الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الكرز.. «حَب الملوك»

الكرز.. «حَب الملوك»
25 يونيو 2020 00:15

رنا سرحان (بيروت)

تتزين أعالي الجبال في لبنان باللون الأحمر لثمرة «حَب الملوك» أو الكرز، حيث تزرع أشجاره في معظم القرى والبلدان، خاصة الجبلية منها، التي تتميز بالمناخ البارد، وكلما زاد الارتفاع عن سطح البحر، كان الإنتاج أفضل والطعم أفضل، وهو ما يشهده لبنان هذه الأيام في موسم القطاف. وتشتهر الكثير من المناطق اللبنانية بإنتاج أجود الأنواع من بساتين الكرز، التي تتلألأ تحت أشعة الشمس، وكأنها ياقوت أحمر بين أيادي شابات وشبان يعملون مرتين يومياً لمدة 45 يوماً على القطاف منذ الخامسة فجراً حتى الواحدة ظهراً.
وتشعرك أصوات حفيف الأشجار مع ترنمات العمال والهواء النقي وجمال الألوان أنك في عالم مختلف، فهذه المشهدية اللبنانية نادرة في أيام السنة، حيث يعتبر الشخص في الأوساط اللبنانية «محظوظاً» عندما يرث بستاناً عن آبائه أو أجداده.

عناية كبيرة 
ويقول صاحب بستان كرز عبد الأمير الساحلي: «هذه أملاك خاصة ورثناها عن والدنا، فنحن كنا نعيش في فنزويلا، لكن والدي كان يتردد في كل عام للمجيء إلى هنا في فصل الصيف للاعتناء بالأشجار المثمرة، والحنين إلى الأرض، كانت العودة إلى رعاية حبات الكرز المميزة المضيئة».
ويصف لنا الموسم: «يبدأ الكرز في موسم جني الثمار بعد 7 سنوات من زراعة الشجرة، وهو يتطلب عناية كبيرة والرش مرتين سنوياً لحمايته من التسوس أو عوامل الطبيعة المفاجئة.. ومنتصف مايو حتى نهاية يونيو هو الموعد السنوي مع قطف الكرز، وبحسب أنواعه يحين الموعد، فعلى سبيل المثال نبدأ بقطاف الكرز الطلياني، ثم السكري والفرعوني وقوس قزح والإيراني.
وقال: يعتبر أهم الأنواع التي يتم تصديرها هي الفرعوني، لأنه يحتمل وقتاً أطول في المحافظة على جودته نظراً لنوعية قشرته المتماسكة، وهو غالباً ما يكون على شكل القلب، أما الطلياني، فهو قريب من حجم المربع، أما قوس القزح، فلا يصلح للسفر رغم لونه المميز بالأصفر والزهري مع خط أحمر، لكنه ينضج بسرعة ومرغوب في المطاعم للزينة، كما يستعمل لعمل «المربى والكومبوت»، وبات نادراً هذه الأيام، فيما يستهلك السكري في السوق المحلي بسبب قشرته الرقيقة وسرعة نضجه.

فرعون الكرز
والفرعوني، كرز يتربع على قائمة الأنواع الأكثر جودة للتصدير، وكما يقول الساحلي، يسمى «فرعون الكرز»، ولا تقربه العصافير لقشرته المتماسكة وبقاء طعم الحموضة قليلاً فيه على خلاف الطلياني»، مشيراً إلى أن أصحاب البساتين يحرصون على تدريب العمال على قطاف الكرز، حيث تتم العملية باليد، حبة بحبة، مع مراعاة عدم قطف البرعم، أو «العوينات»، كما يقال له بلغة القطاف، وهو الملاصق للثمرة كي لا يفقد شجر الكرز قدرته على الإنتاج في السنة التالية، فضلاً على المحافظة على الأغصان السفلية أثناء القطاف.
وللكرز «خصوصية» في توقيت جني ثماره خلال النهار أيضاً، فالحبة الناضجة يجب أن تأخذ دورها في ساعات الصباح الباكر كي لا تفقد عودها في ساعات ما بعد الظهر، مع مراعاة ألا يقطف قبل التأكد من نضوجه، وذلك بعد تغيير لونه الذي يعتبر مؤشراً للجني.. ويفضل أصحاب مزارع حقول الكرز العامل النسائي أثناء عملية القطاف، نظراً لبراعتهن في المحافظة على رونق الحبات، ونعومة أيديهن وهدوئهن في التعاطي مع البراعم والأغصان، كما يقول الساحلي.
ويأتي موسمه مرة كل عام، فتجد المحال وأسواق بيع الفواكه لوحات خمرية حمراء أو زهرية لمدة شهر ونصف، فيحاول التجار إطالته بحفظ الكرز في «البرادات» لمدة لا تزيد عن الشهرين ليسافر حَب الملوك إلى موعد سنوي آخر يتجدد في عام مقبل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©