الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

علاجك داخلك!

علاجك داخلك!
20 يونيو 2020 00:08

سامي عبد الرؤوف (دبي) 

«علاجك داخلك».. هذا ما تحققه الخلايا الجذعية، ذلك الميراث الأسري الذي لا يقدر بثمن، وشهدت السنوات الماضية قفزة علمية هائلة في التعرف على أنواعها، وكيفية استخلاصها والتعامل معها، واستثمارها في علاج أمراض المستقبل.

ولأهميتها في طب المستقبل، كانت الإمارات سباقة في استخدام «الخلايا الجذعية» في علاج المصابين بفيروس «كورونا»، في إطار حرص الدولة على تطبيق التقدم العلمي وتوظيفه في حل المشكلات الطارئة والكوارث غير المتوقعة كجائحة «كوفيدـ 19»، في ظل استمرار المعامل البحثية العالمية في محاولات تصنيع مصل لهذا الفيروس الذي انتشر في العالم انتشار النار في الهشيم، وما زالت هذه الأبحاث والمحاولات تحتاج إلى الكثير من الوقت والأموال. 
ولجوء الإمارات لاستخدام الخلايا الجذعية علاجاً مساعداً لمرضى «كوفيدـ 19»، حل سريع مسعف خارج الصندوق، بحسب ما وصفته الدكتورة عزة عبد المنعم عطية، أستاذ مساعد البيولوجيا الخلوية والخلايا الجذعية بكلية طب جامعة عين شمس واستشاري الخلايا الجذعية والأمراض الوراثية بمدينه دبي الطبية، مشيرة إلى أن الخطوة المهمة تستند إلى رؤية مستقبلية علمية.

طريقة الاستخدام
حول كيفية استخدام الخلايا الجذعية في علاج «كوفيدـ 19» وسبب نجاحه، أفادت عطية، بأنه عندما يصاب بعض المرضى وليس كل المرضى بهذا الفيروس، فإنه يهاجم خلايا الغشاء التنفسي ويستوطن بها مثل أي فيروس إنفلونزا، مما يؤدي إلى التهاب حاد بالجهاز التنفسي تختلف شدته وتأثيره من شخص لآخر. 
 وأضافت: «يقوم الفيروس بإتلاف الخلايا التي أصيبت بالفيروس، ولكن يتفاقم الوضع في بعض المرضي، حيث تقوم الإصابة بهذا الفيروس بتحفيز الجهاز المناعي للشخص نفسه بمهاجمة الفيروس، ولكن بشكل مبالغ فيه، مما يؤدي إلى مهاجمة الخلايا المصابة وغير المصابة في الجهاز التنفسي والرئتين». 
 وأشارت إلى أن ذلك يؤدي إلى التهاب رئوي حاد وصعوبة في التنفس وتليف رئوي حاد في بعض الحالات، مما قد يودي بحياة بعض المصابين وعلى الأخص كبار السن أو حتى صغار السن الذين يعانون أمراضاً أخرى.
وقالت: «يأتي هنا دور الخلايا الجذعية، حيث يتم الحصول عليها من عينة دم للمريض نفسه حتى تكون مطابقة لخلاياه، ويتم عزلها عن بقية خلايا الدم بالمعمل وتنشيطها حتى تكون قادرة على الانقسام السريع، ثم يتم تحميلها في رذاذ ناعم يتم استنشاقه من خلال الانف حتى تصل هذه الخلايا إلى الجهاز التنفسي».  وأوضحت استشاري الخلايا الجذعية والأمراض الوراثية بمدينة دبي الطبية، أنه عند وصول الخلايا الجذعية للجهاز التنفسي، فإنها تقوم بالانقسام السريع لإحلال الخلايا التالفة، كما أنها تقوم بتنشيط الخلايا الجذعية الأخرى الموجودة بالجهاز التنفسي لأي شخص فينا من خلال إفراز بعض المواد. 
ولفتت عطية إلى أن هذه المواد المفرزة يكون لها تأثير إيجابي على الخلايا المحيطة لتهدئة الموقف، كذلك تؤثر على الخلايا المناعية في الدم والغدد الليمفاوية لمنعها من ردة فعلها المفرطة ضد خلايا الجهاز التنفسي.  وخلصت إلى أنه بذلك، يعد العلاج بالخلايا الجذعية علاجاً داعماً وليس علاجاً شافياً؛ لأنه لا يقضي على الفيروس، ولكن يقضي على أعراضه التي قد تكون مدمرة في بعض الحالات، مشيرة إلى نجاح الخلايا الجذعية في علاج كل الحالات التي تم استخدامه معها دون آثار جانبية. 

شروط الاستخدام 
حول شروط استخدام علاج مرض «كوفيدـ 19» بالخلايا الجذعية، أوضحت الدكتورة عطية، أنه حتى الآن لا توجد شروط لعلاج الفيروس بالخلايا الجذعية طالما أن هذه الخلايا مستخلصة من عينة دم للمريض نفسه، ولكن من الضروري استخدامها فقط للمرضى الذين يعانون أعراض المرض، وليس الذين لا يعانون أعراضاً. 
وقالت: «أما إذا أخذت الخلايا الجذعية من شخص آخر، فيجب في هذه الحالة إجراء الفحوص عليها وعلى خلايا المريض لمعرفة مدى توافقهما وتطابقهما من خلال تحاليل معينة، مثل تحاليل زرع الأعضاء بين المتطوع والمتلقي، ويجب أيضاً خلو المتطوع من الأمراض وموافقته على إعطاء خلاياه الجذعية للشخص الآخر».

مواصفات وأسرار 

رداً على سؤال عن مواصفات مانح الخلايا الجذعية ومستقبلها، أفادت الدكتورة عطية، أنه لابد من خلو المانح من الأمراض، ولكن إذا كان المنح من الشخص لنفسه، كما في حالة «كوفيد 19»، فيمكن استخدام الخلايا الجذعية من المريض لنفسه، بالإضافة إلى شرط توافق وتطابق خلايا المانح مع المستقبل.
وحول المدة الزمنية لاستخدام الخلايا الجذعية، أكدت أنه يمكن الاحتفاظ بالخلايا الجذعية على الأقل فترة 30 عاماً إن لم يكن مدى الحياة طالما تم استخلاصها وحفظها بشكل سليم في النيتروجين السائل عند درجة حرارة -196 درجة مئوية.

علاج المستقبل 
عن دور الخلايا الجذعية في علاجات الكثير من الأمراض في المستقبل، وصفت استشاري الخلايا الجذعية والأمراض الوراثية بمدينة دبي الطبية، العلاج بالخلايا الجذعية بأنه «من أهم إنجازات القرن الـ 21»، حيث شهد هذا القرن قفزة علمية هائلة في التعرف على أنواع الخلايا الجذعية، وكيفية استخلاصها والتعامل معها. كما شهدت السنوات العشرين الماضية تحويل الخلايا الجذعية من طور إلى طور وتطويعها لعلاج أمراض كثيرة، مثل سرطان الدم وأمراض التمثيل الغذائي وأمراض نقص المناعة وبعض الأمراض الوراثية، خصوصاً أمراض الدم الوراثية، فكل هذه الأمراض يتم علاجها بالفعل بالخلايا الجذعية. وما زالت الأبحاث تجرى لاستخدامها في علاج مرض التوحد ومرض السكري وتصنيع بعض الأوعية الدموية والأنسجة الطبيعية في المعمل لزراعتها في الإنسان، ليتم في المستقبل استخدامها لإحلال الخلايا والأعضاء التالفة، إذ تشير النتائج البحثية الأولية إلى نتائج مشجعة جداً في هذا التوجه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©