عدد اليوم
في وطني الكثير من المنابر الثقافية التي تتبنّى وتُنظمُ وترعى الأنشطة الثقافية المختلفة؛ من محاضرات وندوات وأمسيات، وأحياناً معارض فنية تجمع بين النغم والشعر والوتر، هذه المنابر تعمل وسط تنافس محفّزٍ وجميل من أجل إبراز الوجه الحضاري للفكر والثقافة في وطن يؤمن بالإبداع والابتكار طريقاً للتميز والتفرد وتحقيق المراكز الأولى التي يقف لها العالم احتراماً وتقديراً.
و«صالون الملتقى الثقافي» هو أحد أهم هذه الروافد في الدولة، أسسته السيدة أسماء صديق المطوع ليكون منارة للمعرفة، تجتمع فيه الآراء تتحاور، تتقاطع، تتآلف، تختلف، ولكنها تقف على أرضية خصبة وصلبة تتكئ على أهمية الانفتاح الفكري، والحوار التبادلي الثّري الذي يضيف للمبدع ولمريدي مدرسته الإبداعية، من هنا فإن البصمة التي يكرّسها الملتقى يوماً تِلوَ يوم تؤكد قيمته كمنبر أو مؤسسة ثقافية متكاملة من حيث الاستراتيجية والرسالة والقيم النبيلة التي يعمل في إطارها.
ومنذ أن انطلق «الملتقى» في 1998 كعضو في منظمة «اليونسكو» وبعضوية أكثر من 25 سيدة من توجهات ثقافية مختلفة، على يد الكاتبة المثقفة، فارهة الحضور والأثر السيدة أسماء المطوّع، وهو يؤدي دوراً عميقاً ومؤثراً يعمل على تفعيل وتكريس الحراك الثقافي، ليس على مستوى الوطن فقط، وإنما يمتد هذا الجهد ليشمل المنطقة العربية، وأحياناً يذهب نحو العالمية باستضافة العديد من الأسماء المهمة واللامعة في سماء الإبداع بخاصة الكتابة، من هنا كان للملتقى حضوره الدائم وأثره اللافت في معرض أبوظبي للكتاب، وقد استمر هذا العطاء الثقافي «عن بُعد» بعد أزمة «كورونا».
كل ذلك لم يأتِ من فراغ، أو رفاهية، أو بحثاً عن استمتاع، بل جاء نتيجة لإيمان مُؤسستهِ بأهمية الفعل الثقافي من أجل الارتقاء بالقدرات المعرفية والفكرية، والوصول إلى مجتمعات تَعي قيمة الكلمة وأثرها في تشكيل الوعي، وتحريك السّاكن، ورفد هذا العالم بالكثير من مكونات الجمال، ومفردات الاختلاف الإيجابي الذي يجعل منك مثقفاً فارقاً، وقارئاً مهماً وليس عابراً لبوابات السطور والكلمات وأغلفة الكتب وكفى.
ويوم الأربعاء الماضي، زُفّت إلينا بشرى اختيار صاحبة «صالون الملتقى الثقافي» ونجمته البهيّة السيدة أسماء صديق المطوع الشخصية الثقافية لجائزة العويس الثقافي لهذا العام، وتم تكريمها بأرفع وسام ثقافي تستحقه نظير جهودها في مجال الأدب والثقافة والفكر والعمل التطوعي، وهو تقديرٌ يُبهج القلوب؛ فهذه القامة الثقافية تستحق الوقوف على منصات التكريم، وكان أول تكريم حصلت عليه عام 2010 كإحدى رائدات العمل الاجتماعي والأدبي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية.
