الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

اللوفر أبوظبي.. لآلئ عائمة

اللوفر أبوظبي.. لآلئ عائمة
19 مارس 2021 00:53

نسرين درزي (أبوظبي) 

منذ الإعلان عن تأسيس متحف اللوفر أبوظبي بجزيرة السعديات والعيون شاخصة باتجاه الصرح الثقافي الذي تحول مع افتتاحه في نوفمبر 2017 إلى قبة هندسية عائمة على الماء ومستمدة من فنون العمارة العربية، في خطوط آسرة تعكس لعبة النور والظل، وتجسد الموروث المحلي في مشهدية تخاطب خيوط الشمس، وهي تنساب بين أشجار النخيل.  وبهذه الأيقونة الاستثنائية المشيدة من 7850 نجمة فضية، تمكن المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل، الذي يعد من الأهم في مجاله خلال الخمسين سنة الأخيرة، من وضع تصميم متفرد لمبنى «اللوفر أبوظبي» الممتد على مساحة 97 ألف متر مربع، مستلهماً إبداعه من الرؤية الثاقبة لدولة الإمارات وإنجازاتها العالمية.

قبة المتحف التي شغلت خبراء العمارة وذواقة الفن بجمالياتها الهندسية، قد تبدو من بعيد جزءاً مكملاً لهيكل معماري يطفو على سطح البحر، إلا أنها التركيبة المعمارية الرئيسية فيه، إذ تزن 7500 طن، أي ما يعادل وزن برج «إيفل» في باريس، وهي بنية معقدة مكوّنة من مجموعات هائلة من النجوم المكررة بمختلف الأحجام والزوايا ضمن 8 طبقات متباينة، 4 خارجية مغطاة بالفولاذ المقاوم للصدأ، و4 داخلية مغطاة بالألمنيوم. وعدا عن الإبداع الهندسي للقبة، إلا أن الغاية منها لا تقتصر على الناحية الجمالية، وإنما تدخل في مفهوم الإضاءة الطبيعية للمتحف بحيث ترسم من خلال نجوم القبة تأثيراً ملهماً يُعرف باسم «شعاع النور»، وهو تصميم مستوحى من طبيعة دولة الإمارات وأوراق النخيل الوارفة فيها، والتي تلتقط أشعة الشمس من أعلى وتنثرها على الأرض بقعاً من ضوء.

إبهار مشهدي
عن محطات الجذب التي تستوقف جمهور «اللوفر أبوظبي» قال أحمد البلوشي مدير الأمن والسلامة في المتحف، لـ «الاتحاد»، إن الصرح يشكل معلماً بارزاً وتحفة متفردة تزين جزيرة السعديات، ويبهر بمشهديته كل من يتأمله من قريب أو بعيد. وذكر أن أبرز ما يميز المتحف تلك القبة الفضية التي تجعله أشبه بمدينة عصرية تنسجم مع خطوط العمارة العربية والتقاليد الإماراتية، مشيراً إلى أن مباني «اللوفر أبوظبي» صممت بطريقة ذكية، بحيث يشعر الزائر بأنه يجول ضمنها بين شوارع مدينة واحدة، تلونها لمسات الطبيعة مع الانعكاسات الضوئية والإطلالات المائية.

وأوضح البلوشي أن المتحف استطاع أن يحظى بتقدير خبراء الفن والمهندسين المعماريين والجمهور العريض، بحيث لم يكن من المستغرب أن يُعتبر علامة فارقة جديدة في تاريخ الهندسة المعمارية. وأضاف أن مفهوم «اللوفر أبوظبي» بما يتضمنه من تحف وأعمال معروضة، يستهلّ تغييراً في المنظور الفني، ويطرح تساؤلات جديدة على مختلف المتاحف القائمة حالياً، وتلك التي سيتم تأسيسها في المستقبل.

7850 نجمة
«اللوفر أبوظبي» الذي انطلقت أعمال تشييده في العام 2013 على شكل أرخبيل وأشبه بمدينة تعانق المياه، يصل الزائر إليه عبر البر أو البحر، وتتاح في محيطه جولات قوارب «الكاياك»، وسط أجواء تدمج ما بين الثقافة والسياحة والترفيه، وهو يرتفع 40 متراً عن سطح البحر، فيما ترتفع قبته 36 متراً فوق سطح الأرض و29 متراً من الداخل. والقبة التي يبلغ قطر قاعدتها 180 متراً، تقوم على 4 دعامات مدمجة في بنيان المتحف، مما يمنحها تأثيرها العائم، بحيث تبعد كل دعامة عن الأخرى 110 أمتار، وفيما تزن القبة الضخمة 7500 طن، فهي تتألف من 85 قطعة هندسية كبيرة، معدل وزن الواحدة منها نحو 50 طناً، وتضم 7850 نجمة بأحجام متفاوتة يبلغ قطر أكبرها 13 متراً، بوزن 1.3 طن.

تظليل ذاتي 
وإلى رونقها الخاص، تخدم قبة «اللوفر أبوظبي» عدداً من الأغراض البيئية، وهي بمثابة مظلة تحمي الساحة الخارجية والمباني الواقعة أسفلها من الحرارة، مع استخدام تأثير التظليل الذاتي ومنافذ التهوية للسماح بدخول نور النهار، من دون زيادة تدفق الرياح والكتلة الحرارية المكشوفة، مثل الأرضيات الحجرية والتغطية التي تسمح بالتبريد الليلي. ويُنشئ المتحف نظاماً بيئياً مصغراً من خلال تقنيات التصميم وفق معطيات الطاقة الشمسية المستوحاة من الموروث الإماراتي ومفهوم العمارة التقليدية في المنطقة، وتقنيات تصفية المياه من الرواسب الحديدية، وأنظمة التكييف عالية الكفاءة والإضاءة، وسواها من التجهيزات.

55 مبنى 
مع هذه الدلالات الآسرة لحجم التفرد العمراني الذي يتمتع به المتحف، يغوص الزوار في أرجائه، حيث تأخذهم الرحلة ليس فقط إلى تأمل مقتنياته النادرة من حضارات العالم، وإنما للتعرف إلى وحداته، في تجربة تشبه التجول في شوارع ضيقة، كل محطة فيها استكشاف. وأكبر عناوينها 55 مبنى منفصلاً، بما فيها 23 قاعة عرض مستوحاة بالكامل من المنازل المنخفضة في البيئة المحلية، بينها مناطق مخصصة للأنشطة العامة مثل التجديف وعروض الأفلام والفعاليات والمحاضرات.

وهنا تطول الرحلة مع عدة وقفات، إذ تبلغ المساحة الإجمالية للقاعات 8600 متر مربع، 6400 متر مربع منها مخصصة للمعارض، 2000 متر مربع للقطع الفنية، و200 متر مربع لمتحف الأطفال. ويمتد مسرح المتحف على مساحة 420 متراً مربعاً، بسعة 270 ضيفاً. 

منظور معاصر
متحف اللوفر أبوظبي يتخطى كل ما هو تقليدي، إذ يجمع في لقاء نادر بين نزهات وسط الطبيعة ينعم فيها الجميع بالهدوء، وجولات ثقافية في الداخل، حيث تتجلى عند الجدران وعلى الأرضيات باقة متجددة من المجموعات الفنية القيمة. والمتحف الواقع في بقعة جغرافية تنبض بتوصيات الحفاظ على الإرث الحضاري في مجتمع الإمارات الذي يثمن مفهوم التعايش والتلاقي بين الشعوب، هو واحد من متاحف مختلفة وغنية بتنوعها تضمها المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات. 

أسقف منخفضة
صمم «اللوفر أبوظبي» المهندس المعماري الفرنسي الشهير جان نوفيل، الحائز جائزة «بريتزكر»، مستمداً إلهامه من الصفوف المتباينة للمباني البيضاء المتأصلة في فنون العمارة بالمدن العربية المتميزة بأسقفها المنخفضة.

7500 طن
«اللوفر أبوظبي» ومع أنه يقوم على رمز من رموز الهندسة المعمارية العربية، أي القبة، إلا أنه يقدمها من منظور جديد ومعاصر. وهي تزن 7500 طن وتضم 8 طبقات متباينة مغطاة بالفولاذ والألمنيوم.

الاستدامة
تم إنشاء المتحف على مستوى المرتبة الفضية في الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة (LEED)، وحقّق تصنيف 3 لآلئ من نظام الاستدامة للتقييم بدرجات اللؤلؤ.

تأمل وهدوء
وصف المهندس جان نوفيل «اللوفر أبوظبي» قائلاً: إنه عالم يتميز بالحفاوة، يجمع بصفائه بين النور والظل والتأمل والهدوء، وهو مدينة تطوق للانتماء إلى بلد تنهل من تاريخه وجغرافيته، وتضيء من خلاله على اكتشافات استثنائية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©