الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: «السوشيال ميديا» تسبب الوحدة.. كيف؟

د. شريف عرفة
24 ابريل 2021 00:50

 ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي والدردشة، في الأعوام الأولى من انتشار شبكة الإنترنت..  لسد احتياج البشر الأساسي في التواصل.. وقتها قيل إن الإنترنت سيجعل العالم قرية صغيرة ولن يشعر إنسان بالوحدة بعد اليوم، حيث أصبح الناس أقرب لبعضهم من أي وقت مضى وأصبح التواصل ممكناً بضغطة زر.. والآن، بعد أن أصبح الإنترنت جزءاً أساسياً من نسيج حياتنا اليومية.. فهل قضى على الوحدة حقاً كما كنا نعتقد؟
في حقيقة الأمر، ما حدث هو العكس! في دراسة نشرت في الدورية الأميركية للطب الوقائي، قام علماء من كلية الطب بجامعة بيتسبرغ «بريان بريماك وزملاؤه» بدراسة سلوك 1787 مستخدماً لـ 11 منصة للتواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة .. وجدوا فيها أن زيادة استخدام هذه المواقع، يرافقها زيادة في شعور الإنسان بالوحدة والعزلة الاجتماعية، وليس العكس!
فما تفسير هذه النتيجة؟

التفسير الأول: تفويت الفرص
يعتبر بعض الباحثين ببساطة أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة يوفر تجربة اجتماعية زائفة للمستخدم، ويمده بمعطيات وصور تداعب احتياجه النفسي للتواصل الاجتماعي، لكنها لا تمنحها له فعليا.. ومع زيادة الاستخدام يضيع الإنسان الوقت والفرص الحقيقية التي كان بإمكانه استغلالها للتفاعل الاجتماعي الواقعي.. وهو ما تراه في المنزل حين ينشغل كل من أفراد الأسرة في هاتفه، بل حين يجلس الأصدقاء معاً وعين كل منهم على موقع التواصل الاجتماعي متناسياً أنه في تواصل اجتماعي فعلي!
ببساطة: قد يكون السبب هو أن زيادة استخدام هذه المواقع والتعلق بها، يضيع الوقت وفرص التواصل الحقيقي، ومن ثم يزيد الشعور بالوحدة.

التفسير الثاني: الشعور بالنقص
ترتبط بعض مواقع التواصل الاجتماعي بإبراز صورة إيجابية لحياة الآخرين أكثر مما هي عليه بالفعل.. فالناس يسجلون اللحظات السعيدة فقط من دون غيرها على موقع إنستغرام مثلاً.. الذي يوفر الفلاتر/ المرشحات التي تجعل شكل الصور أكثر إبهاراً مما هي عليه بالفعل.. تجعل الوجه أكثر نضارة والحدائق أكثر اخضراراً والسماء أبهى جمالاً.. ومن ثم، فزيادة استخدام هذه المواقع أكثر من اللازم يورث الإنسان - بشكل لا واع - شعوراً بعدم الراحة حين ينظر لحياته الشخصية فلا يجدها كحيوات الآخرين.. بل قد يشعر أنه منبوذ اجتماعياً حين يرى صور أصدقائه وهم يحظون بوقت طيب بدون وجوده معهم.. وهي صور خاصة لم تكن مشاهدتها متاحة بهذا القدر في الماضي القريب.. لأنك لم تكن ترى أصدقاءك إلا حين تقابلهم فعلياً!
باختصار: قد يكون السبب هو أن مواقع التواصل تبرز حياة زائفة للناس، وتعطي انطباعاً أنهم سعداء وفي حياتهم أحداث أكثر بهجة من حياة المستخدم، ومن ثم يزيد إحساسه بالإقصاء الاجتماعي ومن ثم الوحدة.

التفسير الثالث: علاقة غير سببية
يرى فريق ثالث من الباحثين أن العلاقة قد لا تكون سببية، بل إن الأشخاص الأكثر شعوراً بالوحدة في الأصل هم الذين يستخدمون مواقع التواصل أكثر من غيرهم.. ومن ثم نجد الأشخاص الأكثر استخداماً لمواقع التواصل الاجتماعي يسجلون درجات أعلى في المقاييس النفسية التي تقيس الشعور بالوحدة! إن وسائل التواصل الاجتماعي قد لا تكون بهذا الضرر الذي يتصوره بعضهم.
باختصار: مثل كافة القضايا الإنسانية التي تتشابك العوامل المؤثرة فيها، يبدو أن الإجابة الصحيحة هي: جميع ما سبق.
هذه المواقع جعلتنا أقرب لبعضنا بالفعل، لكن يبدو أن مكمن المشكلة في اعتبارها انعكاساً حقيقياً لحياة الناس، وفي الإفراط في استخدامها الذي يضيع فرص التواصل الاجتماعي الحقيقي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©