الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الأغاني المصورة.. حضور عصري وغياب درامي

الأغاني المصورة.. حضور عصري وغياب درامي
25 سبتمبر 2020 00:24

تامر عبد الحميد (أبوظبي)

طرأت على الأغنيات المصورة على طريقة الفيديو كليب، تغيرات كثيرة في الفترة الأخيرة، نظراً لتغير نمط وإيقاع الأغنية العربية في هذا العصر، فقد اعتاد الجمهور على أغنيات عاشت في الذاكرة، لأنه تم تصويرها بطريقة غير اعتيادية، حيث كان يغلب عليها الأسلوب القصصي والدرامي في طريقة الإخراج والعرض. كما كان السيناريو مؤثراً في طبيعة الأغنيات المصورة، خصوصاً خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، ولكن في هذا الزمن اختلفت المقاييس، وأصبحت بعض الأغنيات المصورة تعتمد على الإيقاع السريع، وتصوير مشاهد متفرقة تدمج بين الاستعراضات والجرافيك والأنيمشن خلال التصوير وعرضها على «يوتيوب».

أكدت المخرجة الإماراتية نهلة الفهد، التي تولت إخراج عدد من أغاني الفيديو كليب لكبار نجوم الأغنية العربية، ومنهم محمد عبده وراشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله وديانا حداد ولطيفة، أنه في هذا العصر من الطبيعي أن تتغير طبيعة الأغنية، نظراً للإيقاع السريع الذي أصبح يحكم عالم الفن والغناء، فضلاً عن أن المطربين أصبحت لديهم القدرة على تصوير أغنياتهم بأنفسهم، ومن ثم الاستغناء عن الشكل القديم الذي كان يعتمد على ترتيب أغنية الفيديو، بتقديم مسبق من قبل المخرج وكاتب السيناريو، واختيار مواقع التصوير المتعددة.

  • علاء الأنصاري خلال تصوير إحدى الأغنيات
    علاء الأنصاري خلال تصوير إحدى الأغنيات

الميزانية
وترى الفهد، أن هناك عوامل رئيسة لغياب قصص الأغاني المصورة فيديو كليب، ويرجع أهمها إلى مسألة الميزانية، فالكليبات تحتاج إلى تكلفة كبيرة، وخصوصاً إذا كانت منفذه بجودة عالية من حيث الإخراج والفكرة وأماكن التصوير، وكان أغلب صناعها يعتمدون على شركات الإنتاج الفنية التي كانت تتولى إنتاج وتنفيذ هذه الأغنيات، وتعرضها أيضاً عبر قنوات موسيقية متخصصة.
ولفتت إلى أن مواقع التواصل وموقع «يوتيوب» لعبت دوراً كبيراً في إحداث أسلوب جديد في تصوير المشاهد الخاصة بالأغاني، عن طريق الجرافيك والأنيمشن، واستخدام كاميرا وميكروفون فقط لتصوير الأغنية مع بعض مشاهد الاستعراضات والديكورات الأخرى، منوهة بأنه في السابق كان نجوم الغناء يعتمدون على تنفيذ أغنيات فيديو كليب، من أجل الترويج لألبوماتهم وأغنياتها، ولكن في الوقت الحالي ومع عصر التكنولوجيا الذي نعيش فيه، أصبحت الأغنية لا تحتاج إلى ترويج بفيديو كليب.

شروط صعبة
ومن جهته، أوضح المخرج العراقي ياسر الياسري، الذي أخرج العديد من الأغنيات المصورة لكبار مطربي العالم العربي، ومنهم حسين الجسمي ومحمد عبده وراشد الماجد وعبادي الجوهر وفايز السعيد، أنه كانت هناك شروط، في الماضي، تسهم في عملية اختيار الأغاني المصورة في الفيديو كليب من قبل القنوات المتخصصة، وكانت هذه الشروط صعبة إلى حد منا، لأنها كانت تتولى قبول عرض الفيديو كليب من عدمه، ما جعل هناك منافسة كبيرة في الوسط الغنائي آنذاك، تبلورت في أن كل مطرب كان يسعى إلى التفرد وإبراز قصة الأغنية بشكل محترف ومختلف، ويسهل عليه قبول عمله ليتم بثه عبر القنوات التلفزيونية، أما الآن فـ«يوتيوب» استطاع أن يغير المفاهيم، لأنه أصبح ملكاً لكل شخص.
ولفت إلى أن القنوات التلفزيونية تأثرت إلى حد بعيد بما يبث على «يوتيوب»، ليس لأنه مشوق أو أكثر جودة، ولكن لأنه يفي بما يطلبه المشاهد والمستمع، الذي ليس لديه الوقت الكافي والصبر على أن ينتظر بث الأغنية التي يحبها في الوقت الذي يحدد من قبل القناة. ويرى أن هناك أشياء فرضت نفسها على الساحة الغنائية، فالأغنية أصبحت كما يريدها الجمهور سريعة ومكثفة، لأن حياته أصبح فيها الكثير من المشاغل، التي ارتبطت أيضاً بما أفرزته مواقع التواصل، التي أعطت لكل شخص وجهة إعلامية وثقافية مختلفة.
وأكد الياسري أن أغاني الفيديو كليب التي كانت تتضمن قصصاً مصورة في فترة الثمانينيات والتسعينيات اختفت بسبب العوامل التي ذكرها سابقاً، وأن تنفيذ الفيديو كليب حالياً أصبح بمثابة «برستيج» للفنان لا أكثر.

غياب الرقيب
أما المخرج الإماراتي راكان، الذي بدأ حياته الفنية كمطرب ومخرج أغاني فيديو كليب، ثم اتجه بعد ذلك إلى الإخراج السينمائي والدرامي، فقد أرجع سبب غياب القصص الدرامية للأغنية المصورة فيديو كليب في هذه الأيام، إلى أن القنوات المتخصصة كانت هي المنصة الأولى لإنتاجها وعرضها، ومع اختفائها حدثت فجوة كبيرة كان لها أثرها على الأغنية المنظمة التي ترتكز على أسس وقواعد فنية، كانت تتمثل في أن الأغنية ذات مضمون وفكرة وهدف، وتتبع رسالة معينة يحاول المطرب أن يوصلها إلى الجمهور في دقائق معدودة، وكأنه فيلم قصير له بداية ووسط ونهاية.

تجارب حالية
ومن ناحيته، قال الملحن والفنان فايز السعيد: لقد مررت بكل هذه التجارب من قبل، ففي السابق كانت أغاني الفيديو كليب، تتم بطريقة منظمة، وتستغرق وقتاً طويلاً حتى تظهر إلى النور، كما أن الأغاني التي كانت تلقى قبولاً من الجمهور، ولم تكن مصورة على طريقة الكليب، كان الفنانون يجتهدون في تصويرها بطريقة ملائمة معتمدة على وسائل بصرية بسيطة، نظراً للنجاح الذي حققته في أغاني الألبومات التي كانت تطرح في الأسواق.
ويرى السعيد، أن ما يحدث حالياً للأغنية هو تطور طبيعي لما يحدث في هذا العصر، حيث إن كل شيء خضع لمعايير جديدة ولطرق مختلفة، وهو ما ينطبق على الأغنية المصورة، وعلى الرغم من هذا التطور، إلا أننا لا نستطيع أيضاً أن نجزم بأن التجارب الحالية هي غير موفقة، ولكن نقول إن لكل تجربة خصوصية منها الناجح، الذي ارتبط به الجمهور بهذه الفترة، ومنها ما يمكن أن نعتبره مجرد تحصيل حاصل.

تطور طبيعي
ومن جهته، أشار هزاع الرئيسي إلى أن التطور الذي طرأ على الأغنية المصورة في هذا العصر أمر طبيعي، لأن المطربين الجدد هم أبناء التواصل الاجتماعي، ولمواكبة العصر الذي نعيش فيه، كان يجب على صناع الأغنية مراعاة هذا التطور والعصر الذي أصبح سريعاً، فلا أحد ينكر أن الأغنيات المصورة في السابق، والتي كانت تراعي قواعد فنية وبصمات درامية وأسلوباًَ إخراجياً ذا فكرة وهدف، كانت تحقق نجاحات كبيرة آنذاك، وخصوصاً مع وجود القنوات الغنائية المتخصصة، التي كانت تعتمد على بث هذه الأعمال عبر شاشتها، ولكن حالياً ومع وجود مواقع التوصل و«يوتيوب» أصبحت العملية مختلفة، والساحة أصبحت مفتوحة للجميع، ما أحدث نوعاً جديداً تعود عليه المطربون، وعلى الجمهور أن يختار ما يناسبه من كل ذلك.

غياب «المتخصصة»
المخرج العراقي علاء الأنصاري، الذي تولى إخراج عدد من أغاني الفيديو كليب لأشهر المطربين، أوضح أن السبب الرئيس لقلة وجود أغاني الفيديو كليب، التي تعتمد على قصة وسيناريو، هو الإنتاج وغياب القنوات المتخصصة، وخصوصاً أن تصوير الأغنيات لا يختلف كثيراً عن تصوير فيلم أو مسلسل، فهو يحتاج إلى ميزانية ضخمة وفريق عمل كبير، إذا كان الكليب على مستوى جيد من التنفيذ، ومع عدم وجود هذا الدعم يقف الفنان حائراً في كيفية تنفيذ فيديو كليب بتكلفة عالية، أو تنفيذ فكرة مبسطة، وعرضها عبر «يوتيوب» لخدمة العمل نفسه والترويج له.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©