الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

في ضيافة وحش البحيرة

في ضيافة وحش البحيرة
8 ديسمبر 2020 01:47

يتعلق المرء بقصص وذكريات وخرافات في طفولته، يحملها معه طوال حياته، فمعظمنا مرت عليه أسماء مثل (حمارة القايلة) و(أم الدويس) و(الغول)، وما زلنا نبتسم كثيراً عندما نتذكر الرعب المرتبط بهذه الأسماء، بالنسبة لي كانت أسطورتي المفضلة هي وحش لوخ نيس - Loch Ness الذي يُزعم أنه يعيش في أكبر بحيرة مياه عذبة في بريطانيا - بحيرة نيس، حيث رافقني الوحش في فترة من فترات الطفولة والشباب، قرأت معظم ما كتب عنه، وشاهدت الأفلام الخيالية والوثائقية التي اقترنت باسمه، تناقشت كثيراً مع من يثبت وجوده أو ينفيه، عزمت الأمر على زيارته بنفسي لزيادة المعرفة، ونزلت في ضيافته عند زياتي لإسكتلندا قبل عدة سنوات.
الوحش، أو الأسطورة، هو مخلوق لم يتم التأكد من وجوده حتى الآن. أطلق عليه أحد العلماء اسم (نيسي تيراس رومبوبتيريكس)، وهي لفظة تعني:الوحش نيس ذو الزعانف الماسية، علماً بأن مجموع المشاهدات التي بدأت في عام 1933 - سواء ثبتت أو لم تثبت- تتجاوز الـ 500 مشاهدة، وكان أول من ذكر وجوده السير جورج سبيسر الذي نشر مقالاً ادعى فيه أنه رأى تنيناً أو مخلوقاً خرافياً.
سافرت إلى إسكتلندا عاقداً العزم على رؤيته، متسلحاً بأمل أن ألتقيه أو أرى تحركات المياه «تحت زعانفه الماسية»، متمنياً سماع صوته، سكنت في كوخ في Fort William المدينة القريبة من البحيرة، والتي ارتبط معظم ما فيها حول هذه الأسطورة، فهناك متحف خاص يحكي عن البداية ويعرض صوراً نشرت ومقالات كُتبت وتحليلاً لعدد من الشواهد، وما أظهرته البعثات التي شُكلت لسبر أغوار قصته، كما ستسمع من المؤيدين والداحضين لفكرة وجوده، وهناك التماثيل ومحال بيع الهدايا والمطاعم التي تجعله شعاراً لها، والظريف أن شركة وليام هيل المتخصصة في المراهنات وضعت مكافأة قدرها مليون جنيه إسترليني عام 2007 لمن يأتي بأي دليل يدعم وجوده، ولا زلت أتذكر كلمة العجوز التي تعمل في محل الهدايا التابع للمتحف، عندما سألتها: هل تصدقين وجود نيسي؟ فردت: هناك شيء، أنا متأكدة بأن هناك شيئاً.
وبعيداً عن قصة الوحش، ففي هذه المناطق المحيطة بالبحيرات والقلاع في شمال الجزيرة البريطانية جمال مزج بالقصص الخرافية التي أضفت على هذه الأماكن انطباعاً سحرياً سيجعل إقامتك فيها أمراً غير مسبوق، فجميل أن تعيش أجواء الأساطير التي قرأت عنها وتجعلها واقعاً ملموساً.
عدت من هذه الرحلة وفي رأسي تدوي كلمة العجوز: «لا بد من وجود شيء»، فهل أنت موجود يا نيسي؟ هل ما زلت تسبح تحت البحيرة الزرقاء ساخراً من جموع الزائرين الحائرين؟ هل أنت خرافة عشناها وتعلقنا بها؟ بالنسبة لي فقولي متشابه مع ما قالته عجوز البحيرة: لا بد من وجود شيء، وكانت رحلة لا تنسى في ضيافة الوحش اللطيف.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©