الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

زمنٌ آلي

زمنٌ آلي
31 مايو 2021 00:20

نحنُ نعيشُ زمناً آلياً بامتياز، كل شيء حولنا تحرّكه الآلة، وإذا ما تَعرّضتْ إلى عطل بسيط توقفت أعمالنا، وتأثرت حياتنا، حتى الأنعام التي نرعاها تتأثر لأننا لم نتمكن من تقديم طلب للحصول على الغذاء الخاص بها، بسببٍ عطلٍ فنيٍ في الموقع الذي تُصرف منهُ «البنادل» الخاصة بطعامها، تديرنا الآلة حتى أصبحنا نُشبهها، بعضنا كالخشب المُسندة خاوياً من المشاعر والعواطف، حياته تمضي بين رسائل (واتسابية، أو سنابية، أو تويترية، أوفيس بوكيّه)، وكأنه خُلق من لاشعور، ولا «سنع» في بعض الأحيان.
أغلب الأشياء من حولنا باتت تحركها التقنية وأبسط التفاصيل في حياتنا تديرها الآلة، إذا ذهبت إلى موقع العمل الافتراضي ووجدت تغييراً آلياً في كلمة السر توقف العمل حتى ينقذك الفني المعنّي الذي قد يكون مشغولاً بمشكلات تقنية أخرى، فيتعطل هذا وتتعطل أنت وإذا فصلتْ شبكة الإنترنت عالية الجودة في منزلك التي تركض ركضاً عند استخدامها لأنك دفعت مبلغاً وقدره من أجل تسريعها وتركيب المساعدات الآلية أعلى المنزل جاءك الرد الآلي البارد الذي يحيلك إلى كتلةٍ من غضب بسبب سوء الفهم بينك وبينه، كثيرون مخارج الحروف لديهم فيها علّة بسبب تشوه خلقي، فقط استمع إلى أحدهم وهو يطلب خدمة من الرد الآلي للشركة التي لديها الحل.
حتى وإن كنتَ إنساناً طبيعياً ليست لديك أي عيوب نُطقيّة سيمضي وقتك بين طلب وعدم فهم الطلب، وقِسْ على ذلك حينما تذهب إلى أقرب صرافٍ آلي وإن سهوتَ ثانية قبل أن تسحب البطاقة لاستلام المبلغ المطلوب فإذا بالآلة تبتلع البطاقة لتحيلك إلى آخر عليه أن يذهب إلى البنك في خطوات تقليدية لاستعادة بطاقته التي فقدت بسبب سهوك، أو انزلاق أصابعك لكثرة ما ملأتها بمكافح الفيروسات، فقد أصبحنا «ستنايزريين» أكثر من العلب والقوارير والمناديل المُطهرة التي تملأ سياراتنا وبيوتنا.
حتى أوقات فراغك التي تجعلك في حالة من الضيق والتأفف، وقد تحيلك إلى شخص متنمرٍ على ذاتك أو من حولك من دون سبب حلّها آلياً أيضاً، فأنت لا تستطيع ممارسة عاداتك الرياضية كالمشي في وقتنا الحالي، فإذا ما خرجت في المساء أكلتك الرطوبة، وإذا أردتَ استثمار النهار باغتتك ضربة شمسٍ لا ترحم، لذا فلا حل لديك سوى الذهاب إلى آلة المشي المنزلي، أو تروح نحو هاتفك الشخصي الذي يستدرجك نحو لعبةٍ تكتشف بعد أيام بأنها كانت خطيرة وأنها تؤثر على أعصابك، وقد تدفعك لإيذاء نفسك من دون أن تعلم.
مالها الحياة أصبحت جافة بهذا الشكل المؤلم، يبدو أنها بركاتُ الزمن الآلي؟؟؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©