الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

مسجد عبد الله كويليام.. أيقونة ليفربول

مسجد عبد الله كويليام.. أيقونة ليفربول
26 ابريل 2021 00:54

دينا محمود (لندن)

قد يبدو أشهر ما يميز مدينة ليفربول الساحلية الإنجليزية حالياً، بالنسبة لغالبية القراء العرب، كونها معقلاً لفريق كرة القدم الذي يحمل اسمها، ويحمل حالياً لقب الدوري الممتاز لكرة القدم في إنجلترا.
فالكثيرون، لا يعلمون أن هذه المدينة الواقعة في مقاطعة مرسيسايد شمال غربي إنجلترا، كانت المكان الذي احتضن أول مسجد أُقيمت فيه الصلاة في المملكة المتحدة بأسرها.
ويتمثل وجه الاختلاف بين المسجد الذي أقيم في ليفربول ونظيره القابع في مقاطعة صرّي إلى الجنوب الغربي من لندن، أن الأخير كان قد شُيّد خصيصاً لكي يكون مسجداً، على عكس ما حدث في هذه المدينة الساحلية الإنجليزية، من تحويل مبنى سكني إلى مُصلى، على يد المحامي البريطاني وليام هنري كويليام (1856 - 1932)، الذي أطلق اسم عبد الله بعد اعتناقه الإسلام عام 1887، عقب عودته من رحلة إلى المغرب.

طراز جورجي
وفي عام 1889، أي في العام نفسه الذي أُقيم فيه مسجد «ووكينج» في صرّي، اشترى كويليام، الذي يُقال: إنه أول إنجليزي يعتنق الإسلام على الإطلاق في بريطانيا، مبنى «8 بروم تيراس»، الواقع في شارع «ويست دربي روَد» في ليفربول، وأنشأ فيه ما أُطلق عليه في ثمانينيات القرن التاسع عشر، «معهد مسلمي ليفربول».
ولأن المبنى كان مُشيّداً في الأصل على الطراز الجورجي في العِمارة، الذي انتشر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في الدول الناطقة باللغة الإنجليزية، فقد كان بحاجة إلى الكثير من التعديلات، على يد المهندس المعماري جوزيف ماكجفرن، لكي يُفْتَتَح كمسجد في 25 ديسمبر 1889، وهو اليوم الذي يحتفل فيه المسيحيون الكاثوليك والبروتستانت بيوم عيد الميلاد.

تصميمات داخلية
وفي هذا الإطار، أُضيفَت إلى التصميمات الداخلية للمبنى، العديد من العناصر ذات الصلة بعمارة المساجد، على رأسها محراب لتحديد اتجاه القبلة. وقد اسْتُوحيَ تصميم هذا المحراب، من نظيرٍ له مزخرف، يوجد في مسجد أحمد بن طولون في العاصمة المصرية القاهرة، بالإضافة إلى ذلك، لم يغفل القائمون على المشروع، جلب منبر للمسجد، الذي كان الأذان يُرفع فيه، من شرفة بالطابق الأول من المبنى.
وبالنسبة للعدد المحدود من المسلمين في ليفربول آنذاك، لم يكن المسجد، الذي أطلق عليه البعض اسم «مسجد ليفربول الصغير»، مجرد بقعة لأداء الصلوات، ولكنه أصبح بمثابة مكان للتجمع والالتقاء كذلك. وبلغ أقصى عدد للمترددين عليه في سنواته الأولى، 150 شخصاً. وبفضل التبرعات التي تلقاها القائمون على مشروع هذا المسجد من شتى أرجاء العالم الإسلامي، تم شراء المبنييْن المجاوريْن له رقميْ 9 و10، لإقامة دار للنشر وقاعة للمحاضرات ومدرسة داخلية للفتية وأخرى عادية للفتيات، بجانب دار للأيتام.
ومن هذا المكان أيضاً، أصدر كويليام جريدة «الهلال» الأسبوعية، التي استمرت بين عاميْ 1893 و1908، وكذلك مجلة «العالم الإسلامي» الشهرية، التي كانت تُوزع في 20 دولة. كما نشر كتيبات من بينها «الإيمان في الإسلام» و«عقيدة الإسلام»، الذي قيل إن الملكة فيكتوريا، ملكة بريطانيا في ذلك الوقت، كانت من بين من طلبوا الاطلاع عليه.

ليفربول
وفي ظل التقديرات التي تشير إلى أن عدد من أسلموا على يد كويليام، يتراوح ما بين العشرات والمئات من البريطانيين، بينهم شخصيات مرموقة، لم يكن مفاجئاً أن يُمنح هذا الرجل في منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر، لقب «شيخ الإسلام في الجزر البريطانية». 
ويعزو البعض وصول عدد المسلمين في ليفربول الآن - وفقاً لتعداد السكان الذي أُجري في بريطانيا عام 2016 - إلى 24.550 ألف شخص من أصل أكثر من 900 ألف هم كل سكان المدينة، إلى الجهود المبكرة التي بذلها كويليام على هذا الصعيد. لكن المشكلات التي واجهها ذلك الرجل، في ما بعد في مجال عمله كمحامٍ، أجبرته على مغادرة بريطانيا كلها في عام 1908، ما أدى إلى طي صفحة المعهد، وتحول المبنى الذي كان يضم المسجد، إلى مركز تسجيل تابع للسلطات المحلية في ليفربول.
ورغم أن كويليام عاد إلى بلاده عام 1914، واختار لنفسه اسم هارون مصطفى ليون، فقد ظل مبنى المسجد مغلقاً، حتى أُعيد ترميمه في السنوات القليلة الماضية على يد جمعية أُسِسَت عام 1996، باسم عبد الله كويليام.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©