السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

بنزرت التونسية.. «بندقية» العرب والأفارقة

بنزرت التونسية.. «بندقية» العرب والأفارقة
4 ديسمبر 2020 02:15

ساسي جبيل (تونس)

تعتبر مدينة بنزرت التونسية، التي تأسست عام 1200 قبل الميلاد، واسمها الفينيقي القديم «هيبوأكرا»، من أجمل مدن حوض البحر الأبيض المتوسط، خاصة أنها وإلى جانب تميزها بمناظر طبيعية خلابة، تجعلك تظن أنك في بلد أوروبي، بحسب السياح والملاحظين المهتمين بسحر وروعة المدن، والذين لقبوها بالمدينة المائية وأيضاً بـ«بندقية» العرب وإفريقيا.

مدينة حالمة
بنزرت الواقعة جغرافيا شمال البلاد، (65 كلم عن العاصمة تونس)، هي مدينة حالمة رومانسية، تبدأ استقبال زائريها بجسرها المتحرك الجميل الذي يفصل بين القناتين المائيتين، لتجد بها الخضرة والجبال والثلوج والشواطئ الساحرة والمناظر العجيبة، فضلاً عن الجزر التي منها أرخبيل جالطة وجزر «كان»، والتي مكنتها لتكون وجهة السياح المحليين والأجانب، نتيجة تميزها بالزرقة التي استمدتها من معانقة البحر والخضرة التي أخذتها من الأشجار المنتشرة في كل مكان والحقول الممتدة، وأيضاً التاريخ والعمارة التي مزجت بين العصري والتقليدي، لتجسد حضارة تعيش على مرّ العصور.
وزاد هذا الجمال الطبيعي، الموقع الجغرافي الاستراتيجي، خاصة أن بنزرت تتربع على أعلى قمة بالقارة الإفريقية، وتطل على القارة الأوروبية، ما جعلها ملتقى لمختلف الحضارات التي توالت على حوض البحر الأبيض المتوسط، تاركة فيها آثارها العمرانية والعسكرية الزاخرة بها إلى يومنا هذا، وكل هذا وغيره جعل المستعمر الفرنسي الذي دخل في شكل حماية عام 1881، يتمسك بعدم التفريط فيها ويرفض الخروج منها إلا بعد ثمانية أعوام من استقلال البلاد التونسية، إثر خضوع جيش المستعمر للهزيمة ضد مقاومة تونسية أبية أجبرت المستعمر على المغادرة يوم 15 أكتوبر 1963.

شواطئ ساحرة
ومن أشهر معالم مدينة بنزرت أيضاً، نجد الميناء القديم الذي يضم الجانب الأثري التاريخي من المدينة مثل «قلعة القصبة»، التي تطل على المدينة والبحر وتنتشر حولها المقاهي، وعشرات المحال التي تبيع المصنوعات اليدوية والحرفية، فضلاً عن تميزها بشواطئ شاسعة وساحرة، لعلّ أبرزها وأشهرها الكورنيش الذي تحيطه مجموعة من أفضل الفنادق والمنتجعات وكذلك شاطئ «الرمال» الواسع الذي يشبه بحراً من الرمال البيضاء المتعانقة مع المياه.
ومن الأسرار المهمة التي لا يعرفها الكثيرون عن بنزرت بما في ذلك التونسيون أنفسهم، هي المحمية الطبيعية الموجودة في منطقة «إشكل» التي لا تبعد كثيراً عن المدينة، والملقبة بـ«الجنّة الخفية» باعتبار أنها عالم طبيعي يضم بحيرة «إشكل» التي تُعد من أكبر بحيرات المياه العذبة في القارة الإفريقية جمعاء، والتي تمثل مقصداً لمئات الطيور المهاجرة في فصل الشتاء، كما تنتشر حولها المروج الخضراء والحقول ذات الأزهار العطرة في فصل الربيع، وتحيطها الهضاب والجبال الخضراء في لوحة آسرة من الخضرة والصفاء المريح للنفس.

ميناء ترفيهي 
ومن جهة ثانية فإن ما يميز مدينة بنزرت بصفة خاصة، هو تعدد الموانئ، حيث تحتوي على ميناء ترفيهي لليخوت الصغيرة ويسمى بالمطعم البحري، وميناء للصيد البحري فضلاً عن الميناء التجاري، وهو سبب أيضاً في تمسك المستعمر بهذه المدينة الساحرة بجمالها الطبيعي وعمق تاريخها وامتداده على جغرافيتها. 
 وفتح القائد معاوية بن حديج الذي كان مقاتلاً في جيش عبد الملك بن مروان للعرب سنة 41هـ (661 م) وسماها القائد حسان بن النعمان سنة 698 م باسمها الحالي بنزرت، وأقام فيها رباطاً لردّ الهجمات المفاجئة للرومان، لتصبح بنزرت منذ ذلك الحين مدينة عربية مسلمة، وإثر غزوة الهلاليين وانحلال الحكم الصنهاجي بالمهدية أقام القائد الورد اللخمي من ملوك الطوائف ببنزرت، وجعلها دولة بني الورد وحصنها ونظم شؤونها ودام حكمها 151 سنة (من سنة 1013م إلى 1164م). 
كما شهدت بنزرت نهضة عمرانيّة واقتصادية هامة خلال القرون الأربعة الأخيرة، مكنتها من تبادل البضائع بين التونسيين والأوروبيين، وخاصة بعد حفر القنال وتهيئة الميناء العسكري والتجاري، الأمر الذي جعلها على كفاءة عالية من الدفاع والمراقبة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©