الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الشيخوخة.. كيف نعبرها بسلام؟

الشيخوخة.. كيف نعبرها بسلام؟
20 مارس 2021 00:11

محمد وقيف (أبوظبي)

تُعد الشيخوخة السبب الرئيس للموت والمعاناة في العالم، وليس السرطان أو أمراض القلب. وإذا كنا نعتبر أنه لا مفر من أن تبدأ أجسامنا وعقولنا في التدهور، ويزداد احتمال موتنا جراء تدهور الوظائف العقلية أو المرض مع تقدمنا في العمر، فإننا في الواقع نادراً ما نسأل: هل الشيخوخة ضرورية؟ علماء البيولوجيا يبحثون هذا السؤال منذ سنوات، متسائلين ما إن كان من الممكن حقاً تجنب التلف والتدهور اللذين يصيبان أجسامنا. 

العقل والجسم
في كتابه «دائم الشباب.. العلم الجديد للتقدم في السن من دون الإصابة بالشيخوخة»، يجيب المؤلف آندرو ستيل بالإيجاب. فالشيخوخة، بكل ما تنطوي عليه من معاناة وتدهور في وظائف العقل والجسم، ليست حتمية، بل يمكن تجنبها، وفق ستيل، الذي وإن كان لا يروّج لأي مزاعم حول الخلود والبقاء الأزلي، إلا أنه يقدّم تلخيصاً مذهلاً للعوامل البيولوجية التي تجعل البشر يشيخون وللتقنيات الصاعدة لمواجهة الشيخوخة، مبشّراً بإمكانية حياة أكثر امتداداً وصحة.

وتختلف أعمار البشر اختلافاً كبيراً حسب الزمان والمكان. ففي بداية القرن التاسع عشر، مثلا، كان أمد حياة دون سن الأربعين هو القاعدة في كل مكان، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في وفيات الأطفال. ومستخلصاً أمثلة من مملكة الحيوان، يشير ستيل إلى أن الأعمار تختلف كثيراً، من خمس دقائق لذبابة مايو، وهي نوع من الحشرات المائية، إلى 400 عام بالنسبة لقرش غرينلاند. 

الكائنات الغريبة
وبالطبع، البشر مختلفون، لكن إذا قبلنا بفكرة أن الحياة البشرية ليست محصورة في 82 عاماً، وسعينا لاستكشاف كل الفرص التي يتيحها العلم، فقد نكون أشبه بالسلاحف. ومثلما يشرح ستيل، فإن سلحفاة جزر غالاباغوس، إلى جانب عدد قليل من الكائنات الغريبة في عالم الطبيعة مثل السمندل، «لا تعاني من أي تلف واضح في الحركة أو الحواس مع تقدمها في السن، ولا تصاب بأي انخفاض في الخصوبة بسبب السن». فهذه الحيوانات لا تُظهر أي تدهور مرتبط بالعمر، وتبدو شابة في سن الـ170 مثلما تبدو كذلك في سن الـ30. كما أن احتمال موتها يظل ثابتاً لا يتغير من الولادة إلى الموت، ولا يزداد مع تقدمها في السن. 

جينات العمر 
هل يستطيع البشر إيجاد طريقة بمساعدة العلم ليتقدموا في السن من دون أن يصابوا بالشيخوخة؟ آندرو ستيل، الباحث في معهد فرانسيس كريك، الذي يُعد أكبر وأحدث مختبر للطب الحيوي في بريطانيا، يُظهر أن الجواب يكمن في مستوى الخلايا، ويأخذنا في رحلة عبر المختبرات، حيث يدرس العلماء كل جانب من جوانب الخلية، مثل الحمض النووي، والميتوكوندريا، والخلايا الجذعية، وأنظمتنا المناعية، وحتى جينات العمر التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة بعشرة أضعاف في العمر (عند الديدان)، وكل ذلك في محاولة لتأخير التدهور الحتمي للجسم.

الخلايا الشائخة
الواقع أنه ما زال أمام العلم طريق طويل ليقطعه. فكما يشير ستيل، فإن معظم الأبحاث ما زالت في مراحلها الأولى، كما أنها تنطوي على إمكانية وقوع انزلاقات وعواقب غير مقصودة. غير أن هناك عدداً من المقاربات الواعدة التي تبعث على الأمل، بالنظر إلى التقدم الكبير في الحوسبة التي حفّزت علاجات جديدة.

ويفترض ستيل أن الأدوية المضادة للشيخوخة -- تلك الأدوية التي تدمّر الخلايا الشائخة -- يمكن أن تصبح متاحة خلال السنوات القليلة المقبلة، وإن من أجل التعاطي مع أمراض مرتبطة بالسن، وليس مع الشيخوخة في حد ذاتها. وبعد ذلك «يمكن أن تصبح علاجات أكثر تقدماً مثل علاجات الخلايا الجذعية والجينات متاحة وفق جداول زمنية تقاس بالعقود». غير أنه على افتراض تحقق الحلم الذي يراود الكثيرين وتسنى التخلص من التجاعيد والشعر الأبيض إلى غير رجعة، فهل نحن مستعدون حقاً لمجتمع دائم الشباب ومن دون شيخوخة؟ ستيل يكتب أن لا أحد كان سيخترع معاناة الشيخوخة لتكون حلاً لعالم مكتظ بالبشر، غير أن هذا السعي يطرح مع ذلك جملة من التحديات. فبدلاً من سيناريو خيالي لمواطنين في عقدهم العاشر متوجهين إلى العمل بوجوه تشع رشاقة وحيوية، ربما سنرى أولاً تكريساً للتفاوت الاجتماعي وتفاقماً لانعدام المساواة الموجود أصلاً في المجال الصحي اليوم. ففي بلد متقدم مثل المملكة المتحدة، مثلاً، هناك هوة في أمد الحياة تبلغ تسع سنوات بين أغنى مناطق البلاد وأفقرها. وإذا أضفنا إلى ذلك بعض الأدوية الوقائية باهظة الثمن، فبوسعك أن تخمّن مَن سيكون بمقدوره الحصول عليها أولاً.

عنوان الكتاب: دائم الشباب.. العلم الجديد للتقدم في السن من دون الإصابة بالشيخوخة
المؤلف: آندرو ستيل
دار النشر: بلومزبري بابليشنغ
تاريخ النشر: ديسمبر 2020

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©