السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

حوار مع ابن بطوطة

حوار مع ابن بطوطة
25 مايو 2021 00:08

عندما وصلت لطنجة في رحلة سابقة، قادتني قدماي إلى موطن الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة (محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي) – رأيت سكنه الذي تركه مرتحلاً مكتشفاً حتى صار عَلماً يُنسب له لقب الرحالة بكل جدارة، كما راودتني بعض الأسئلة له، واستغربت عندما سمعت صوته في رأسي يجيب بعصبية مشوبة بالضجر، حيث بدأت حديثي معه بسؤاله: يا أبا عبدالله، عُرفت بشيخ الرحالين ولكني لا أدري لمَ المبالغة؟ فأنت لم تزر حتى ربع دول العالم؟ فلماذا حزت قدم السبق؟
تخيلته يبتسم ويداعب لحيته مجيباً بكل هدوء: سؤالك غريب يا أبا يوسف، فهل تحسدني على هذا اللقب الذي استحققته بعد أن أمضيت ما يقارب 28 عاماً من عمري متنقلاً وشارحاً ومكتشفاً؟ في زمن لم نعرف فيه الطائرات ولا وسائل النقل الحديثة؟ لقد توقفت عن دراستي عندما بلغت 21 من العمر وانطلقت في أول رحلة لي لأداء فريضة الحج، رحلة استغرقت 24 عاماً، نعم رحلة واحدة فقط في 24 عاماً؟ ماذا تعرفون أنتم عن مشقة السفر، لقد زادت رغبتي لعيش حياة المغامرة وأمضيت جل عمري في رحلة متواصلة؟ فلم العجب؟ وهل تقارنني بمن يسافر بكل راحة ودعة، متوسداً المقاعد الوثيرة؟ لا يا أبا يوسف، فأنا – وإن كنت زرت دولاً أقل– فقد سافرتها وعانيت وكتبت ووثقت، وفي كل ذلك كنت متعلقاً بشغفي فلا تقلل من جهدي، ولا توزع الإهانات لي في مدينتي ومسقط رأسي.
شعرت بالحرج فحاولت تلطيف الجو بسؤاله: إذن حدثني، أين ذهبت؟ وماذا رأيت؟
أجابني بكل راحة: بداياتي كانت في 1325 م - رحلة لم أعد بها لبلدي إلا بعد 24 عاماً عندما انطلقت مكتشفاً المغرب الأقصى، بلاد المغرب ومصر والحبشة والشام والحجاز وتهامة ونجد والعراق واليمن وعمان والبحرين وتركستان وبلا ما وراء النهرين وبعض أجزاء من الهند والصين وجزيرة جاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا. تعرفت على ملوك تلك البلاد ومدحت الأمراء وأطلق علي الفرنجة كنية (ابن بطوطة) والتي عرفت بها، عدت بعدها إلى فاس وألفت كتابي «تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» هل قرأته يا أبا يوسف ؟ كتاب أخذ مني سنتين من عمري، لم أطق الجلوس بعدها في المغرب، انطلقت بعدها للترحال إلى بلاد الأندلس ثم رجعت إلى المغرب حيث قضيت باقي عمري هناك، وبالمجمل سافرت إلى ما يقارب من 40 دولة وقطعت حوالي 120 ألف كيلو متر مربع، مستخدماً وسائل تفتقر للراحة في تنقلي، متشبثاً بالوفود المسافرة وقوافل التجارة ملتحقاً بكل من يملك وسيلة تنقلني لآفاق أوسع.
انتهى حديثي مع ابن بطوطة، وأسرعت الخطى للخروج من حيه تتابعني نظرات سكان جيران ابن بطوطة الساخرة، التي تقول دون أن تنطق: لا تناطح الجبال، فلن ينالك إلا الزوال!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©