفائلين أو متشائمين، سعداء، تعساء، فرحين، حزانى، هكذا يمضي بنا الوقت بين تذكرٍ وأمنياتٍ عِراض.
نحمل تفاصيل طفولتنا، لثغة الحروف على ألسنتنا عند بدء النطق، أول حبوٍ، أول محاولة لتعلم الوقوف والمشي، نذكر أمهاتنا اللائي كانت عيونهن تحرسنا عند التلعثم أو التعثر، نحمل الأيام ونمضي في دواخلنا همهمات وهمسات، وكلمات، أول درس، أول دفتر وقلم ومساحة وحصة رياضة ومكتبة، المدرسة الأولى محفورة بتفاصيلها في الذاكرة فصولها، غرفها الشاسعة التي كانت تحتمل شقاواتنا، كنّا كثاراً في الفصل الواحد، لكننا لم نكن متكدّسين، كان الحب يمنح للمساحات سشاعةً وسِعة تجعلنا متفوقين، وفرحين، نحمل كل التفاصيل إلى الأيام التالية.
تفاصيلنا التي على البال، أحلاها وأجملها وأصفاها تلك التي علّمتنا الحب، وغمرتنا بالجميل من المشاعر، ونقلتنا من حالات الارتباك الأولى، والنظرة المشتاقة الشّقية إلى كثير من العقلانية التي حمّلت القلوب ما لا تقدر على تحمله، وكانت الحياة تمضي، لم نقف عند محطة تجربة حبٍ مرفوضة أو فاشلة، تلك التجربة جعلتنا نتجّه نحونا أكثر، نخترق الداخل نفكك أسر الوجع، ونطيّره حمامات في سماء التكوين الذاتي، عملاً وحساً وسلوكاً، تفاصيلنا جميلة مثيرة، وفي الروح أثيرة لا تبرح مكان العودة كلما ضاق طريق.
التفاصيل اندهاشات اللحظة، وارتباكات الموقف، وانزياحات الاحتياج، وابتهاجات التحقق، هي كُلنا، أشياؤنا التي كبُرت معنا، ومعها توحدنا، وبها تقاطعنا مع الآخرين، نبضاً، حباً، وفاءً استمراراً، ما مللنا لحظاتنا، ولا شكونا اختلافاتنا، كان احتمالنا بعضنا أجمل ما أخذنا عبر السنين والأيام وتقاطعاتها، كلنا مرّت بنا تفاصيل اللحظات بين اختلاف وائتلاف، شقاوة وهدوء، تقاسمنا الطفولة بين قلب محبٍ وعقلٍ مدبر مفكر، كلّنا كنّا «المخ» وبعضنا كان «العضلات» كما يصف الصداقة الفنان الكبير عادل إمام في حواره مع الراحل سعيد صالح في مدرسة المشاغبين.
تفاصيلنا مكثفة، وسردها طويل، مشاهدها آسرة، وتأثيرها عميق، لا تستوعبها المساحات الصغيرة، لا تغفلوا عنها، إنها بعضكم الذي لا يُنسى.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©