الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

نقد الذات.. جيد أم سيئ ؟

نقد الذات.. جيد أم سيئ ؟
30 يناير 2021 00:03

د. شريف عرفة

هل تلوم نفسك دائماً؟
كثيراً ما تراودنا أفكار سلبية تتعلق بنظرتنا لأنفسنا.. هل أداؤنا جيد بما فيه الكفاية؟ هل نحتاج لتطوير أنفسنا كي نصبح أفضل؟
كثيراً ما يقال إن النقد الذاتي شيء جيد.. إلا أن «محاسبة النفس» قد تتحول لصورة مؤذية من «جلد الذات» إن لم نلاحظ الفرق بينهما جيداً!
في دراسة حديثة نشرت في الدورية العلمية «كاونسلينج آند سايكوثيرابي ريسيرش» وجدوا أن زيادة لوم النفس ونقدها باستمرار، أمر مضر لصحتنا النفسية.. لدرجة أن تقليل هذا النمط من التفكير يساعد في التعافي من الاكتئاب والوقاية منه!

  • الباحثة إليزابيث شانشي
    الباحثة إليزابيث شانشي

للتعرف على الحد الفاصل بين نقد الذات وجلدها، كان لنا حوار مع الباحثة الرئيسية في هذه الدراسة، إليزابيث شانشي Elisabeth Schanche الأستاذ المساعد بقسم علم النفس الإكلينيكي بجامعة بيرجين، في النرويج، والتي حدثتنا عن التفاصيل..

1- هل هناك نمط من التفكير يضر الصحة النفسية؟
وجود أفكار سلبية ليس مشكلة في حد ذاته، فكلنا لدينا مثل هذه الأفكار. المشكلة تحدث حين يتم الخلط بين هذه الأفكار والواقع.. مثل الأفكار التي تجعلنا رافضين لأنفسنا ونرى أننا لسنا جيدين بما فيه الكفاية.. هذه مجرد أفكار عابرة، لكن حين يتم التسليم بها واعتبارها حقائق، قد يصعب التوقف عنها.. فهي تدفعنا لاجترار إخفاقات الماضي، وتخيل عواقبها علينا في المستقبل، ولوم أنفسنا لأننا لم نتصرف بطريقة أخرى.. مثل هذا الاجترار السلبي يمكن أن يقوي الشعور بالعزلة عن الآخرين، ويستنزف طاقتنا بشدة.

أفكار النقد الذاتي المتكررة هذه تؤثر على مشاعرنا وتغير مزاجنا. إنها مثل التعرض للتنمر، فقط تحدث من الداخل من خلال حوارنا مع أنفسنا. وبمرور الوقت قد تزيد من شعورنا بالقلق ومن ثم بالإرهاق واليأس.. وعندما نقضي الكثير من الوقت في ممارسة القلق ولوم النفس، فإننا نقوي هذا الاتجاه في التفكير، بجعل هذه الأفكار النقدية معتادة ومتاحة في عقولنا فتحدث بتلقائية وسهولة أكبر. لذا فالميل إلى انتقاد أنفسنا واجترار إخفاقاتنا وتذكر عيوبنا أكثر من اللازم، يمكن أن يجعلنا بالتالي عرضة للاكتئاب.

2- ألا يساعدنا النقد الذاتي في تطوير أنفسنا؟
هناك نوع مفيد للنقد الذاتي، ونوع آخر ضار.. النقد البناء يتضمن النظر في سلوكنا وتقييمه بهدف تحسين أنفسنا.. كما أن النقد البناء يأخذ في الاعتبار الجوانب الإيجابية التي تسير على ما يرام، إلى جانب ما يحتاج إلى تحسين.. هذا النوع من الانتقاد صحي ويصاحبه الأمل في إمكانية عمل شيء ما، وأننا لسنا حالة ميؤوس منها.

بينما النقد غير الصحي غالباً ما يفتقر إلى الفروق الدقيقة ويصدر أحكاماً مطلقة مختزلاً الأمور إلى أبيض وأسود. كأن يتخذ الحوار الداخلي شكلاً مثل: «أنت أحمق!» أو «لن تحصل على هذا بالشكل الصحيح أبداً!» وغالباً ما يتركنا النقد غير الصحي في حالة من الانكماش والشعور بأنه لا يوجد شيء يمكن القيام به.
يمكن تمييز الفرق بين النقد الصحي وغير الصحي بسهولة إذا تخيلنا توجيه هذا النقد إلى شخص آخر نهتم به بشدة، بنفس الطريقة التي تنتقد بها نفسك، كيف تعتقد أنه سيشعر ويستجيب؟ غالباً ما يمكن اكتشاف هذا التنمر النفسي من خلال هذه التجربة الفكرية.

3- ما هي نصيحتك لقرائنا لتحسين صحتهم النفسية؟
هناك عدة طرق يمكننا من خلالها التعامل مع ميلنا المستمر للوم أنفسنا.. فمعظم أشكال الإرشاد النفسي تهدف إلى مساعدة الأشخاص على إدراك أفكارهم وعواطفهم والتواصل معها بطرق مفيدة. مثل الوعي بالنقد الذاتي المدمر أو التدرب على اكتساب القدرة على أخذ استراحة منه.

كما تحتوي الممارسات التأملية، مثل تأمل اليقظة الذهنية، على ممارسات يمكنها تعزيز الوعي بالأفكار.. من خلال تعلم ملاحظة الأفكار عند وصولها، وقتها يمكننا ملاحظة أنها غالباً ما تتغير، وأنها تعتمد على حالتنا المزاجية، وأنها تأتي وتذهب.
ممارسة التأمل الذهني تساعد في ملاحظة كل هذه الأمور، وبالتالي تجعل من السهل تقليل الثقة في محتوى أفكارنا.. فهي مفيدة في بعض الأحيان، لكن في أحيان أخرى يكون من الأفضل ألا نأخذها على محمل الجد.
يمكننا التدرب على ممارسة النقد الذاتي، ولكن بطرق تجعلنا أقل تعلقاً به.. لتقليل تأثيره السلبي.. من خلال التركيز بعيدًا عنه أو طمأنة أنفسنا عندما نشعر بوطأة هذا الانتقاد..
المهم أن نتوقف عن تعزيز عادة النقد الذاتي المدمر التي تجعلنا عرضة للاكتئاب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©