الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الشرافي».. طريقة صيد وملكية بحرية في تونس

«الشرافي».. طريقة صيد وملكية بحرية في تونس
9 ديسمبر 2020 12:18

ساسي جبيل (تونس)
الشرافي، هي ملكية بحرية في جزيرة قرقنة التونسية التابعة لمحافظة صفاقس التونسية، وهو جمع شرفية، وهي طريقة صيد تقليدية تخص منطقة صفاقس وقرقنة.
وتمثل الشرفية مند قرون قطعة من البحر ومصيدة في آن واحد، وهي ملك عقاري وتنعت بأسماء ولها حدود ومنافع، تسلم وتباع وتشترى ككل الأملاك العقارية، فهي قطعة بحرية قارة ويختلف بناؤها باختلاف الموقع والمساحة والتيار المائي.
وبصفة عامة، يقام جدار أساسي من جريد النخل عمودي الاتجاه يسمى «مرسيه» أو «ارجل» ويكون انطلاقه من ساقية أو واد أو بحيرة؛ أي أماكن أكثر عمقاً في البحر.
ويقابل الجدار الأول جدار ثاني يسمى «خراج»، ثم جدار ثالث يسمى «رداد»، فيجبر الأسماك على الدخول للزريبة، ومنها إلى «الدار» ومن الدار إلى الحجرات، ثم إلى الفتحات وأخيراً إلى الدرينة، وهي مصنوعة من الحصر أين تتجمع الأسماك.
وصيد «الشرافي» في جزيرة قرقنة التونسية في الجنوب الشرقي ليس مجرّد تقنية تقليدية لصيد سمك ذي جودة رفيعة، بل يتجاوز ذلك ليعتبر موروثاً ثقافياً ضارباً في عمق تاريخ الجزيرة، وميزة تطبع المنطقة التي لا يتوانى أهاليها عن التعبير عن ارتباطهم بهذا التراث.
البحار محمد قريع أكد أن الشرافي تبنى بسعف النخيل، الذي يغرس في العمق القصير من بحر قرقنة القصير نسبياً مقارنة بغيره، ويكون ذلك بإشراف ربان خبير، لأن الأمر مرتبط باتجاه الريح والأمواج والمد والجزر، ويحبذ الناس أكل سمك «الشرافي» لطيبه الذي يرجع إلى صومه وتفريغ بطنه من الفضلات البحرية.
ويقول الباحث الدكتور وليد العش عن الشرافي: هذه الطريقة في الصيد والملكية كانت شائعة في صفاقس، وذكرت في وثيقة تعود للقرن الـ 16، وتشير عديد النصوص التي تعود إلى القرن الثاني الميلادي خلال الوجود الروماني، تتحدث عن الصيد بالحواجز البحرية بجزيرة جربة وجزر الكنايس وجزيرة قرقنة والشابة واللوزة، ولكنها اضمحلت بهذه المناطق ولم يبق منها إلا في جزيرة قرقنة.
وأشار الدكتور عبدالحميد الفهري أستاذ التاريخ بجامعة صفاقس إلى أن أصل كلمة «الشرافي»، يعود إلى القرن الـ 17، وهي متأتية من «وثيقة الملكية الشرفية»، وهي رسمية معترف بها، أي أن قطعة الشرفية تعتبر شرفاً للمالك، ذلك أنه في القرون الـ 12 و الـ 15 والـ 16، هجم سكان صفاقس على جزيرة قرقنة واستولوا على الممتلكات البحرية، فتشكى أهل قرقنة للباي مراد الثاني «1662 - 1675» ليقر باسترجاع أهالي قرقنة للممتلكات البحرية بفضل «وثيقة الملكية الشرفية».
وأوضح أنه منذ ذلك التاريخ أصبحت العائلات تسجّل ممتلكاتها البحرية مثلما تسجل ممتلكاتها من الأراضي في البرّ، مشيراً إلى أن أول إمضاء على وثيقة عقد الملكية الخاصة بالبحر قامت به عائلة الشرفي وإليها تمت نسبة اسم الوثيقة التي أطلق عليها اسم الشرفية.
وتعتبر الشرافي إرثاً وطنياً تونسياً، تم تسجيله لدى اليونسكو كتراث إنساني، حيث إن كل معاهد القانون التي تدرّس قانون ملكية البحر تعتمد جزيرة قرقنة نموذجاً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©