الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: التفاوض مع النفس!

د. شريف عرفة يكتب: التفاوض مع النفس!
25 سبتمبر 2020 00:20

كلنا نواجه هذه المشكلة..
تعقد العزم على التصرف بشكل معين في المستقبل، لكن حين يأتي ذلك الوقت، تجد أنك لا تتصرف على النحو الذي توقعته.. تخذل نفسك.. مثلما حدث عند اشتراكك في صالة الألعاب الرياضية متوقعاً الانتظام في التدريب، لكنك لا تفعل.. أو عند تسجيلك في دورة تدريبية عبر الإنترنت، دون أن تجتازها.. أو استعدادك لحمية غذائية، لكنك لا تلتزم بها طويلاً.. فلماذا يحدث هذا؟
هناك أسباب عديدة، منها اعتقادنا أننا نفكر بطريقة واحدة طوال الوقت.. رغم أن أمزجتنا ومشاعرنا وقوة إرادتها وما نريده ونحبه، يتغير عبر الزمن، ولا يظل على نفس المنوال.. يرصد دان جيلبرت في كتابه «التعثر في السعادة»، تجارب عديدة تثبت أن الناس عاجزون عن توقع ما يسعدهم في المستقبل بشكل دقيق.. فها هو شخص يعتقد أن الزواج سيجعله في سعادة دائمة.. وآخر يظن أن عمله في شركة كبيرة سيكون مصدراً دائماً لبهجته.. أو من يشتري سيارة باهظة الثمن مبالغاً في توقع مقدار السعادة الذي ستمنحه إياه، ولا تكون تلك التوقعات دقيقة بالطبع.. لأننا لا نستطيع توقع سلوكنا ومشاعرنا في المستقبل بشكل دقيق، وهو ما يحبط كثيراً من خططنا الحياتية.
وكي نستطيع تجاوز هذا الأمر، تخيل أنك لست شخصاً واحداً.. بل شخصين.. الشخص الأول هو الموجود هنا والآن.. والشخص الثاني هو أنت المستقبلي، الذي تتوقع أن يتصرف بالطريقة المطلوبة. كل ما عليك هو تدريب نفسك على فتح حوار بين هاتين الشخصيتين! كيف ذلك؟
قم باختيار مهمة يومية صعبة نسبياً تحتاج لتخطيط مسبق.. قرر مثلاً، أن تمارس رياضة المشي في ساعة محددة هذا المساء.. تلك خطة وضعتها «أنت الأول»، كي تقوم بتنفيذها «أنت الثاني»!
حين يأتي الوقت المحدد لتنفيذ هذه المهمة، أي حين تتحول إلى الشخص الثاني.. اسأل نفسك: هل تريد تنفيذ هذه الخطة بنفس الحماس الذي توقعته؟ ماذا يمنعك؟ قد تكون مرهقاً بعد العمل، أو تفضل وقتاً آخر، أو تريد ممارسة شيء مختلف يتاح عادة في هذا الوقت من اليوم؟ أياً كان السبب، استمع جيداً لمبرراتك التي ربما غابت عن واضع الخطة.. اجعل الشخص الثاني يحدد: ما هي الشروط التي تجعل هذه المهمة قابلة للتنفيذ في هذا الوقت؟ هل تفضل وقتاً أنسب؟ هل تفضل الصحبة كي لا تصاب بالملل؟ هل تفضل تجزيء المهمة لخطوات أصغر؟ هذه الشروط هي رسالة موجهة للشخص الأول، كي يضع خطة أنسب في صباح اليوم التالي!
اجعل هذا الحوار يومياً.. ذهاباً وإياباً، بين أنت الصباحي وأنت المسائي..
هذه اللعبة الطريفة ستجعلك أكثر وعياً باختلاف رغباتك مع الوقت، وأكثر قدرة على التوقع ووضع خطط شخصية أكثر منطقية.. ووضع خطط ذات مدى زمني أبعد.. وكل ما عليك هو فتح باب التواصل الزمني مع ذاتك المستقبلية، للإصغاء إليها والتفاوض معها والتعلم منها!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©