عدد اليوم
نسرين درزي (أبوظبي)
يلخص المركز التجاري العالمي لأبوظبي، عبر مزجه ما بين صور الماضي والحاضر في أجمل تركيبة هندسية عصرية، الأسلوب الراسخ لاستراتيجية الحكومة في حرصها على الملامح الأصيلة التي سطرها الأجداد لتبقى إرثاً للأجيال، وهو بشموخ برجه وقيمته التاريخية، يستقي أهميته من موقعه الاستراتيجي في قلب العاصمة وعلى كامل مساحة السوق القديم، الذي ارتبط لعقود طويلة بذاكرة أبناء البلد وزوارها.
والسوق المركزي الحديث المستوحى منه اليوم، والذي يعتبر الشاهد الحي على بداية النهضة في البلاد، يرتبط بمدينة أبوظبي، كارتباط «الشانزليزيه» بمدينة باريس، و«فيفث أفينيو» بمدينة نيويورك.
خطوط العمارة
عند التجول داخل المركز التجاري العالمي لأبوظبي، والولوج منه إلى السوق المركزي المتجدد، وفق آخر خطوط العمارة المنسجمة مع البيئة المحلية، تستوقف الزائر عدة محطات وملامح ضاربة بالجذور، تعود إلى ستينيات القرن الماضي، حيث أخذت العاصمة في المضي قدماً نحو مسيرة النمو والازدهار، مع ظهور سوق كبير ظل على مدار 40 عاماً نقطة تجمع التجار.
وبالحديث عن المركز التجاري العالمي لأبوظبي، لا بد من الإتيان بالذكر على مناسبة تشييده، بالتوازي مع إدراج موقع السوق المركزي الحالي ضمن خطة التطوير والتجديد في العام 2003، وكان القرار بتشييد مشروع ضخم مكان السوق القديم، مع الحفاظ على ركائزه التراثية التي فرضت نفسها بقوة في التصميم الجديد، حيث تتسلل أشعة الشمس إلى الداخل عبر الأسقف، وتعيد للأذهان الصورة التقليدية للسوق الأولى، حين كان ضوء النهار ينشر خيوطه الذهبية على واجهات المتاجر والأكشاك الخشبية، والبرج الحاضن للمركز والمضيء في أفق العاصمة، كبوصلة دالة على حجم الإنجازات، اكتمل بناؤه في العام 2013، وصممته شركة «فوستر آند بارتنرز» المرموقة، بعدما وضع اللورد نورمان فوستر مقترحه.
قيمة تراثية وعصرية
عن الأهمية المعمارية التي يتفرد بها المركز، تحدث لـ «الاتحاد» راشد العميرة، المدير التنفيذي للشؤون التجارية في «الدار العقارية»، لافتاً إلى أن المركز وجهة استثنائية، ومن أبرز المشاريع العقارية التي نفذتها الشركة؛ لما يمثله من قيمة تراثية وعصرية في آن واحد.
وذكر أن تميزه يندرج في كونه يتألف من عدة أيقونات بارزة، تجتمع لتجعل منه مشروعاً متكاملاً للوجه الحضاري في البلاد، أولها السوق المركزي الشعبي الذي يعد من أهم المواقع التاريخية في العاصمة، وتم تصميمه بأسلوب متفرد يحاكي تجربة السوق القديم، ليكون تحفة معمارية ومعلماً تراثياً بارزاً فيها، وكذلك «المول» التجاري الذي يزخر بالمتاجر ووحدات الضيافة، ويحمل صفة المجمع الشامل.
وأشار إلى أهمية الأبراج المتصلة بالمركز، والتي تتميز بتصاميمها الهندسية العصرية، وقد نفذها معماريون عالميون، بما فيها أحد أطول المباني السكنية في العاصمة، ويتألف من 92 طابقاً وعدد من المرافق الترفيهية، مع إطلالة بانورامية على البحر والأفق المعماري للمدينة، وكذلك برج المكاتب المؤلف من 65 طابقاً، ويعد من أهم مراكز الأعمال في أبوظبي، مما يجعل من المشروع عموماً عنواناً لافتاً يلبي متطلبات المجتمع على أكمل وجه.
حدائق خارجية
المحطة الأكثر دلالة على التمسك بالموروث الشعبي مع وضع اللبنة الأساسية للمركز التجاري العالمي لأبوظبي، تتمثل في جماليات البناء الخارجي للسوق المركزي المنبثق منه، ولاسيما الأعمال الهندسية التي تقدم مزيجاً بين العمارة التقليدية وأحدث التصاميم، وتجعل من السوق الموزع على 3 طوابق، مقصداً سياحياً يحرص على نقل المشهد المحلي من خلال المنتجات التقليدية المتوفرة فيه، كالعطور العربية وأصناف البخور ومطرزات التلي وصناعات الخوص، وهو المكان الأبرز داخل المدينة لعرض الصناعات الشعبية، جنباً إلى جنب، مع أشهر بيوت الأزياء والمجوهرات.
وأجمل ما في خطوطه الهندسية، تلك الممرات الصغيرة المتفرعة منه، والتي تطل على شرفات تتيح استكشاف مناطقه المتصلة بردهات الترفيه والجذب، حيث تنتشر المطاعم والمقاهي وسط حدائق خارجية مشرقة بالإضاءة الطبيعية. والسوق المركزي الذي يجمع اليوم ما بين الأناقة والرحابة، يبهر الزائرين بتصاميمه، ويضيف باقة متكاملة من المرافق التي تجعل من المنطقة القائم عليها منارة تجارية وسياحية للجميع، بمن فيهم رجال الأعمال من أنحاء العالم كافة.
معايير الجودة
ويشكل المركز التجاري العالمي لأبوظبي بوتقة عمرانية متكاملة، بانسجامها مع المحتوى الشامل، وتعد مكاتبه العنوان الأبرز للأعمال في العاصمة، وكانت السباقة في وضع معايير الجودة لما ينبغي أن تكون عليه مكاتب الدرجة الأولى، وتتفرع من المركز وحدات سكنية تجسد حياة الرفاهية وسط الواجهة الحيوية للمدينة، وتتفاوت في حجمها ما بين الشقق ووحدات «البنتهاوس»، إضافة إلى صالات الجمنازيوم وحوض السباحة في الطابق 85، ويقع ضمن هذه البيئة العصرية، المقرونة بعالم الأعمال والترفيه، فندق «ماريوت كورتيارد»، الذي يتيح عبر طوابقه الـ15 النفاذ المباشر إلى السوق المركزي.
صرح وأزقة
المركز التجاري العالمي لأبوظبي، صرح لافت يضاف إلى رصيد العاصمة، ويتيح لرواده استعادة المفردات العتيقة التي أحبوها في السوق القديم، واشتاقوا لأن يشتمّوا منها رائحة الماضي وصوراً في البال، تحضر بشريط الذكريات لكل من اعتاد التجول بين تلك الأزقة الضاجة بالحياة.
3 أبراج
المركز سيمفونية من الصخر والفولاذ، يتألف من البرج السكني الحائز جائزة «إيمبوريس» لناطحات السحاب المرموقة للعام 2014، والذي يرتفع حتى 382 متراً، ويضم 92 طابقاً، ويتصل مباشرة بـ «المول»، وبرج المكاتب ويضم 65 طابقاً، ويرتفع حتى 279 متراً، أما البرج الثالث، فيضم فندقاً بتصنيف 4 نجوم، ويتألف من 15 طابقاً.
ضمن 330 مركزاً
ينضم المركز إلى أكثر من 330 مركزاً في أكثر من 100 دولة تتشارك فيما بينها بهدف تعزيز العلاقات والروابط التجارية، وتزداد أهميته عبر تشييده في نفس موقع السوق المركزي القديم، الذي كان يشكل نقطة استقطاب للسكان، والعنوان الأوحد الذي يفد إليه التجار من الداخل والخارج لتبادل البضائع.
