الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الإعلام والقيم واقعٌ جديد

شيخه محمد الجابري
24 مايو 2021 00:15

في عصر تتشابك فيه الحياة بتفاصيلها، وتزداد تعقيداً، وتتسع الفجوات بين الأفراد، وفي وقت يعاني فيه العالم من أزمة تواصل إنساني حقيقي بعد أن جثم شبح «كوفيد- 19» على العالم، أصبحنا نعايش زمناً صار الإعلام فيه أقرب للناس من الناس حيث تضخ وسائله رسائل وتقارير حول الوضع الصحي العالمي؟ وما يخلفه الفيروس من أعراض جانبية أصابت شرائح واسعة من البشر بالخوف والذعر، والغريب أن غالبية تلك الأخبار لا تُنسب إلى جهات طبية أو علماء أو مسؤولين رسميين وإنما هي، قالها «مصدر طبي» كما يرد في الأخبار، ولا نعلم حقيقة من هو ذاك المصدر الطبي، فمن المسؤول عن مراقبة ما يُبث ويُنشر، وكيف يمكن وضع تصور لما يُراد لوسائل الإعلام أن تكون عليه وتقدمه من خلال محتوى رزين يحترم المتلقّي، ويقدّم رسائل إعلامية ذات مضامين قيميّة وأخلاقية عالية.
إن الدور الإعلامي يتحرك في اتجاهين: الأول هو «الدور الإخباري» من خلال نقل المعلومات الكاملة والصحيحة للجمهور وبما يسهم في كسب ثقته، والاتجاه الثاني يتمثل في «الدور المعرفي» الذي يُشكّل توجهات الأفراد تجاه الأحداث وسلوكهم حيالها، فالمتلقي لم يعد مُستقبلاً سلبياً كما كانت تراه نظريات الإعلام القديمة، بل بات فاعلاً إيجابياً في صناعة الأحداث، ولم يعد ينتظر الحدث بل يصنعه، من هنا فإن مصداقية ما يُنشر عبر وسائل الإعلام التقليدي مهدد بما يقابله من حيوية وآنيّة وسائل التواصل الجديد، وعليه أن يتحرك باتجاه موازٍ لذلك أو سيفقد قوته.
إن المنظومات الإعلامية اليوم انتقلت من نقل الخبر إلى أيديولوجية صناعة الأحداث، ومحرك فاعل في رسم سيناريوهات خفية أو علنية لما تنقله وسائل الإعلام، فحين يصل الخبر اليوم في صورته الأولى، فإن كل منظومة توظفه وتضعه في قالب يخدم مصالحها وأجندتها، كما يقول بذلك «مايكل كاريذس» حيث لم يعد الحديث عن وسائل الإعلام مقتصراً على الوسائل التقليدية، فقد تراجعت كثيراً إلى الوراء، وحلت مكانها البرامج السريعة التي تطرح الأسئلة ولا تبحث عن حلول لما يبحث الناس من خلاله عن إجابات.
لقد أضفت التكنولوجيا الجديدة أبعاداً خطيرة وواسعة للإعلام، وأصبح الحديث اليوم عن عصر المعلومات، والتحول الرقمي، والقرية الواحدة، والانفجار المعلوماتي، فقد غزت هذه الثورة الحياة بتنوعها وأشكالها المتجددة، وشهدنا قفزة في الشكل والمحتوى والمضمون والوسائط نفسها، وتداخلت في ذلك بعض الوسائل وباتت القنوات الفضائية والإذاعات، ولقاءات الغرف المفتوحة والمغلقة تشكل مجتمعاً جديداً يفوق المجتمع الذي صنعه الإعلام التقليدي سابقاً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©