السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

سفرنامة.. بين الأمس واليوم

سفرنامة.. بين الأمس واليوم
29 سبتمبر 2020 01:21

أدب الرحلات، كان ولا يزال هذا النوع من الفنون الأدبية، وجبة ممتعة تهتم بها شريحة كبيرة من القراء الذين يجدون في السفر وسيلة للمعرفة، وهي رحلة تقود قارئها، عبر مقاعد الدرجة الأولى، بين جنبات فكر المؤلف، أحاسيسه وانطباعاته، وقد ارتبط أدب الرحلة في محيطنا العربي والإسلامي بعدد كبير من الرحالة المسلمين، الذين سارعوا لتجسيد رحلاتهم وذكر انطباعاتهم، بغرض إبقاء ذكرياتها حية، وكان أهم أسباب التدوين هو استخدامها كـ«خرائط جوجل» في ذلك الزمان، حيث أرشدت الرحالة اللاحقين لطرق الوصول لمدن لم يكونوا بالغيها إلا بهذه المؤلفات. 
اشتهرت العديد من الكتب في محيطنا العربي لمؤلفات قديمة سبرت أغوار مدن شتى، ووثقت أغرب العجائب والفرائد، أشهرها كتاب «تحفة النظّار وغرائب الأمصار وعجائب الأسفار» لابن بطوطة، الذي أخذ القراء في مغامرة شرحت ما شاهده وعاصره في القارة الأفريقية، مع توضيحه لعدد من عادات الشعوب التي خالطها وتعرف عليها، وقد حفّز هذا الكتّاب لإثراء المحتوى الثقافي برحلات فريدة.
في عصرنا الحالي، اختلفت نوعية الطرح، فمع سهولة الحصول على المعلومة، قل الاعتماد على هذه الكتب، فأمسى هذا الأدب أقرب ما يكون إلى «السرد السياحي» الذي يعتمد في المقام الأول على توثيق مسار الرحلة والانطباعات العامة للكاتب، وهو أدب -مع احترامي لمحبيه- لا يثري معرفة من يقرأ بشكل يتناسب مع الثقل الذي وضعه أدب الرحلات في ذاكرة التراث والثقافة في مخزوننا الأدبي، كما أن «سهولة الرحلة» قللت من الوقت الذي يمنح للأديب لسرد رحلته، فالقدماء كانوا يقطعون الفيافي والقيعان، يصفون صعوبة الرحلة، ومشاهدات قلما تتكرر، فتكون نتاجاً أدبياً راقياً يحيط بحواس القارئ، فيصبح جزءاً من هذه الرحلة. 
وقد أصبحت البرامج الوثائقية في الإعلام الحديث الوسيلة المفضلة لجيل لا يقرأ، فكتاب يتحدث عن رحلة لعدة أيام للتعرف على قارة، أو دولة، أو مدينة، قد تستغرق قراءته أياماً، يلخصه برنامج وثائقي لمدة ساعة، وهو ما أثر كثيراً على هذا النوع من الأدب الذي قد يضعف، ولكنه لن يطوى بين جنبات النسيان.
يسألني بعضهم عما يقرأ في أدب الرحلة؟ والجواب: ما تميل إليه في رحلاتك، فاعكسه على قراءاتك، فإن كنت ممن يهوى التاريخ وسبر أغواره، فعليك بكتب القدماء مثل رائعة ابن بطوطة، أو كتاب «سفرنامة» للكاتب ناصر خسرو قبادياني، الذي وصف رحلته للحج ومصر من خلال مشاهداته في الطريق، وقام بوصف جزيرة العرب بطريقة مميزة، ولمن يحب أن يبدأ بداية خفيفة، فعليه بفرائد أنيس منصور «حول العالم في 200 يوم»، وكتاب «أعجب الرحلات في التاريخ»، وهما كتابان ممتعان، ولا أبالغ عندما أقول بأنني قرأتهما أكثر من مرة، ففي كل صفحة قصة، وفي كل قصة عبرة، وسهولة الكتابة جعلتهما من أيقونات أدب الرحلات الحديث، فهل ستبدأ في القراءة؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©