عدد اليوم
خولة علي (دبي)
الأم.. حب وعطاء وتضحية، نهر لا ينضب من العطف والحنان، هي الروح التي تحفنا وتحيط بنا خوفاً وحباً، ونحن إذ نحتفي بيوم الأم الذي يصادف الواحد والعشرين من مارس في كل عام، نقف فيه حباً واحتراماً وتبجيلاً للدور العظيم الذي تقوم به الأم، في بناء المجتمعات وصناعة الأجيال، فهي تلعب دوراً مؤثراً في تكوين أسرة متماسكة، ومجتمع سليم، من خلال عطائها المستمر وحرصها الدائم على جلب السكينة والطمأنينة والأمان والحفاظ على كيان الأسرة، وعلينا أن نحسن إليها طوال العام وليس في يوم معين، وأن يكون التعبير عملياً، وليس مجرد كلمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا تنم عن حقيقة مشاعرنا.
ندى فنري، مستشارة اجتماعية والمختصة في تعديل السلوك، هنأت كل أم ترسم الفرحة والبهجة في قلوب أطفالها بحبها غير المشروط، الذي يعد أنقى وأجمل شعور في العالم، وقالت: هذا يعني المحبة بلا مقابل وعطاء بلا ثمن، عندما نقول الخير نقصد الأم، فهي منذ اللحظة الأولى التي تعلم فيها الأم أنها حامل تنشأ علاقة بينها، وبين الجنين لا نقل علاقة خرافية أو وهمية، إنها علاقة حقيقية من نوع خاص فتتحمل آلام الولادة، وتفرح لرؤية طفلها أمام عينيها، وهو ينبض بالحياة فتضمه إلى صدرها بجسدها المنهك ورأسها المكلل بهالة من الرضا، إنها جوهر الحياة تمنح السعادة لأطفالها منذ لحظة استيقاظها، وتعلمهم خلال اليوم كل ما يحتاجون معتمدة بذلك على كل الطرق التربوية المناسبة لهم، وتمد لهم يد العون لمساعدتهم ولا يغمض لها عين، حتى ترى أبناءها يترعرعون بخير تحت كنفها بالحب والحنان والصبر، وهي مدركة أهمية ذلك.
وأضافت: بوجود الأم نشعر أن كل شيء في الدنيا رائع، وأن الفرح يعم الجميع، فهي سند لنا في الأزمات، وتضحي لأجلنا لذلك، فإلى أمي أقول: مهما حاولت أن نقدم لك لن أوفيك حقك، منك تعلمت من أنا وكيف أكون، وتابعت ذلك مع أولادي، فأنتِ قدوتي بصفاء قلبك وعظيم عطائك وحكاياتك الحلوة التي لا تزال في ذاكرتي وأعيدها مراراً وتكراراً لما فيها من العبرة، والتحفيز بحلوها ومرها.
جسر العطاء
الإعلامية أمل النعيمي قالت: أمي ككل الأمهات في زمنها، جسورة معطاءة أبية متعاونة صبورة، منذ أن وعيت على الدنيا لفتت نظري ابتسامتها وضحكاتها التي تملأ الدنيا سعادة، ورغم كل لحظات الحياة الصعبة، تجاوزت آلام الوقت، أحبت أن تستغل كل حواسها، فكان الراديو الصغير يرافقها عبر نوافذ المنزل الكبير لجدي، تسمع كل المحطات وصوت العرب أكثرهم، وكانت أغنية الأم لفايزة أحمد تأخذ منها سيلاً من الدموع، وتتذكر أشياء من طفولتها حتى بعد أن كبرت وتركت أمها وأباها، كان بكاؤها صامتاً حين تسمع هذا النوع من الأغاني.
وأضافت: هذا المشهد أسترجعه في كل عام من يوم الأم، هذه الأم التي تعلمنا منها كيف يكون الصمت رأس الحكمة، وأن الكتاب هو الصديق الدائم، وأن إتمام تعليمنا هو جُل مطلبها، تنازلها عن الكثير من ملذات الحياة لتحفظ لنا كل الوسائل لنيل أعلى الدرجات الأكاديمية.
نبع الحكمة والأمان
فاخرة عبدالله، المدير التنفيذي للسعادة في جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية توضح: تتوالى السنون ويتوالى معها الاحتفاء بالأم، والتي تعد الحقيقة الثابتة لمعنى الحنان والاحتواء، هي منبع الحكمة والأمان، هي المرأة التي لديها أدوار عدة تمارسها بعاطفةٍ صادقة، فهي الابنة التي تخاف على والديها، والأخت التي تحتوي أخوتها، والصديقة التي تدعم صديقاتها، وهي الأم التي تحمي أطفالها، وهي الجدة التي تجتمع من حولها الأسرة، وهي الناجحة في وسط عملها والفخورة بنصفها الآخر الرجل، والذي تكتمل به منظومة الأسرة، فالحديث عن نعمة الأم حديث متجذر بالسعادة والحب والطمأنينة. فما أجمل اللحظات عند رؤية وجه الأم وهي مبتسمة مستبشرة!
ركيزة البيت
وحول تأثير الأم في كيان الأسرة، قالت سحر الهاشمي اختصاصية نفسية، إن ثقل البيت وركيزته هي الأم، فقد لعبت الأم دوراً مهماً عبر التاريخ من مساندة لأسرتها في جميع الأوقات في الحرب والسلم، وكانت وما زالت مصدر استقرار نفسي للأبناء منذ طفولتهم، فهي الأمان الذي قد يفتقدوه في العالم الخارجي بكل تحدياته، وهي الشخص الوحيد الذي يعطي من دون شروط وبدون مقابل، وهي لعظمة عطائها جعل الله سبحانه وتعالى رضاها وبرها طريقاً للجنة، فحري بنا أن نجعل كل أيامنا احتفاء وتقديراً لهذا القلب الذي ينبض بالعطاء.
