السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: عضلات الابتكار

د. شريف عرفة يكتب: عضلات الابتكار
1 مايو 2021 00:31

ليس الابتكار مقتصراً على الفنانين والمخترعين، بل إن مهارة التفكير الإبداعي ضرورية لأغلب المهن بدرجات متفاوتة.. فهناك إبداع في طريقة رص البضائع على رفوف السوبر ماركت، وفي إعداد وصفات طبخ جديدة، وفي ترتيب الغرفة في أسرع وقت ممكن.. لكل منا إبداعه الخاص، الذي يتلخص في حل مشكلة أو الإتيان بجديد يحسن الوضع القائم..
لكن، دعونا نطرح سؤال المليون دولار كما يقال: كيف يصبح الإنسان أكثر إبداعاً؟
 كسائر المهارات الذهنية، للبيئة الخارجية والفروق الجينية دور فيها.. لكنها كالعضلة يمكن تدريبها وتقويتها.. كما يتفاوت الناس في قدراتهم الرياضية، فيكون أحدهم رياضي بالفطرة، بينما يحتاج آخر لبذل جهد كي يلحقه..
فما هي العادات التي تدرب عضلة الإبداع؟ هناك الكثير.. نذكر منها:
أولاً: الحرص على استمرار المدخلات.. تخيل مخك كالخلاط.. تدخل فيه كافة صنوف الفواكه ليخرج منه الكوكتيل الخاص بك.. بالمثل، لا يستطيع الإنسان أن يكون كاتباً جيداً، ما لم يكن قارئاً جيداً.. لن يستطيع أن يكون فناناً متميزا ما لم يمد ذائقته بكل جديد.. هذه نقطة مهمة يهملها كثير من المبدعين للأسف حين يحترفون وتجرفهم انشغالات المهام الوظيفية اليومية.. لكن الحقيقة هي أن وقت فراغ المبدع ليس وقت فراغ.. بل فرصة لاكتساب مدخلات جديدة تساعده في استمرار إبداعه.
- النقطة الثانية، هي المشاعر الإيجابية.. حسب نظرية التوسيع والبناء لباربرا فريدريكسون، فإن المشاعر الإيجابية توسع مجال الإدراك.. تجعل نظرتك للعالم أوسع وأشمل من النظرة الضيقة التي تجبرك عليها المشاعر السلبية.. في المختبرات، حين يشعر الناس بمشاعر إيجابية فإن مجالهم البصري والإدراكي يتسع ويرون مالا يراه غيرهم.. سيخطر ببالك حلول مبتكرة أكثر مما يراه غيرك.. لاحظ أن المشاعر إيجابية لا تشمل فقط الضحك والقهقهة، بل أيضاً السكينة والتسلية والاهتمام.. من هذه الحالة العاطفية تأتي الأفكار، من الشرود في منظر يعجبك أو مشاهدة فيلمك المفضل.. بينما قد يحتاج التنفيذ لمشاعر سلبية تسلط تركيزك في التفاصيل.. لكل مبدع وصفته الخاصة.
- النقطة الثالثة، هي الاستمرار. الفرق بين المحترف والهاوي، هو أن الأخير لا يعمل إلا حين تراوده الرغبة.. أما المحترف فيستطيع استحضار هذه الرغبة.. ويتحقق هذا بالاعتياد والعمل المنتظم. ستيفن كينج - مثلاً - يكتب يومياً دون كلل.. وحين سئل عن «سدة الكتابة» قال: هل يجوز لرجل الإطفاء ألا يخمد الحرائق لمجرد أن مزاجه ليس رائقاً؟
- النقطة الرابعة هي التغذية المرتجعة.. المردود.. المخترع يجرب جهازه كي يعرف إذا كان يعمل أم لا، وكذلك ينبغي لأي مبدع.. الإبداع في ذاته لا يكفي إن لم يكن يحقق الغرض منه..تابع رد فعل القراء، أو المتخصصين، أو قارن إنتاجك بغيرك.. لا أحد منا يلاحظ نقاط ضعفه أو يعترف بأنه سيئ.. لا بد من وجود نقطة ارتكاز تقيس بها مدى إبداعك لتطور من نفسك.. فكثيراً ما أقابل أناساً فخورين بإبداعهم عديم الإبداع.. مقتنعين تماماً أنهم موهوبون، رغم أنهم -في حقيقة الأمر - موهومون!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©