الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الحلقة».. حكايات وسير شعبية

مشهد مسرحي لفن الشارع على طريق «الحلقة» (من المصدر)
10 سبتمبر 2020 00:05

محمد نجيم (الرباط)

تعتبر «الحلقة» من أقدم الفنون التعبيرية التي عرفت منذ زمن بعيد في المغرب، فهي وسيلة شعبية للتعبير وإيصال رسائل، ووصف حالاتٍ ووقائع وعادات اجتماعية. 
وتكشف «الحلقة»، بلغة غير مباشرة، عن ما يعرفه المجتمع من أسرار تدور في كنف الحياة الزوجية والعشق وما إليه، وتعد من أركان جذب الناس إلى الحلقة، والإنصات إلى ما يقوله «الحلايْقي».
وتعرف مدينة مراكش وساحتها الشهيرة «جامع الفنا»، المُصنفة كتراث إنساني غير مادي من طرف اليونيسكو منذ سنة 2001، أشهر ساحة في العالم يمكن الاستمتاع فيها بفن «الحلقة»، وتعيدنا إلى زمن الحكاية الشعبية والجلوس مع أشهر روادها، أو من بقِيَ منهم، لأن الكثير من صناع فرجة الحلقة تركوا ساحة جامع الفنا التي تبدو خالية من السياح، نظراً للكساد الذي خلفه فيروس «كورونا»، والذي أثر بشكل غير مسبوق على الرواج السياحي في مدن العالم.

تداعيات
ويقول المحجوب الوالي، وهو أحد روّاد الحلقة في ساحة جامع «الفنا»: «كثيرون من زملائنا تركوا مهنة «الحلايقي» للبحث عن مصدر الرزق في ميادين أخرى، فلا يمكن الانتظار أكثر في ظل تداعيات فيروس كورونا، التي يعانيها العالم كله.
ويقول الباحث المغربي عباس الجيراري: إن الحلقة كانت في طليعة الفنون الشعبية، يديرها أمام جمهور «متحلق» في شكل دائري ممثلون فرديون، يروون المقامات، ويقصون الحكايات الخرافية، والسير الشعبية، وقصص البطولة، مازجين في ذلك بين السرد القصصي والإنشاد الشعري، والأداء الغنائي، معتمدين على التشخيص بجميع ما يقتضيه من عناصر التمثيل، وقد اشتهر من هذه الحلقة نمط كان يطلق عليه «لَفْرَاجَا» (نسبة إلى الفُرجة).
كما يرى الباحث علال الركوك أن العديد من الحلايقية بالمغرب كانوا يقومون بتمثيل مجموعة من المسرحيات التي تدور في معظمها حول المتناقضات الاجتماعية، كالمَرْضِي «البَارُّ بوالديه» والمسخوط «العاقُّ لوالديه»، والشَّابة والشَّارفة «المرأة العجوز»، هذا بالإضافة إلى نوع آخر من حلقات الطوائف، مثل: «عيساوة»، و«غناوة» الذين يقيمون حلقتهم بمناسبة يوم عاشوراء و«هَدَّاوة» أو «بُوهَالة»، الذين كانوا يقيمون الحلقة يتوسطها «إبريق»، و«أركيلة» (النرجيلة)، و«هرارز» (وسائل لسحق الفواكه الجافة كاللوز)، وكانت لهم مجموعة من المرددات الصوفية.

الارتجال
ويتميز رجال الحلقة بطابعهم الجوال، إنهم يمارسون حرفتهم من خلال تواصلهم واتصالهم بالمجتمع المغربي وبتراثه الشعبي الثري، فيجيدون توظيفه في مسارحهم وحلقاتهم، عن طريق الارتجال السَّلِس للعديد من القضايا والقصص في قوالب لغوية تجذب الجمهور الواسع، ويتم ذلك من خلال استرجاع الذاكرة الثقافية الجماعية السائدة، ضمن إطار فُرجوي يغري بالمتابعة والاستماع.
أما عمر باجا، أحد المهتمين بالثقافة الشعبية من مراكش، فقال: «الحلقة» فن مغربي عريق مهدد بالزوال أمام الغزو الكاسح للإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، فالجيل الجديد من الشباب المغربي لم تعد تستهويه «الحلقة»، كما كانت تستهوي الآباء وتسحرهم، ولا يريدون تعلم فن الحلقة وتعلم أساسياتها من الآباء والأجداد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©