عدد اليوم
نسرين درزي (أبوظبي)
كثر الحديث عن «تانيغاشيما» اليابانية مع بداية العد العكسي لانطلاق «مسبار الأمل» من مركزها الفضائي، والذي تدخل عبره الإمارات إلى كوكب المريخ كأول دولة عربية وإسلامية، فالجزيرة التي تمتلك واحدة من أهم محطات صواريخ الاستكشاف، هي وجهة سياحية جاذبة يمكن التفكير بزيارتها يوماً ما والتعرف إلى بقعة من الأرض تسكنها أشهر أنواع السلاحف وتتجه إليها أنظار العالم، وتتميز بالكهوف البحرية والرمال البيضاء.
زوارق وعبّارة
أسرع طريقة للوصول إلى الجزيرة بحسب موقع Japan Endless Discovery عبر الرحلات الجوية المغادرة من طوكيو إلى «هانيدا» مروراً بـ «كاجوشيما»، ولمزيد من التشويق يمكن إطالة الجزء الأخير من الرحلة والتوجه إليها بحراً بالعبّارة عبر جزيرة «ياكوشيما»، وهناك لا بد من استئجار زوارق «الهيدروفويل» السريعة التي تعرف باسم «توبي» و«روكيت» للتنقل المريح على سعة المكان النابض بالطبيعة الخلابة وعبور الضفاف وصولاً إلى مدينة «إيبوسوكي».
عشاق الاستجمام البحري الغارق بتاريخ الحضارات غالباً يستهلون إجازتهم بالتوجه إلى الجانب الغربي منها وتحديداً عند ساحل «ناغاهاما» الشهير برماله البيضاء وسلاحفه الودودة، والساحل يسكنه الهدوء على امتداد 12 كيلو متراً، حيث تتاح للسياح خصوصية الاسترخاء وممارسة السباحة والغوص والتجديف تحت إشراف مرشدين ومدربين حسب الطلب، وفي اليوم التالي من الرحلة قد تكون الوجهة شاطئ «كومانو»، الذي يقع عند الضفة الشرقية للجزيرة ويعرف باحتوائه على أكبر سلسلة للكهوف البحرية في المنطقة تعرف باسم «تشيكورا»، وينصح باستكشافها والتجول بينها في أوقات انحسار المد.
كرنفالات
طلب التصالح مع الطبيعة البحرية في «تانيغاشيما» لا يلغي ضرورة التعرف خلال الإقامة فيها إلى أهم معالمها التاريخية والتي تعد جزءاً من إرثها العريق الذي تفاخر فيه اليابان، وعدا عن مركزها الفضائي الذي تأسس في العام 1969، ويعد أهم منشأة من نوعه لاستنباط شؤون الحياة على المريخ، تجدر زيارة مركز «كايهاتسو سوغو» في مدينة «نيشي-نو-أوموته» شمالي الجزيرة.
وفيه معرض يتضمن مقتنيات نادرة مثل أول بندقية صنعت في اليابان في القرن السادس عشر على يد البرتغاليين، وكانت محطتها الأولى أرض الجزيرة واسمها «تيبو».
وتستضيف «تانيغاشيما» في فصل الصيف من كل عام مهرجان البنادق، وهو من الفعاليات الضخمة على أجندة أحداثها المحلية التي تروج لها كل مدن اليابان وجزرها، وتتوهج خلال المهرجان مسيرة «نانبان» التي تطلق فيها بنادق البارود وتعج معها الشوارع بالكرنفالات الملونة المفعمة بالحياة.
صناعة السكاكين
زائر «تانيغاشيما» تتم دعوته دائماً للتعرف إلى صناعة السكاكين في الجزيرة، والتي دخلت لأول مرة إليها في القرن الثاني عشر تزامناً مع نفي عشيرة «ساموراي تايرا»، التي تمتعت لعقود بسلطة جبارة وصلت إليها على طول المسافة من طوكيو، وبالرغم من مضي قرون طويلة لا يزال الحرفيون المحليون على الجزيرة متخصصين في صناعة الأدوات الحادة، مثل السكاكين والمقصات التي يستخدمونها لأغراض العروض التقليدية بحسب ما توارثوه جيلاً بعد جيل.
ومنصة المشاهدة من داخل مركز «تانيغاشيما» الفضائي محطة ثابتة عند زيارة الجزيرة، تعرض كيفية تشغيل الصواريخ وتسييرها من مجمع «يوشينوبو»، وتكون مغلقة أمام الجمهور أثناء عمليات الإطلاق الحقيقية، وللمهتمين بمتابعة الإطلاق، فإن أفضل مواقع المشاهدة لعمليات الإطلاق، هما متنزها «أوتشوغاوكا» و«هاسه».
50 عاماً و175 رحلة
لماذا اختيرت جزيرة «تانيغاشيما» الساحرة منذ أكثر من 50 عاماً، محطة أساسية لإطلاق صواريخ الاستطلاع الفضائي واستكشاف كوكب المريخ؟ سؤال يمكن الإجابة عنه بالنظر إلى موقع الجزيرة المسترخية على مرمى الفضاء، فهي بطبيعتها الجغرافية المسطحة تعد محطة ممتازة للانطلاق المريح الذي شهد حتى اليوم ما يقارب 175 رحلة فضائية اتسمت كلها بطابع علمي أخاذ سلطت عليه الأضواء الإعلامية بمشهدية بانورامية مبهرة، إذ إنه وبحجم المهمات العالمية التي أسندت إلى مركز «تانيغاشيما» الفضائي، كان الحديث عن الصورة البديعة لإطلالته الخلابة على المحيط الهادئ بمياهه اللازوردية المتداخلة مع كثافة الأشجار.
وبهذه المواصفات يحتل المركز صفة المنصة الفضائية الأجمل عدا عن كونها الأضخم من حيث المساحة، حيث تمتد حتى 9.7 مليون متر مربع جنوبي منطقة «كيوشو»، ويعرب السياح المقبلون على الجزيرة عن حماسهم لزيارة المركز الذي ذاع صيته في العقد الأخير، ويضم مجمع الصواريخ الأكثر تنوعاً على الإطلاق، وتنظم بداخله الجولات التعريفية ضمن موقع «يوشينوبو» المقسم إلى مرافق يتم فيها تجميع مركبات الإطلاق والصيانة والتدقيق والفحص النهائي للأقمار الصناعية قبل تحميلها النهائي.
ويكشف المرشدون عن معلومات مثيرة ترتبط بالدور المحوري الذي يلعبه مركز «تانيغاشيما» الفضائي بين أنشطة استكشاف الكواكب في اليابان.
رادار
لا تقتصر معالم الاستكشاف في مركز «تانيغاشيما» الفضائي على التقنيات المعقدة، إنما يمكن التجول بداخله بقصد الاستمتاع والتقاط الصور التذكارية عند منصتي إطلاق الصواريخ المدارية في مجمع «يوشينوبو»، وتتبع المركبات التي يتم إطلاقها بالرادار أو الكاميرات.
3 ساعات
جزيرة «نانيغاشيما» تتيح استكشافها بالكامل بأقل من 3 ساعات عبر جولة بالسيارة على مسطحاتها السهلية، إذ لا توجد فيها مرتفعات تذكر، وهنا فرصة للوصول بسهولة إلى متحف التنمية الفضائية الذي يعرض نماذج بالحجم الكامل على شكل ألعاب تظهر جوانب التطور التقني في مجال علم الصواريخ وكيفية استخدام الأقمار الصناعية والمحطة الفضائية الدولية والرصد الأرضي وعلم الفلك.
33 ألف نسمة
«تانيغاشيما» هي ثاني أكبر جزر «أوسومي» التابعة لمحافظة «كاجوشيما» اليابانية، أدهشت عشاق الفضاء على الرغم من مساحتها الصغيرة التي لا تتعدى 444.99 كيلومتر مربع، ويسكنها نحو 33 ألف نسمة.
أمواج ساكنة
تقع جزيرة «تانيغاشيما» على مسافة 20 كيلومتراً شمالي «ياكوشيما» و43 كيلومتراً جنوبي «كيوشو»، وهي وجهة شاطئية غنية بثرواتها ومعروفة بأمواجها الساكنة.
جولة على دراجة
مع أن وسائل النقل العام متوفرة على الجزيرة إلا أن استكشاف معالمها بسيارة مستأجرة هو الخيار الأفضل، ولأنها تتميز بجغرافيتها المسطحة، فإن محبي المغامرات قد يرغبون بالتجول فيها على دراجة.
