عدد اليوم
أبوظبي (الاتحاد)
آلة المنجور.. كان الأجداد يستمتعون بصوته أثناء سقي المزارع والمحاصيل، وكان أصحاب الماجير ينفذون تحدياً حول من يخرج أجمل صوت أكثر من غيره ويضرب به المثل..
المنجور عبارة عن عجلة خشبية مسننة تدور حول محور يسمى «حطبة المنجوار»، حيث يقوم الحيوان، وعادة ما يكون «ثور أو حمار»، بجر عبر الحبل ذهاباً وإياباً باستمرار في ممر مائل أمام بئر المياه، إذ يتم خلال مرحلة الذهاب جر الإناء مملوءاً بالماء من البئر لتفريغه في الجابية، أما خلال رحلة العودة، فإن الإناء يعود فارغاً إلى البئر ليملأ بالماء مرة أخرى، وقد يكون هناك مساعدون للسقاي، مهمتهم استقبال الإناء المملوء بالماء وتفريغه في الساقية، وبعدها إعادته إلى البئر، ويستمر المشهد طويلاً وقد يستغرق وقتاً لا حدود له، لكنه كان في ذلك الزمن «عنوان الحياة»، فكلما استمر صوت آلة المنجور، تدفق الماء وارتوت المزروعات لتنتعش.
صوت المنجور سيمفونية تدغدغ كل الحواس، وتشد كل من يسمعها ليتابعها باهتمام، فهي تشد الهمة وتفجر الإرادة، وتدفع للمزيد من العطاء لعمال المزارع الذين يعملون على تدوير الثور على شكل أخدود مائل يسمى «الخب»، ورغم أن عزفها لا يتطلب آلات خاصة أو عازفين مهرة، فإن صوتها الذي يصدر من احتكاك الخشب مع الحبال له وقع خاص، كما يصدر صوتاً موسيقياً شجياً يتحكم في نغمة صاحب الثور، نتيجة احتكاك المنجور بحطبته أو محوره أثناء الدوران، كما أن بعض القرى لا تزال تستخدم الزواجر للمحافظة على هذا الإرث الشعبي.
أدوات المنجور المكملة له، مثل الحبل والدلو والثور وغيرها، تُسمى جميعاً بـ «الزاجرة»، وقد سميت بذلك لدلالات هذه الكلمة من حيث شقها العملي، فقد يكُون اشتقاقاً من كلمة زجر أي زجر الثور، وتستخدم لمواصلة العمل، فهي وسيلة مهمة تصاحبها كلمات مغناة على نغم دوران المنجور، يمدح فيها المزارع الثور، ويطبطب على رقبته بحنية تجعله يتحمل تلك المشاق الكبيرة في رفع دلو ضخم مملوء بالمياه، ليدفقه في بركة عميقة، ومنها إلى الغميلة والحوض، ومن ثم في ساقية ترابية تُسمى «العامد» لها فتحات جانبية تُسمى «الصوار»، لتروي الجلب المزروعة بقدر محدد من المياه.
