الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«تطبيقات» توصيل الطعام.. علاقات تشوبها تحديات

«تطبيقات» توصيل الطعام.. علاقات تشوبها تحديات
3 يوليو 2020 00:06

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

في الأشهر القليلة الماضية التي شهدت التزاماً كاملاً بالبقاء في البيت، واحترام التباعد الجسدي بسبب تفشي فيروس «كورونا» المستجد، شهدت تطبيقات توصيل الطعام إقبالاً كبيراً، استجابة لتلبية احتياجات الناس، حيث سهلت هذه التكنولوجيا حياة المستهلكين، وأصبح بإمكانهم الحصول على أشهى المأكولات بضغطة زر، وفي ظل النموها المتسارع لهذه الخدمة تجدر الحاجة إلى إطار تنظيمي اجتماعي، يضبط العلاقة بين صاحب المطعم، وشركة التطبيقات والزبون وموظفي التوصيل.

وعن بدايات ظهور تطبيقات الطعام، قال محمد خلف الميري، خبير في تكنولوجيا المعلومات، إن أول موقع متخصص في توصيل الطعام ظهر عام 1995 وهو «World Wide Waiter»، والمعروف حالياً باسم «Waiter.com»، الذي يقدم خدماته للزبائن في منطقة سليكون فالي، مهد كبريات شركات تكنولوجيا في الولايات المتحدة، موضحاً أنه مع انتشار الهواتف الذكية، اتجهت كثير من المطاعم والشركات لإتاحة طلب الطعام عن طريق التطبيقات الذكية. 
وأشار إلى أن تطبيقات الطعام تنقسم إلى نوعين، شق خاص بالبيع المباشر وهذه التطبيقات تطلقها المطاعم نفسها، لتوفر لزبائنها خدمة طلب الطعام للمنزل، أو حجزه لاستلامه، أو حتى تناوله في المطعم، ونوع آخر يكون التطبيق فيه وسيطاً، بين الزبون والمطعم، وأحياناً وسيط بين ثلاثة أطراف، الزبون والمطعم وشركات التوصيل، وهنا تخرج الشركة بهامش ربح أشبه بالسمسرة.

توسع هائل
وعن كيفية تنظيم العلاقة بين شركات التطبيقات والمطاعم والسائق، قال الميري: إن شركات توصيل الطعام التي تعمل وسيطاً بين المطاعم والسائق والزبون، تبني نجاحها على قاعدة البيانات لديها، فمن ناحية، تعِد هذه الشركات المطاعم بتسويقها لدى قطاع واسع من الجمهور، ومن ناحية أخرى، تعِد هذه الشركات الجمهور بالوصول إلى خيارات أكبر، وفيما يخص السائق، تتيح الكثير من التطبيقات خدمة تقييم السائق، وبناء على المعطيات من الزبون، تقرر الشركة كيف تتعامل مع السائقين، مؤكداً أن القطاع يشهد توسعاً هائلاً، ما أدى إلى دخول الطائرات المسيّرة «درونز»، المتخصصة إلى مجال توصيل الطعام.
وتشهد تطبيقات توصيل الطعام نمواً متسارعاً يحتاج إلى إدارة قانونية، وفق الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي، الذي قال إنه يصعب تأطير التكنولوجيا التي تتطور بسرعة، إلا أن الدولة وضعت سياسات لإدارة هذه التطبيقات وتنظيمها، موضحاً أن تلك التطبيقات سهلت حياة الناس في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد. 

وأضاف رئيس جامعة دبي أن المجتمع الإماراتي مؤهل للتعامل مع هذه التطبيقات، ومع التكنولوجيا بوجه عام، وهو ما ظهر بوضوح في تعامل المجتمع بشكل تلقائي وسلس مع التعليم عن بُعد والعمل عن بُعد، لا سيما أن الدولة أسست أرضية صلبة لهذا المجال، بعد أن أصبحت معظم الأمور الحياتية تتم إدارتها بتقنيات ذكية، مشيرا إلى أن القوانين التي تنظم التعاملات التنولوجية موجودة، ومنها قانون حماية المستهلك.

رقابة شديدة
ونظراً لارتباط خدمات المطاعم بصحة الإنسان، فإن تنظيم ومراقبة هذا النوع من النشاط يطرح تحديات جديدة، قال عنها العميد المتقاعد الدكتور عبدالقادر الخياط، عضو سابق في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات: تجارة الأطعمة عبر برامج التطبيقات أو المنصات، شهدت تزايداً كبيراً في العقد الماضي بمعدل 25 % سنوياً، موضحاً أنه يمكن تحديد أربعة أطر تنظيمية يجب مراعاتها لتنظيم تجارة توصيل الأغذية وهي: البرمجيات الإلكترونية، وسلامة ونظافة الأغذية أثناء الحفظ والنقل، والأشخاص المكلفون بإعداد الطعام والعبوات والتوصيل، وشركات تقديم خدمات (طرف ثالث)، كشركات التوصيل. 
وأوضح أن التسوق الإلكتروني يتطلب التعرف على معلومات شخصية وحساسة للأفراد، كعناوين المنازل، وأرقام الهواتف، وأرقام بطاقات الائتمان، والتي يتم حفظها في قواعد بيانات لدى المطاعم، أو الوسائط الأخرى، كشركات الدفع، أو التوصيل، أو حتى هواتف السائقين في هذه الشركات، وهذه المعلومات تكون معرضة لإساءة الاستخدام المباشر من إحدى هذه الجهات، كبيعها على شكل قواعد بيانية لشركات الدعاية والإعلان، أو بطريقة غير مباشرة، كتعرض مواقع الشركات للقرصنة، خاصة مع عدم وجود ضوابط لإنشاء مواقع إلكترونية للمطاعم تضمن صعوبة اختراقها. وذكر أن حدوث أي من هذه الخروقات يتسبب في مشاكل قانونية من قبيل التحقق من المتسبب وتحديد المسؤولية القانونية والجنائية. وتفادياً لبعض هذه المشكلات، يشدد الخياط، على أهمية وضع ضوابط وأنظمة تحمي المستهلكين وخصوصياتهم، وتنظم هذا القطاع المتزايد في النمو، كما أن استخدام العاملين في المطاعم أو السائقين لحواسبهم أو هواتفهم الشخصية، قد يؤدي إلى مشكلات مجتمعية غير مسبوقة.

سلامة الأطعمة 
وقال الخياط إن سلامة الأطعمة من التحديات الأساسية التي تواجه هذه العملية، موضحاً أن إجراءات الحفظ والتعبئة والنقل قد تعرضها للفساد أو التلوث، خاصة في حال زيادة الطلبات في أوقات معينة، أو عدم تدريب العاملين، أو عدم استعداد بعض المطاعم لهذه النوعية من الخدمات، فضلاً عن عامل الزمن، فالفترة الزمنية للتوصيل وحرارة الجو لهما تأثير كبير في سلامة الأطعمة، موضحاً أن الجهات المسؤولة وضعت ضوابط صحية لخدمات توصيل الأطعمة، إلا أنه ومع زيادة نشاط التوصيل المنزلي، إلا أن الأمر يتطلب وضع شروط تفصيلية لطرق الحفظ والتعبئة لمختلف أنواع الأطعمة، وطبيعة العبوات اللازمة لكل نوعية من الأطعمة والمتطلبات الخاصة في وسائل نقلها، وتدريبات إلزامية لموظفي التوصيل. وللتأكد من تطبيق الشروط، يجب وضع أنظمة رقابية جديدة، كالفحوص المخبرية لوسائل النقل بشكل دوري للتأكد من خلوها من الملوثات.
وتواجه طلبات الطعام الإلكترونية تحديات، بخلاف الملابس، أو المستلزمات الكهربائية، والتي قد لا ترضي الزبائن، وبالتالي يمكن استردادها أو استبدالها، أما عند عدم رضا الزبائن عن جودة الطعام، أو عن شكله، فقد تنشب خلافات يصعب حلها، في هذا الإطار، أكد الخياط أن معظم الطلبات الإلكترونية تعتمد على الصور المنشورة في المواقع، وعادة ما تكون صوراً احترافية لأطباق شهية. أما ما يتم توصيله، فيكون في عبوات تختلف عن الصور المتوافرة في الموقع، أو أن يطرأ على العبوات بعض التغيرات، نتيجة النقل والتوصيل، ما يؤدي إلى عدم رغبة الزبون في الطلبية.
ولتفادي نشوب هذه الخلافات، قال الخياط: إنه يجب وضع أنظمة تحدد طريقة عرض قائمة المأكولات، وتحديد فترة زمنية لتوصيل الطلبات، وأنظمة لتحديد المسؤولية واسترداد المبالغ، ونظراً لكون معظم طلبات التوصيل المنزلية تشترك فيها شركات التوصيل، فإن هذا يشكل عائقاً جديداً في تحديد المسؤولية بشكل دقيق، عند تعرض طلبات الأغذية للسرقة أو الفقد أو العبث، وكذلك الحوادث المرورية، أو الاشتباه بسرقة من ممتلكات منزل الزبائن، أو وسيلة النقل، ما يجعلنا أمام نوعية جديدة من المسؤوليات لم تكن مطروقة سابقاً، ولتفادي هذه النوعية من المشكلات، يتوجب وضع أنظمة جديدة تحد منها، وتحدد المسؤولية بشكل جلي.

إطار قانوني
ويقول المحامي سالم سعيد الحيقي، عضو جمعية الإماراتيين والقانونيين: ارتفاع الطلب على تطبيقات توصيل المواد الغذائية والوجبات السريعة، يقتضي توضيح الإطار القانوني الذي ينظم العلاقة بين التطبيق والمطاعم وشركات التوصيل والعميل، موضحاً أنها علاقة تعاقدية تندرج تحت قانون اتحادي رقم (5) لسنة 1985 بإصدار قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة وتعديلاته، موضحاً أن العلاقة بين التطبيق والعميل علاقة تعاقدية تربطها عقود إلكترونية متاحة للقراءة والموافقة عليها أثناء عملية التسجيل لطلب خدمات التطبيق، وأن العلاقة بين التطبيق والمتاجر علاقة تعاقدية تندرج تحت قانون اتحادي رقم (18) 1993 بإصدار قانون المعاملات التجارية وتعديلاته، أما العلاقة بين التطبيق وشركات التوصيل والعميل، فتعتبر علاقة بين شقين يحكمها القانون المدني بكافة اختصاصاته، وقد تندرج أحياناً تحت قانون العقوبات الاتحادي لسنة 1987 وتعديلاته، موضحاً أنه في حالة كان الدفع من قبل العميل نقداً لمندوب التوصيل واعتبار ذلك من عقود الأمانة، وفي حالة عدم سداد المبلغ الذي قام باستلامه مندوب التوصيل، يمكن محاسبته على جريمة خيانة الأمانة المعاقب عليها في القانون سالف الذكر. ولفت إلى أن العلاقة بين التطبيق والتاجر والعميل تعد علاقة وساطة تجارية، حيث يقوم التطبيق بالتوسط بين المتاجر والعميل لإتمام عملية الشراء، وإتاحة حرية اختيار العميل حول عملية توصيل الطلب، سواء كان عن طريق التوصيل، أو استلام العميل الطلب في المتجر، مقابل نسبة متفق عليها مسبقاً بين التطبيق والمتجر، من دون تحميل العميل أي تكلفة إضافية لم يتم النص عليها صراحة بعد عملية الشراء.

47 دقيقة
وذكر الحيقي أنه في حالة اختيار العميل طلب إيصال وجبة ما، فإن التطبيق يقوم بإسناد هذه المهمة إلى المتجر، إن كان لديه خدمة التوصيل، أو يقوم التطبيق بعملية توصيل السلعة عبر شركات توصيل تم الاتفاق معها مسبقاً، يتحمل كلفتها المتجر من دون زيادة في السعر النهائي لعملية الطلب التي قام بها العميل، وحيث إنه وبمراجعة أغلب عقود هذه التطبيقات، فإن التطبيق لا يلتزم بمدة معينة للتوصيل، ولكنها تتم غالباً بمتوسط مدة قدره 47 دقيقة، ويتم تحميل العميل تكلفة الشراء في حالة لم يتم إلغاء عملية الشراء، أو في حالة تم إلغاء عملية الشراء، ولكن بعد تنفيذ الطلب، يحق للتطبيق إرجاع مبلغ الشراء، أو عدم إرجاع المبلغ بعد مراجعة الأوقات عبر موظفي التطبيق، مشيراً إلى أنه في حال وجود نزاعات قضائية بين كل من التطبيق والمتاجر وشركة التوصيل، فإن وزارة الاقتصاد، متمثلة بإدارة حماية المستهلك، هي الجهة التي يلجأ إليها العميل. 
وتستدعي المنافسة الالتزام بمعايير الجودة والنظافة والإبداع والتجربة السلسة، سواء فيما يتعلق باختيار الأطعمة أو توصيلها، بحسب غيد المكاوي، المدير العام لشركة «كريم»، موضحة أن «سائق» كريم «يقوم بتعقيم اليدين قبل وبعد استلام الطلب، وقبل وبعد توصيل الطلب، كما يحرص على تعقيم الدراجة يومياً وتعقيم حامل الطعام، باستخدام مناديل التعقيم بعد وقبل كل طلب. كما يحرص على ارتداء القناع والقفازات الواقية في جميع الأوقات». وقالت: إن «الشركة تحرص على العمل مع المطاعم التي تلتزم بأعلى درجات النظافة، وتتخذ جميع إجراءات السلامة».

دليل «السلامة الغذائية»
بحسب هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، ووفق دليل الإجراءات والتدابير اللازمة للتعامل الآمن مع الغذاء أثناء جائحة كورونا المستجد (كوفيد- 19)، الذي اطلعت عليه «الاتحاد»؛ فإنه يجب استخدام الأدوات ذات الاستخدام الواحد، ويجب أن تتوافق عبوات المواد الغذائية مع التشريعات ذات العلاقة، وأن تكون نظيفة ومناسبة للأغذية، كما يجب أن يتم تخزين مواد التعبئة بشكل آمن لا يعرضها لمخاطر التلوث، واستخدام حقائب أو صناديق معزولة، ويجب أن تكون الحاويات سهلة التنظيف والتعقيم، ولا بد من التأكد من تعقيم الحاويات قبل وبعد كل استخدام، وتقديم الطعام الساخن للزبائن على درجة حرارة 63 درجة مئوية أو أعلى، فيما يقدم «البارد» على درجة حرارة 5 درجات مئوية أو أقل، ولتحقيق ذلك يوصي الدليل بألا تتجاوز مسافة التوصيل الـ 30 دقيقة. كما حث الدليل على توعية عامل التوصيل بأساليب السلامة الغذائية والنظافة الشخصية، والتحقق من ظهور أعراض المرض على السائقين. وشدد على أهمية الدفع غير النقدي، وعند تسلم الوجبات الغذائية يجب تجنب الاتصال المباشر مع عامل التوصيل، ومن ثم نقل الطعام إلى وعاء آخر نظيف في المطبخ، وتجنب لمس الأواني التي تم توصيلها، والتخلص منها، ثم تنظيف السطح وتعقيمه وغسل اليدين 20 ثانية على الأقل قبل تناوله.

تجربة سلسة
اعتادت صفاء سرحان طلب الطعام عبر تطبيق إلكتروني حمّلته على هاتفها المحمول، وقالت: «الأمر سهل، أضع اسم الطبق الذي أريده في خانة البحث، وبعد ثوانٍ تظهر لي قائمة المطاعم التي تقدمه، مرفقة بتقييمات الزبائن، ما يجعل الأمر أقل حيرة»، موضحة أنها تتبع الإجراءات التي تقدمها وسائل الإعلام باستمرار حول كيفية تسلم الطعام من عامل التوصيل. وأكدت أنها لاحظت التزام المطاعم وشركات التوصيل بها، ولا سيما ما يخص توفير خدمة الدفع الإلكتروني من المنزل، وارتداء عامل التوصيل الكمامة والقفازات، والتزامه بالمسافة الآمنة، من خلال ترك الطلب أمام الباب، والرجوع مسافة مترين للخلف.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©