السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

صور وأشياء أخرى

صور وأشياء أخرى
21 ديسمبر 2020 01:15

شيخة محمد الجابري

جميعنا نحتفظ بألبومات صور، تلك التي كانت ورقية مزخرفة متعددة الأحجام والمساحات، كنّا نقتنيها بكميات وفيرة كي تستطيع استيعاب صورنا التذكارية منذ أن وعينا على الكاميرات اليدوية، وثم المتطورة قليلاً التي يسمونها أتوماتيكية، إلى كاميرات الديجيتال، شهدنا مع الصور تغير المراحل، والوقت، والأشكال، حتى أحجام الصور ذاتها، وطبيعتها بين أبيض وأسود، وملون، طبعاً ما كانت الألوان طبيعية واضحة وصافية مثل التي هي عليه الآن، ولم يكن مستخدمو الكاميرات من المحترفين، وإنما هواة قد يلتقطون صورة واحدة مميزة، ويكون مصير ما تلف من الصور الأخرى سلة المهملات.
كانت الصور تُطبع في استوديو خاص في العين، نحمل دواليب الأفلام إلى المحل الكائن عند دوار الساعة الذي اقتُلعت جذوره وحلّت محله ساعة باهتة وجبل مُصطنعٌ تغذّت على ألوانه أشعة الشمس، ونافورة مرهقة تعمل ساعات وتتوقف أياماً، كان تظهير الصور وتحميضها يتطلب مواد كيميائية خاصة، ومكاناً شديد العتمة، فيه أحواض تحتوي على تلك المادة الكيميائية وفي أعلى الأحواض حبال ومشابك يتم تعليق الصور التي حُمّضت وظهرت تفاصيلها عليها حتى تجف، وتكون صالحة لتسليمها لصاحبها مع شرائط من الصور تسمى «نيجاتيف» بعد يومين أو ثلاثة أيام، بحسب الازدحام في المحل.
تلك الطريقة التقليدية في التصوير طورت فيما بعد في عملياتها المختلفة، وصارت الصور القديمة من الذكريات الجميلة الراسخة في قلوبنا وأرواحنا؛ لأنها تحمل عبق زمن عشناه بتفاصيله الطازجة التي جعلت من الصور ذات مضمون عميق، وقيمة إنسانية وتاريخية ثمينة، فالصور ليست مجرد شخوص أو مشاهد أو أماكن، بل إنها حدث وتاريخ وتأثير وتأثر، لذا كانت صورنا نُسخنا المطبوعة على ورق، أصبحت اليوم مجرد رابط أو موقع على شاشة هواتفنا المتحركة، أو داخل أرشيف الهاتف.
لقد شكّلت الصورة قيمة عالية في أرشيفنا الزمني، وكم من صور أسعدت قلوباً، وأخرى أبكتها، وثالثة غيرت مسارات شخصياتٍ ذات صيت وشهرة، وكم من صورة لشهيد جعلتنا نصرخ من شدّة الألم، وكم من صور نقلت لنا أحداثاً تاريخية مهمة، ووثّقت لوقائع حقيقية كانت الصورة فيها هي المشهد، وهي الخبر، وهي الحكايات كلها مختزلة في مربع صغير، وإطار خانق.
بعض الصور نتمنى لو تخلّصنا منها، وبعضها معلّق في القلب بتفاصيله الدقيقة، نعود إليه كلما ضرب الحنين قلوبنا، واشتقنا لوجوه رحلت ولم تعد بيننا، أو هزتنا لحظات احتياج إلى مكان منعتنا الظروف من العودة إليه مرة أخرى، الصورة ذاكرة حيّة تتحدث بلسان الوقت، وتُنقل بالتفاصيل الخاصة حالاتٌ وأحوالٌ واحتياجات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©