الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

جسر الشيخ زايد.. أسطورة الأمواج والكثبان

جسر الشيخ زايد.. أسطورة الأمواج والكثبان
12 يونيو 2020 00:10

نسرين درزي (أبوظبي) 

لم يحظ جسر في المنطقة بحجم الإبهار المعماري الذي تفرد به جسر الشيخ زايد عند مدخل العاصمة أبوظبي منذ افتتاحه في العام 2010 حتى قيل فيه إنه الجسر المبني الأكثر إعجازاً وتعقيداً على الإطلاق. وتليق به صفة التحفة الفنية المعلقة، إذ يحاكي بأقواسه المنحنية تموجات الكثبان الرملية المنبثقة من صحراء الإمارات وتصاميم مذهلة تخطف الأنظار، وقعتها إبداعات المهندسة العالمية زُها حديد، الحائزة جائزة «بريتزكر».
ويربط جسر الشيخ زايد أبوظبي بإمارة دبي، ومنها إلى الإمارات الأخرى، ويربط العاصمة ببقية مدنها وجزرها من خلال طرق برية مختصرة ويتسع لمرور 4 مركبات معاً في كل اتجاه. ويتميز بجوانب إسمنتية ترتفع على طول الجسر حتى 64 متراً عن سطح البحر تشبه في تصميمها التلال الرملية في الصحراء.

الجسر الذي ترك بصمة عالمية حول إنجازات دولة الإمارات، تم بناؤه تكريماً للأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتشرف عليه بلدية مدينة أبوظبي، وقد نال جائزة الإنجازات العالمية للطرق في العام 2011، وجائزة أجمل جسر في العام 2012 عن تصاميمه المنحنية. 
ويمثل بحضوره الفذ على خريطة أهم الجسور الحديثة في العالم بعداً راسخاً ويواكب خطة التنمية الشاملة التي تعتمدها البلدية في مسيرة البناء وتطوير المشاريع العملاقة وتعزيز البنية التحتية وفق أفضل الممارسات العالمية، وذلك تماشياً مع استراتيجية 2030 التي ترتقي بأبوظبي إلى مرتبة متقدمة بين المدن العصرية في العالم. 
ويكشف جسر الشيخ زايد بموقعه الاستراتيجي عند منطقة المقطع جماليات الواجهة العمرانية للعاصمة أبوظبي، إذ يجمع في مشهدية واحدة بين مرافقها البحرية ومعالمها الأصيلة الممتدة حتى حداثة البنيان. يبلغ طوله 842 متراً وارتفاعه 64 متراً، ويزداد تألقاً في الليل من خلال الإضاءة الديناميكية المنسابة عبر هيكله، والتي تعد جزءاً أساسياً من تصميمه الأخاذ. وتلعب إضاءته التي تتبدل ألوانها تدريجياً دوراً بارزاً في إظهار مسارات الجسر وأقواسه الفولاذية المتماثلة على شكل أمواج البحر. ومع كل عبور فوق جسر الشيخ زايد، يشعر السائقون ومن معهم بأهمية اللحظة التي تنقلهم إلى عوالم استثنائية، تجتمع فيها معايير التألق بكل جوانبه. فهنا تلتقي مظاهر الإبداع المعماري وفنون الهندسة العصرية ورفاهية التصميم ودقة التنفيذ في إطلالة من فوق على أجمل اللوحات الراسخة عن صورة أبوظبي بين القديم والحديث. ويختصر المكان بسعته الكاشفة لأكثر من جهة، قصة الطرقات الحيوية لمداخل العاصمة ومخارجها والممرات الفرعية المؤدية إلى وجهاتها الرئيسة النابضة بالحياة، ما يزيد تجربة العبور فوق الجسر زهواً وشعوراً بالإيجابية والتفاؤل. 
ويستوعب الجسر حركة مرورية كثيفة بالاتجاهين، ويشمل ممراً للمشاة وكتفاً للطريق في كل اتجاه، ما يوفر ملاذاً آمناً للمركبات المتوقفة وحالات الطوارئ. وقد استخدم في تركيب الركائز الخراسانية البالغ عددها 666 ركيزة بطول 15 كيلومتراً، نحو 480 طناً من الخرسانة و35 طناً من حديد التسليح، و5 آلاف طن من الهياكل الحديدية مسبقة الشد، و2000 طن من حديد القواعد، وفق معلومات منشورة على شبكة الإنترنت.

أعمال تشييد الجسر الذي افتتح في نوفمبر من العام 2010 تكللت بنجاح وصل صداها إلى أصقاع الأرض. وسرعان ما أطلق عليه أيقونة العمارة ضمن فئته والجسر الأكثر جذباً للسكان والسياح ممن يتقصدون العبور فوقه عند زيارة العاصمة، لاسيما أنه كتلة جمالية بذاته باختلافه عن أي بناء قد تقع عليه العين. ويشكل نقطة تنقل رئيسة توصل بسهولة إلى أكثر من وجهة، بينها مطار أبوظبي الدولي، وغالبية المعالم السياحية ومرافق الجذب والخدمات في المدينة، بينها برج المقطع وجزيرة ياس وجامع الشيخ زايد وقرية البري والفنادق المجاورة. 
ويمثل جسر الشيخ زايد نهج التطور الذي تتبناه دولة الإمارات الآخذة بإبهار العالم ببنيانها الأسطوري عبر تحطيمها لأهم الأرقام القياسية في التصاميم المعمارية البارزة. ولا يقتصر الجسر - التحفة خصوصية المشروع الحيوي العملاق والتصميم المعماري المتفرد وحسب، وإنما ينضوي بتميزه على مستوى التصاميم الإنشائية والهندسية المتوافقة تحت المعايير والمواصفات العالمية، ما كرّسه معلماً معمارياً وهندسياً حياً ونموذجاً حضارياً في الجمال والابتكار.

مشهدية عالمية
يحتفي جسر الشيخ زايد بالمناسبات الوطنية والدولية من خلال تبديل إضاءته الديناميكية بألوان علَم الإمارات وأعلام الدول الصديقة. وتنقل مشهديته المتلألئة المحطات التلفزيونية، وقنوات التواصل الاجتماعي في تأكيد على تضامن العاصمة أبوظبي مع مختلف الأحداث الثابتة على الخريطة العالمية.

جائزة الإنجاز
حاز جسر الشيخ زايد الذي يعد المعبر الثالث لأبوظبي جائزة الإنجاز العالمية للطرق (GRAA) في العام 2011 عن فئة التصميم، والتي يمنحها الاتحاد الدولي للطرق (IRF) أحد المنظمات المعترف بها من قبل الأمم المتحدة. ويمثل البرنامج مسابقة عالمية لتحديد وتكريم التميز والابتكار والإنجاز الاستثنائي ضمن 12 فئة رئيسة في قطاع النقل والبنية التحتية. ويقوم بالنظر في المشاركات المقدمة مجموعة تحكيم من الأعضاء الأكاديميين والخبراء الدوليين.

برج المقطع
يتيح جسر الشيخ زايد أجمل إطلالة على برج المقطع عند مشارف العاصمة أبوظبي، والذي تم بناؤه في أواخر القرن الـ 18 بالتزامن مع بناء قصر الحصن. وهو من النماذج القليلة للأبراج الساحلية الدفاعية الكاشفة على الواجهة البحرية والمبنية من حجر المرجان وأحجار الشواطئ.
كان برج المقطع بمثابة المكان الذي يستريح فيه المسافرون قبل عبور المسطحات المالحة في جزيرة أبوظبي على الطريق الممتد إلى المدينة. ولا يزال حتى اليوم يمثل البوابة الرمزية لجزيرة أبوظبي، إلى جانب المعالم البارزة المحيطة به وبينها طريق المقطع وجسر المقطع وجسر الشيخ زايد.

معايير الصدارة
من أهم المعايير التي وضعت جسر الشيخ زايد في الصدارة، درجة التعقيد والقدرة على الإلهام والابتكار والكفاءة، والقيمة الفنية المضافة لصناعة تطوير الطرق، والمساهمة في معالجة الاهتمامات الاجتماعية والاقتصادية، والنجاح في استخدام التقنيات المتوافرة، والإبداع في تطبيق التقنيات الجديدة، واستحداث المنتجات والمعدات ودرجة تلبية المشروع لاحتياجات الجمهور.

زُها حديد..  عبقرية التصميم
زُُها محمد حسين حديد معمارية عراقية بريطانية ولدت في بغداد في العام 1950 وتوفيت في ميامي في 3 يوليو 2016. أنهت دراستها الثانوية في العراق وعملت كمعيدة في كلية العمارة بلندن وأستاذة زائرة في عدة جامعات أوروبية وأميركية بينها «هارفرد» و«شيكاجو» ،«هامبورج» و«أوهايو» و«كولومبيا» و«نيويورك» و«بيل».

التزمت زها بالمدرسة التفككية التي تهتم بالنمط والأسلوب الحديث وتميزت أعمالها بالخيال والخطوط الحرة والمكانة. نفذت 950 مشروعاً في 44 دولة، أكثرها شهرة: محطة إطفاء الحريق في ألمانيا، ومتحف الفن الإيطالي في روما والأميركي في سينسياتي، ومركز لندن للرياضات البحرية، ومحطة الأنفاق في ستراسبورج، والمركز الثقافي في أذربيجان، ومركز حيدر علييف الثقافي في باكو وجسر الشيخ زايد في أبوظبي. وهي من أوائل النساء اللاتي حزن جائزة «بريتزكر» في الهندسة المعمارية في العام 2004.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©