عدد اليوم
خولة علي (دبي)
للخط العربي مكانة خاصة بين المهتمين بالفن، نظراً لتمتعه بميزة التجريد وانسيابية الحروف، مما جعله أداةً فعالةً بين أيدي الفنانين التشكيليين للإبداع فيه، ومنهم الفنان محمود العبّادي، الذي بدأ مشواره الفني في مجال الخط العربي منذ سن مبكرة، ثم انخرط في فن التصميم الجرافيكي والفن التشكيلي والنحت، وخلال احتكاكه بفنانين من مدارس وتجارب مختلفة، أحب أن يمزج بين هذه الفنون، مرتكزاً على فن الخط العربي، كحجر أساس لأعماله، ولإيمانه المطلق بأن الخط العربي له روحه المتجددة وله جماله الفريد، قدم في أعماله تجارب المزج بين الخط والتشكيل، وما زال يحب التعلم والتجريب وتقديم الجديد من الأعمال الفنية.
شغف
حول بداية رحلته الفنية يقول العبّادي: كانت البداية في المرحلة الإعدادية، حيث الشغف بالخط والرسم، عندما كنت أراقب عن كثب فنون خالي عبدالجليل سعيد الذي له إبداعات جميلة في هذا المجال، فبدأت أقلده، وبعدها دخلت في مجال التصميم الجرافيكي والفن التشكيلي والنحت.
ويؤكد العبّادي، قائلاً: الخط العربي فن له بعده الحضاري والتاريخي، فهو فن متجدد يعبر عن هويتنا ويعكسها بأبهى صورة، إذ إن للحرف العربي سحره في الزاوية والظل وعند امتزاجه بالألوان. والخط العربي يهواه كل من له ذائقة فنيه، سواء كان عربياً، أو من ثقافات أخرى، وقد وقفت بنفسي على فنانين أجانب أعجبوا بالخط العربي أشد الإعجاب، فقد قال ياقوت المستعصمي: «الخط هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية»، وقيل أيضاً: «الخط نزهة العيون وريحانة القلوب».
وقال فيه الفنان بيكاسو: «إن أقصى ما وصلت إليه في فن الرسم، وجدت الخط العربي قد سبقني إليه منذ أمد بعيد»، ولك أن تتخيل فناناً بقيمة بيكاسو يتحدث هكذا عن الخط العربي، وأعتقد أنه اختصر الكثير في شرح هذا الفن الجميل، الذي لم يعد مجرد حروف للكتابة وإنما نغمة فنية، تشكل بالتكرار والانسيابية، لنخط بها أعمالاً تشكيلية غاية في الدقة والتداخل الفني.
تناغم وتجدد
ويستطرد العبّادي، قائلاً: من خلال تجاربي العديدة في هذا الفن، أجد الخط العربي متجدداً متألقاً في كل مرة، يضفي جماله على اللوحة وتناغمه مع اللون والظل، فيكسي اللوحة روعة وجمالاً واكتمالاً، وربما كان البعض يتحدث قبل عقدين من الزمن أن الخط العربي سيندثر بعد ظهور التقنيات الحديثة، ولكنه أثبت أنه فن متجدد، يزداد جمالاً وتجدداً مع الزمن، ودائماً ما أسعى من خلال ما أقدمه من أعمال فنية، لأن تعكس مكونات ثقافتنا وإبراز جمالها، ولا تخلو أعمالي من تعلق الإنسان بوطنه ومشاعره وقيمنا وأخلاقنا العربية، فهناك ارتباط روحي بين الفنان واللغة الفنية التي يستخدمها ليبث من خلالها أحاسيسه، وذائقته الفنية، حتى يرى أعماله التشكيلية، وقد ظهرت بكافة تفاصيلها.
مشاركات
وحول مشاركاته يقول العبّادي: لي العديد من المشاركات في عدة معارض جماعية، منها المعرض المصاحب لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وقد كنت المشرف على المعرض عام 2014 في أبوظبي، وأيضاً معرض «رواق الحرف» بتنظيم من دائرة الثقافة والفنون بالشارقة، وخلال مهرجان سكة، كان لي معرض حرف وظل 2018، ونمط من خط 2019 في دار عكاس للفنون البصرية، تحت رعاية هيئة الثقافة والفنون في دبي، ومعرض «تشكيل» مع مجموعة الفنانة منى بالفقيه والفنانة شريفة المهيري، في سنترال بارك في المركز المالي العالمي دبي.
ثقافتنا وتاريخنا
قدم محمود العبّادي الكثير من الأعمال، وكان الهدف منها تقديم ثقافتنا وتاريخنا مما يضفي روحاً مميزة في أرجاء المكان، إذ إن دولة الإمارات يفد إليها السياح من جميع الجنسيات، ولذا فإن دورنا هو عرض تجاربنا الفنية التي تعكس هويتنا، لنقدم للزائر تجربة متفردة في كل التفاصيل، وقد قمت حديثاً بعمل متجر إلكتروني ليكون الوصول إلى الأعمال الفنية أسهل وأسرع لكل أفراد المجتمع. ويهدف العبادي إلى نشر الثقافية الفنية، من خلال ما يقدمه من أعمال فنية منوعة لتكون في متناول الجميع، وتعكس الثقافة والهوية العربية والإسلامية مع مزجها بالحداثة.
