الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

المروحة

المروحة
21 سبتمبر 2020 01:06

هل شعرتَ في يوم ما وأنت تضع رأسك على الوسادة، استعداداً للنوم، بأن ثمة «مروحة» تدور في وسطه؟ هل خامرك شعورٌ بأن العالم كلّه يتكوّم في دماغك تلك اللحظة؟ وهل تساءلت: ما الذي يحدث لتسرّع، دون أن تعلم، من دوران المروحة، فلا تشعر إلاّ وأنت قافزٌ من مكانك، بحثاً عن نعاسك الذي طيّرته أجنحتها دون شفقة، وبدأت في صراع مع الأرق حتى شروق الشمس؟
هل مرّت بك لحظات الليل وساعاته ودقائقه وثوانيه وأنت تبحث عن حلٍ لحالة الأرق التي تسيطر عليك، وذاك الدماغ المزدحم بأشياء كثيرة لا تعرف من أين تكالبت عليك تلك الليلة، حتى إن أغنية لأم كلثوم زرعت نفسها وسط الضجيج، وراحت تجوب في عقلك الباطن، جيئة وذهابا، غير عابئة بك، أو بما تشعر به من معاناة، وضيق، وملل، وتعب من كل شيء؟
كثيراً ما يحدث أن نمُر بهذه الحالة، فنصير من حال إلى حال، تمضي بنا الساعات بين صحوٍ ونوم، عميقة هي الأفكار التي تتسلل بغتة، وعلى حين غِرّةٍ، بمجرد أن تغمض جفنيك، وتتعانق رموشك، وتبدأ العينان في السكون، والهدوء قبل أن ينقض عليها ذاك الدوران الذي يجعلها تصير في دوامة من الأسئلة التي فجأة تنعدم الإجابات عنها.
الأرق رفيق الليل، والمروحة رفيقة كل الأوقات، تأتيك دون أن تستأذن، تستقر في رأسك غير مهتمة بك، أو بحالتك، أو تذمرك، تشعر بأن كل القضايا الكونية حلّت فجأة، تبحث عن حلٍ عندك، لا يقتصر الأمر على مشكلاتك أو همومك، بل إنك تفكّر حتى في الأدوية العشبية الأفريقية، هل ستعتمدها منظمة الصحة العالمية لعلاج (كوفيد- 19)؟ ثم تخرج منه لتفكر كيف هان على «بروتس» أن يخذل صاحبه القيصر؟ فتعود لتذهب نحو تلك النخلة الواقفة باعتزاز في منزل أسرتك، الذي يبعد عنك مسافة ليست بالقريبة، لماذا لم يذهب المزارع لتفقدها، ولم «يخرفها» أمس؟
كلّنا نملك مراوح خاصة بنا، لا يقتصر عملها على الصيف والتبريد الطفيف الذي تقوم به، بل إنها تعمل في كل الأوقات، ربما تستخدم الذكاء الاصطناعي في انقضاضها على أوقاتنا، حيث تختلف مروحة هذا الزمان عن تلك التي كانت معلّقة في ليوان بيتنا القديم، الوديعة التي مع سكون الليل، تسكنُ لتعيد إيقاظنا صباحاً، بخاصة إذا «نِشبت» في أحد أجنحتها ورقة، أو حتى فراشة تجعلها كالمجنونة في حالة دوران وإزعاج، حتى تتخلص منها، تماماً مثلما تفعلُ  في رأسي كل مساء، تفقدوا مراوحكم الخاصة، فقد تحتاج صيانة عاجلة!

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©