الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

2020.. سنة غيّرت العالم

2020.. سنة غيّرت العالم
28 ديسمبر 2020 00:37

عواصم (الاتحاد) 

في الأول من يناير الماضي مع مطلع عقد جديد، لم يكن أحد يتصور ما تخفيه سنة 2020. فقد غيرت العالم كما لم يحصل منذ الحرب العالمية الثانية. ففي غضون 12 شهراً، شلّ وباء كورونا المستجد الاقتصاد، واجتاح المجتمعات، وحجر نحو أربعة مليارات إنسان في منازلهم، وقطع أوصال العالم. 
وحصد الوباء أرواح أكثر من 1.7 مليون نسمة. وأصيب حوالي ثمانين مليوناً بفيروس كورونا المستجد، وهي حصيلة تقل عن العدد الفعلي على الأرجح. وفقد أطفال أهاليهم وأجدادهم، فيما قضى البعض وحيداً في المستشفى مع منع الزيارات بسبب خطر انتقال العدوى.
واحتفلت العديد من العائلات بعيد الميلاد في غياب أحباء مصابين بالمرض، أو ضمن مجموعات صغيرة، في ظل إرشادات صارمة بشكل متزايد للصحة والسفر، خصوصاً بعد تحديد سلالة جديدة من الوباء أشد عدوى، في المملكة المتحدة.
ويقول عالم الأوبئة المتخصص بالأمراض المعدية ستين فيرموند، عميد كلية الصحة العامة في جامعة «يال» الأميركية: «تجربة الجائحة هذه فريدة في حياة كل شخص على وجه الأرض، فبطريقة أو بأخرى تأثر كل واحد منا بها».
غير أن «كوفيد - 19» ليس أكثر الجوائح فتكاً. فقد أودى الطاعون في القرن الرابع عشر بحياة ربع سكان العالم. وقضى ما لا يقل عن 50 مليون شخص في الإنفلونزا الإسبانية بين عامي 1918 و1919، و33 مليوناً جراء مرض الإيدز في غضون أربعين عاماً. لكن للإصابة بفيروس كورونا المستجد، يكفي أن يتنفس الشخص في المكان والزمان غير المناسبين.

أبواب الجحيم
يُلخص الصيني وان شونهوي، البالغ 44 عاماً، تجربته مع المرض، الذي أدخله المستشفى مدة 17 يوماً «وصلت إلى أبواب الجحيم وعدت، وشاهدت الذين لم يتعافوا وماتوا وقد ترك فيّ ذلك أثراً عميقاً».
وما كان أحد ليتصور حجم الكارثة عندما أعلنت السلطات الصينية في 31 ديسمبر 2019 تسجيل 27 إصابة بـ«التهاب رئوي فيروسي» في ووهان بوسط الصين.
وغداة ذلك، أغلقت السلطات سوق الحيوانات الحية في ووهان للاشتباه بارتباطها بظهور الفيروس.
وفي السابع من يناير، أعلن المسؤولون الصينيون تحديد فيروس جديد سمي «2019-إن كوف». وفي الحادي عشر من الشهر نفسه أبلغت الصين عن أول وفاة في ووهان. وفي غضون أيام قليلة بدأت تسجل إصابات في آسيا وفرنسا والولايات المتحدة.
ومع حلول نهاية يناير، باشرت الدول إجلاء مواطنيها من الصين. وبدأت الحدود تُغلق، في ما وُضع المقيمون في ووهان في إقليم «هوبي»، الذي يزيد عددهم عن خمسين مليوناً، في الحجر الصحي. وعندما رست سفينة «دايموند برينسيس» السياحية في اليابان مطلع فبراير تبين أن أكثر من 700 من ركابها أصيبوا بالفيروس، وتوفي 13 منهم.
وعمّ الرعب العالم، وبدأ السباق إلى تطوير لقاح. ووضعت شركة «بايونتيك» الألمانية الصغيرة جنباً أبحاثها حول مرض السرطان، للتركيز على مشروع جديد سمته «سرعة البرق»، الذي أثمر، بحلول نهاية العام، أول لقاح فعّال بنسبة 95 في المئة ضد الفيروس.

جائحة
وفي 11 فبراير، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن اسم الوباء هو «كوفيد - 19». وبعد أربعة أيام على ذلك، أعلنت فرنسا تسجيل أول وفاة خارج آسيا. وانتاب الرعب أوروبا مع تحول شمال إيطاليا إلى بؤرة للمرض في القارة القديمة.
وفي مارس، تحدث أورلاندو غالدي رئيس بلدية فيرتوفا في منطقة لومبارديا، حيث توفي 36 شخصاً في غضون 25 يوماً عن اليأس الذي ينتابه بقوله: «من العبث أن نرى في 2020 جائحة مماثلة أسوأ من الحرب».
وفرضت إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا الإغلاق التام. وأعلنت «الصحة العالمية» «كوفيد-19» جائحة. وأوصدت الولايات المتحدة حدودها المغلقة أساساً مع الصين، أمام غالبية الدول الأوروبية. وللمرة الأولى في زمن السلم، أرجئت الألعاب الأولمبية.

إغلاق 
وفي منتصف أبريل كان 3,9 مليار شخص أي نصف البشرية يعيشون في ظل شكل من أشكال الإغلاق. من باريس إلى نيويورك مروراً بنيودلهي ولاغوس ولندن وبوينوس أيريس، لم تكن تعكر صمت الشوارع المقفرة إلا صفارات سيارات الإسعاف مذكرة بأن الموت في المرصاد.
ومنذ عقود كان العلماء يحذرون من احتمال حصول جائحة عالمية، إلا أن مخاوفهم هذه لم تلق آذاناً صاغية. ومع هذا الوباء باتت أكثر الدول ثراء عاجزة أمام هذا العدو الخفي.
وفي الاقتصاد المعولم، أدى توقف شبكات الإمداد إلى انقضاض المستهلكين المذعورين على المتاجر الكبيرة. وظهرت جلية نتائج النقص المزمن في الاستثمار في المنشآت الصحية مع مستشفيات تكافح من أجل استمرار عمل أقسام العناية المركزة، التي تجاوز عدد المرضى فيها قدرتها على الاستيعاب. وراحت طواقم تعاني أصلاً من انخفاض الأجور، تخوض المعركة من دون وسائل الوقاية الضرورية. وقال نيليما فايدا-بامار الطبيب في بومباي: «حصلت على شهادتي في 1994، وكانت المستشفيات الرسمية مهملة منذ ذلك الحين». وتساءل: «لماذا احتاج الناس إلى جائحة ليستيقظوا؟» والهند هي ثالث أكثر الدول تضرراً من الجائحة بعد الولايات المتحدة والبرازيل.
وفي نيويورك، التي تضم أكبر عدد من أصحاب المليارات في العالم، التقطت صور لطواقم طبية يرتدي أفرادها أكياس قمامة للوقاية من الفيروس. وأقيم مستشفى ميداني في وسط سنترال بارك ومقابر جماعية على جزيرة هارت أيلاند قبالة حي برونكس في المدينة. وقال فيرجيليو نيتو رئيس بلدية ماناوس في البرازيل: «الأمر أشبه بفيلم رعب، ولا يمكننا التحدث بعد الآن عن حالة طوارئ». وتكدست الجثث في شاحنات مبردة بانتظار أن حفر مقابر جماعية. وراحت الشركات تقفل وكذلك المدارس والجامعات. وألغيت اللقاءات الرياضية. وباتت حركة الملاحة الجوية المدنية شبه متوقفة شاهدة على أسوأ أزمة في تاريخها.  وبدأ العمل من المنزل للأشخاص القادرين على ذلك. وحلت مؤتمرات الفيديو مكان اجتماعات العمل والسفر والاحتفالات فيما عرض الأشخاص، الذين يتطلب وظيفتهم حضورهم شخصياً حياتهم أو منصبهم للخطر. ففي مايو، كانت الجائحة تسببت بخسارة 20 مليون شخص لعملهم في الولايات لمتحدة.

ركود 
يتوقع البنك الدولي في عام 2021 أن يغرق 150 مليون شخص في الفقر المدقع بسبب الركود الاقتصادي. وتفاقم التفاوت الاجتماعي المسجل منذ سنوات. وبات العناق والمصافحة والقبلات مجرد ذكرى، في ما تبادل الحديث يحصل عبر الكمامات وواقيات «البليكسيغلاس». ولجأ سكان المدن الميسورون إلى منازل أخرى يملكونها في الريف أو على الساحل، وراحت حكومات كثيرة تتخبط أمام حجم الأزمة، في ما الغضب يعتمل لدى الأشخاص العالقين في المدن. وباتت الولايات المتحدة، التي تتمتع بأكبر اقتصاد عالمي من دون أن يؤمن ذلك تغطية صحية للجميع، سريعاً أكثر الدول تضرراً من الجائحة مع أكثر من 300 ألف حالة وفاة، إلا أن الرئيس دونالد ترامب خفف بانتظام من تهديد المرض. وفي مايو، أطلقت الحكومة الأميركية عملية «وارب سبيد»، التي خصصت 11 مليار دولار لتطوير لقاح بحلول السنة الحالية. واعتبر ترامب ذلك أكبر جهد أميركي منذ تطوير القنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية.

مشاهير
لكن لا الأغنياء ولا النافذين يمكنهم شراء مناعة ضد الفيروس، فأصيب ترامب بالفيروس في أكتوبر، وقبله نظيره البرازيلي جايير بولسونارو في يوليو. وأمضى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ثلاثة أيام في العناية المركزة في أبريل، ومؤخرا مر بالتجربة المريرة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون. ومع اقتراب نهاية العام، بدأت أولى اللقاحات تطرح في الأسواق مع أنها أتت متأخرة لإنقاذ ترامب من هزيمة انتخابية في مواجهة الديمقراطي جو بايدن في نوفمبر.

لقاح
أعلنت مختبرات «فايزر» الأميركية العملاقة مع شريكتها «بايونتيك» الألمانية تطوير لقاح فعال بنسبة 90%. وسارعت الحكومات لضمان مخزون من هذه اللقاحات. وبعد أسبوع على ذلك، أعلنت شركة «موديرنا» الأميركية لقاحاً فعالاً بنسبة 95%.
وتستعد الحكومات لتلقيح ملايين الأشخاص، بدءاً بالمسنين، وأفراد الطواقم الطبية، والفئات الضعيفة، قبل أن توسع نطاق التطعيم ليشمل السكان كلهم، وهو السبيل الوحيد لعودة لحياة إلى طبيعتها. 
وفي ديسمبر أصبحت بريطانيا أول بلد غربي يرخص للقاح «فايزر-بايونتيك»، وكانت قبلها روسيا والصين باشرتا حملات تطعيم بلقاح خاص بكل منهما. وبعدها باشرت الولايات المتحدة التلقيح، فيما أعطت أوروبا الضوء الأخضر للقاح «فايزر-بايونتيك؟».

منافسة دولية
مع تهافت الدول على شراء اللقاحات، يتوقع أن تشهد بداية العام 2021 منافسة دولية على اللقاحات. ومن الصعب راهناً تقدير الأثر الدائم الذي ستتركه الجائحة على المجتمعات. ويراهن كثير من الخبراء على عودة الوضع إلى طبيعته في منتصف 2021.
ويرى البعض أن الجائحة قد تؤدي إلى نهج أكثر مرونة بشأن العمل عن بُعد، أو حتى إلى نقل جزئي لسلاسل الإنتاج. وفي المقابل، يرى آخرون أن الخشية من التجمعات الكبيرة سيكون له تبعات عميقة على وسائل النقل والسياحة والمناسبات الرياضية والثقافية. ويتوقع ستين فيرموند من جامعة «يال» «تغييرات عميقة في المجتمعات». وإذا أصبح العمل عن بُعد القاعدة في قطاع الخدمات ماذا سيحل بسوق العقارات في وسط المدن؟ هل سيتراجع عدد السكان في المراكز الحضرية مع انتقال كثيرين إلى فسحات واسعة مع سعيهم إلى تجنب وسائل النقل المكتظة؟
ويحذر لويس دارتنيل الخبير في علم الأحياء الفلكي صاحب موسوعة حول الكوارث والقدرة على الصمود «كوفيد-19 شبيه بموجة عارمة ضربتنا لكن يتراءى خلفها تسونامي التغير المناخي والاحترار».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©