السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

56 خبيراً صينياً يكتبون: روشتة.. مواجهة «الجائحة»

56 خبيراً صينياً يكتبون: روشتة.. مواجهة «الجائحة»
29 مايو 2021 02:30

طه حسيب  (أبوظبي)

كانت الصين أول بلد في العالم يتأثر بوباء كوفيد-19 الذي تعاملت معه السلطات الصينية على أنه أزمة تحمل تحديات جسيمة يتعين التصدي لها باحترافية شديدة لتقليل الخسائر، وتسريع وتيرة التعافي. كتاب «إدارة الأزمات في زمن الأوبئة» يرصد خلاصات ورؤى لأكاديميين متخصصين يبلغ عددهم 56 خبيراً، يقدمون وصفات سريعة لحلول عملية وواقعية في مواجهة الوباء وتداعياته.
الكتاب حرره: وانغ فانغ هوا، أستاذ بجامعة شنغهاي للمواصلات، رئيس جمعية شنغهاي لعلوم الإدارة، و«شي يومين»، أستاذ الإدارة بجامعة شيسآن للمواصلات، وهو نائب رئيس جامعة ليفربول بالمملكة المتحدة. «هوا» استنتج أنه «لايمكن رؤية رواد الأعمال إلا في وقت الأزمات»، فقد واجه رجال الأعمال، خلال الجائحة، تحديات كبيرة تفرض عليهم التحلي بالحزم والمثابرة والتصميم والثبات وروح المبادرة من أجل الخروج من الأزمة بسلام.
 ويقول «هوا»: «يخبرنا التاريخ بأن العديد من المؤسسات الكبرى قد اكتشفت فرصاً خلال الأزمات الكبيرة، بل نجحت من خلالها في الإبحار عكس اتجاه الأمواج». ويضرب على ذلك مثلاً بظهور موجة من الصناعات الحديثة التي تلت مرحلة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، ما أدى لموجة من التطور عززت قوة الولايات المتحدة الاقتصادية. وحتى بعد الأزمة المالية العالمية عام 1997ظهرت شركات الإنترنت لتصبح محركاً للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. والخلاصة أن البحث عن الفرص حتى أثناء المخاطر أمر يتعلق بروح المبادرة والحكمة والشجاعة، وهذا يحتاج رجال أعمال على قدر من المسؤولية.
أما «شي يومين»، فيحد في أزمة كوفيد-19 فرصة لتحويل الوباء إلى انطلاق للابتكار الخارق، وتحويل المستحيل إلى ممكن، ففي وقت الأزمات يطرح الابتكار بجرأة، وفي الظروف الطبيعية يحدث الابتكار تدريجياً.
ويشير «يومين» إلى الابتكار الخارق الذي يطوّر التقاليد ويتغلب على الجمود بأدوات الحوكمة وآلياتها الثلاث: حوكمة السلطات، وحوكمة السوق، وحوكمة الشبكات. 

الابتكار الخارق يمكن تحقيقه من خلال الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وسلاسل الكتل، كما أن التقنيات الرقمية والذكية تقدم أسلحة «سحرية للاستجابة لحالات الطوارئ والنصر في مجتمع المستقبل». شبكات الجيل الخامس تدعم نماذج الأعمال الجديدة، وبالنسبة للأفراد ترتقي الابتكارات الخارقة بالمهارات القيادية للمديرين وتغير نماذجهم في التفكير، وتعزير روح المبادرة.
ولدى «يومين» قناعة بأن «الأزمة بدت أشبه بحرس إنذار للجميع، مفاده أننا لن يمكننا الفوز بحياة أفضل، إلا باستخدام التعلم مدى الحياة، وكذلك قدرات الابتكار المستمرة»، ويقتبس «يومين» مقولة الفيلسوف الألماني «فريدريك نيتشه»: (أولئك الذين لا يستطيعون قتلك سوف يجعلونك أقوى). 
ودعت الأكاديمية الصينية «تشن شون هوا» إلى تحقيق التوازن بين اليقين وعدم اليقين في زمن الوباء، مؤكدة أن حالة عدم اليقين مستمرة، ونحتاج للشجاعة في مواجهتها وأيضاً التعايش معها. وفي بداية الأزمة، كان هناك تأكيد على دور المواطنين وتقدير جهودهم الذاتية والتأكيد على قدرات المؤسسة وليس على قيود البيئة، وبهذه الطريقة يمكن التغلب على عدم اليقين، وأيضاً من خلال مهارة التكيف المستمر والمرن. اليقين كما تراه تشن شون هوا، «في أيدينا، وعدم اليقين يأتي من البيئة»، وتشير إلى مبادئ ثلاثة تم طرحها لمدينة ووهان لمواجهة الوباء: (العلم والمشاركة والثقة). العلم يحتاج إلى الهدوء والدراسة. والمشاركة تحتاج الجميع، وتستوجب أن تبلي بلاء حسناً لنفسك أولاً، أما الثقة فهي «الثقة بالنفس، والثقة في الطاقم الطبي، والثقة في بلادنا». 
وتطرح «تشن شون هوا» الخبيرة الأكاديمية في دراسات التنظيم والابتكار، خمسة تغييرات يتعين على الشركات تطبيقها بعد أزمة الوباء، أولها التغيير الرقمي، فالوباء جعل الناس تشعر بأهمية نماذج الإنترنت في الحصول على المعلومات والتواصل.. ولعبت البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً في الوقاية من كوفيد-19، فهناك منصات رقمية لتقديم الخدمات الطبية على الإنترنت، وبرامج لتقديم استشارات فورية في حال الاشتباه في الأعراض المصاحبة للمرض. وضمن هذا الإطار تشير «تشن شون هوا» إلى أن خوازميات الذكاء الاصطناعي اختصرت زمن تحليل الحمض النووي من 55 دقيقة إلى 27 ثانية. وثانياً، دفع الوباء الشركات إلى تغيير نموذج التنمية، بحيث يتم الاتجاه نحو نمو مدفوع بالابتكار، ويستطيع التعايش مع حالة عدم اليقين. وثالثاً: اعتماد نموذج القيادة أفضل من الإدارة، فالقيادة الممتازة تستحضر معها النظام والكفاءة، أما التركيز على السيطرة فيسبب الارتباك ويبدد الفرص. القيادة تتعلق بالتوجيه والأهداف وليس بالصلاحيات وتقسيم المسؤوليات. ورابعاً: تغيير أنماط العمل في اتجاه النموذج التعاوني والمستقل من خلال الإنترنت، والتركيز على المهام والإنجازات، ومن ثم تبسيط الهياكل التنظيمية. وخامساً: التغير في نماذج التواصل العام، فالجمهور يحتاج أثناء فترة الوباء للشفافية والانفتاح والحصول على المعلومات في الوقت المناسب، وانتشار المعلومات بطريق
 مكثفة جعل من الصعب التمييز بين الصحيح منها وغير الصحيح، ما يفرض على المؤسسات تغيير طريقة الاتصال من أجل تعزيز تواصلها مع الجمهور والعملاء.

الاستجابة للوباء
يرى «ماو جي يه» عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة الشعب الصينية، أن المنطق الأساسي في الاستجابة للوباء يكمن في عدم ترك الأصل، وتحويل الأزمات إلى فرص. وباء كوفيد-19 سيؤدي إلى تسريع الاتجاه الحتمي لتطوير المؤسسات والارتقاء بها لتصبح أكثر مرونةً واستخداماً للابتكار من خلال التقنيات الرقمية، كاتجاه لا مفر منه.

تفعيل التغييرات الإدارية
يطرح «تشاو شو مينغ» أستاذ العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة نانجينج، تساؤلاً حول كيفية تفعيل التغييرات الإدارية أثناء مواجهة تداعيات الوباء؟ ويلخص إجابته في بناء منصات تعليمية تعتمد على إنترنت المؤسسات لتدريب الموظفين عبر دورات، وفقاً لاهتماماتهم، مع تعزيز منطق التعلم مدى الحياة كوسيلة وحيدة لتحسين الأوضاع الراهنة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©