الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

روسيا.. اهتمام مبكر بالثقافة العربية

المكتبة الوطنية في موسكو (الصور من المصدر)
22 مايو 2020 00:08

إعداد: شاكر نوري

مخطوطاتنا العربية والإسلامية، بكل ما تحمل من علوم ومعارف وجماليات، كنوزنا الروحية، وذاكرة الأمة، ولكن الآلاف منها متناثرة في المكتبات الأجنبية في العالم، حيث اقتناها الغرب عاشقاً وطامعاً، واستولى على كثير منها بعد أن كانت محفوظة في خزائن الكتب في المساجد والمدارس ودور العلم وقصور الخلفاء والأعيان.. وقد استنار الغرب بحضارتنا العربية الإسلامية العريقة، واستفاد منها في علومه ومعارفه، ولذا نسلط الضوء على المخطوطات العربية والإسلامية الموجودة في عدد من مكتبات العالم حالياً.

لو تتبعنا رحلة المخطوطات العربية والإسلامية في روسيا، لوجدنا بأنها تعود إلى الحملات العسكرية التي قامت بها روسيا، واستحوذت على بعضٍ منها، إلى جانب المجموعات التي جاء بها الدبلوماسيون والباحثون الروس من الخارج، وأبرزهم المستشرق كارايم، وعالم الآثار أفرام فيركوفيتش.
وكما يثبت واقع الدراسات، فإن المخطوطات العربية والإسلامية تتركز في المدن التالية: سانت بطرسبرغ «معهد الدراسات الشرقية»، يضم 10.700 قطعة ومخطوط، و«كلية الدراسات الشرقية» تضم 880، والمكتبة الوطنية 11 تضّم ألفاً، ومدينة قازان التي تضّم 4 آلاف مخطوط بين متحفها وجامعتها ومسجدها، وداغستان فيها نحو 3 آلاف مخطوط تمت فهرستها في كتاب «المخطوطات العربية في داغستان».

  • خريطة الإدريسي

أما في موسكو، فتتوزع المخطوطات العربية في مكتبة روسيا الاتحادية - مكتبة لينين سابقاً-، معهد موسكو للشؤون الخارجية، متحف المنطقة التاريخي، متحف الفنون الجميلة لفناني المشرق ومكتبة جامعة موسكو.
ويعود الاهتمام الروسي بالمخطوطات العربية والإسلامية إلى بطرس الأول الذي أنشأ دار التحف التابع لمؤسسة أكاديمية العلوم، وجمع المخطوطات الشرقية، ثم تأسيس المتحف الآسيوي وانتقال مواد دار التحف من مخطوطات ونقود شرقية إليه في 1818، وهي الخطوة الأولى في تاريخ الاستشراق الروسي.
وبرزت مدينة سان بطرسبرج كأكبر مراكز حفظ المخطوطات؛ وتحول المتحف الآسيوي إلى معهد الاستشراق في العهد السوفيتي.
وصدر أول كتاب عن «فهرس المخطوطات العربية في معهد الاستشراق في مجلدين، بإشراف المستعرب الروسي المعروف د. أنس خالدوف. وتبع ذلك صدور كتاب «المخطوطات العربية ودراستها في الاتحاد السوفييتي». إضافة إلى هذا التوثيق، قامت المكتبة العامة، ووزارة الخارجية، وكلية اللغات الشرقية بجامعة بطرسبرج بدور بارز في العناية بالمخطوطات العربية والإسلامية، بدعم من المستشرقين الروس.
وبدأ الاستعراب الرسمي في روسيا والانفتاح على المؤلفات العربية والإسلامية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، حيث قامت القنصليات والإرساليات الروسية في الشرق الأدنى بدور كبير في اقتناء الآثار العربية والإسلامية، ونقلها إلى روسيا.

  • مخطوط روسي قديم عن الثقافة العربية

وأكبر دليل على ذلك الاهتمام المبكر في الثقافة العربية، فقد صدرت أول ترجمة روسية لسيرة «عنترة» في عام 1833، ثم صدور ترجمة معلقة الشاعر امرئ القيس في 1863. وبعد ذلك، صدور ترجمة «كليلة ودمنة» في 1889. وهكذا تراكمت أعمال أخرى لأبرز الأعلام مثل ابن الهيثم، والطوسي، والجهميني، والشيرازي، والنيسابوري، والعاملي، وغيرهم.
ومع تأسيس المعهد الآسيوي التابع لأكاديمية العلوم في عام 1818، بدأ البحث في المخطوطات العربية والإسلامية كجزء من استشراف ثقافة المسلمين وتأثيراتهم الحضارية. وكما هو معروف، فإن الإسلام عريق في روسيا، يعود إلى القرن التاسع الميلادي، لذلك ظهرت مؤسسات الاستشراق في كل من سانت بطرسبورغ، وموسكو، والقوقاز، وكازان، وأوزبكستان، وأذربيجان، وطاجكستان، وجورجيا، وأرمينيا، أي في المناطق التي تتواجد فيها الجالية المسلمة بشكل كبير.
وأول مجموعة مهمة دخلت إلى المتحف الآسيوي، هي مجموعة القنصل الفرنسي السابق في حلب ج. روسو، التي اشترتها الحكومة الروسية وعددها 470 مخطوطة، بين عامي 1819 و1825، وأصبحت نواة تأسيس قسم المخطوطات الإسلامية فيه. ثم أعقب ذلك سلسلة من الإقناءات للمخطوطات العربية التي أضيفت إلى المتحف، بما قام به المستشرق ف. إيفانوف من بخارى، باقتناء 1057 مجلداً، معظمها مخطوطات عربية لصالح المتحف، وهي «مجموعة بخارى»، وكذلك «مجموعة وان» فيها أكثر من ألف مخطوطة عربية.
وتعد مكتبة كلية الدراسات الشرقية بجامعة سانت بطرسبورغ من أقدم مكتبات الاستشراق في روسيا، وتحتوي على 10700 مخطوط، أبرزها «الأصول» لإقليدس لثابت بن قرة، و«الكافي في الحساب» للكرجي و«كتاب النجوم الثابتة» للصوفي، ومخطوطات للبغدادي والطوسي وقاضي زادة الرومي والقوشجي واليازدي والعاملي وغيرهم.
إن ظهور الفهارس بالمخطوطات الرياضية والفيزيائية العربية في 1966، جاء كجزء هام من الاهتمام الروسي بالعلوم العربية، مهّد الطريق إلى تنشيط معهد الاستشراق، التابع لأكاديمية العلوم الروسية، على اقتناء وحفظ المخطوطات العربية في مجالات الرياضيات والفلك والفضاء. ويحتوي هذا المعهد على 1500 مخطوطة عربية.
ويحتوي معهد التاريخ واللغة والأدب لأكاديمية العلوم السوفيتية في داغستان (1945) على نحو 2500 مجلد مخطوط عربي، وأبرز ما فيها مخطوط «مصابيح الدجى» للإمام الشافعي المعروف؛ أبي محمد الحسن الفراء البغوي، ومخطوط «إفهام» لجلال الدين عبدالرحمن البلقيني.

  • كليلة ودمنة

وتحتوي دار الوثائق الأثرية لدولة روسيا فهارس للمخطوطات والوثائق العربية فيها، قام بتأليفها ديمتري موروزوف، تم تسجيل أسماء المخطوطات وأماكنها ونساخها والمتبرعين بها، وأبرزها: «الجامع الصحيح» لمحمد بن إسماعيل البخاري، و«الشمائل: للترمذي»، و«مختصر الصحيح» لعبدالحق بن عبدالرحمن الأزدي، و«الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار» لأبي جعفر محمد ابن الحسن بن علي الطوسي، و«التوشيح على الجامع الصحيح» للسيوطي، ومخطوط «شرح التبريزي على سقط الزند» لأبي العلاء المعري، وغيرها من المخطوطات الهامة.
وبمرور الزمن، أصبحت المكتبة الوطنية في روسيا الاتحادية جسراً معرفياً بين آسيا وأوروبا، وعلى الخصوص في أقدم مكتباتها، مكتبة بطرسبورغ التي تأسست في 1795، وتحتوي على 183 مخطوطاً عربياً، من ضمنها مجموعة بيتر بتروفيتش دوبروفسكي «1754 - 1812»، الدبلوماسي ومقتني الكتب النادرة، حيث اقتنى نحو ألفيّ مخطوط إلى جانب عمله في المكتبة ما بين 1805 و1812.
وتضم المكتبة، إجمالاً، كتباً إسلامية كتبت بخط اليد، وأكثر من 2000 مخطوطة عربية، من ضمنها مجموعة كاملة من القرآن الكريم المكتوب بالخط الكوفي ما بين القرن الثامن والحادي عشر، ويحمل زخرفة فن المماليك. وبالإضافة إلى المخطوطات، تمتلك المكتبة أكثر من 37 خريطة للعالِم العربي أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي أحد أشهر مؤسسي علم الجغرافيا 1100 - 1166.
إن الفهارس الموجودة في المكتبات الروسية تكشف عن كنوز ثمينة من المخطوطات العربية والإسلامية التي أصبحت بعد فهرستها وتحقيقها وتنظيمها، في متناول الباحثين والدارسين الروس والعرب.

المصادر:
HYPERLINK «http:/‏/‏www.orientalstudies.ru/‏eng/‏index.php?option=content&task=view&id=1220»
IOM RAS - Manuscript Collection — Arabic part
Institute of Oriental Manuscripts of the Russian Academy of Sciences HYPERLINK «http:/‏/‏www.fisalpro.net/‏?p=285»
المخطوطات الحديثية في الخزائن الروسية د.سليمان الجارالله

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©