السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

دروس من الأزمة

شيخة الجابري
11 مايو 2020 01:38

كثيرة هي الدروس التي تعلمناها وما زلنا من أزمة هذا المسمى «كوفيد 19» ولا أدري ما علاقته بـ«الكفت»، المرض الشهير الذي يصيب الأغنام والماعز، وهو من الأمراض التنفسية ولهُ تقريباً الأعراض ذاتها التي يخلفها «كوفيد 19»، أسوق المثال على سبيل الطرفة لا أكثر تلك التي لا يعترف بها «كوفيد 19»؛ لأنه «ما يلاعب حَد»، وليس له علاقة بعالم الطرافة والفكاهة والجاحظ وجحا، هذا الفيروس «ياي هو وعياله عافانا الله منهم، على قولة الأوليين».
علّمنا «كوفيد 19» الشهير بـ«كورونا» الصبر، نعم علمنا الصبر على كل شيء، ومعه الوعي بهذه القيمة الأخلاقية العظيمة التي ربما لم يتعامل بها أو معها الكثيرون بحرفية ووعي وتفهم، فنحن كثيراً ما نتحدث ونقول نحن في زمن السرعة، وأبناؤنا هم أبناء الوجبات السريعة و«السوشيال ميديا»، غير أن بعضنا اليوم، ونحن ملتزمون بحب وقناعة في منازلنا، اكتشف جهله وأنه لم يقرأ الأحداث على الوجه الصحيح، ولم يتعامل معها بمسمياتها الحقيقية، كان يهرب من تقصيره نحو إلقاء اللائمة على الزمن المستعجل الذي لم يترك له فرصة ليفهم أبناءه مثلاً، بينما الواقع شيء آخر.
قرّبنا هذا الالتزام في المنازل من ذواتنا، صرنا نطلع على أعماقنا، ونقرأ أنفسنا بشكل أعمق وأدق، نعرف ماذا كنّا، إلى أين وصلنا، ماذا نريد، ماذا بعد ذاك الذي نريد، هل نحن قادرون على استيعاب الحدث وما بعده، ومن هو الحقيقي فينا؟ وما هو وضعُ الذي كان يقضي غالبية الوقت بعيداً عن أهله وأسرته بحجج كثيرة، ليس أولها الهروب من المسؤوليات، كما لن يكون آخرها الصداقات خارج الزواج، والزواجات بالسر، والمواعيد اللازمة وغير اللازمة، لقد أعاد هذا «الكوفيد» الكثيرين إلى حقيقتهم ووضعهم الطبيعي بعد أن سرقهم الوقت والوفرة المادية و«البطرة الزايدة» عن عالمهم الأقرب.
تعلم الكثيرون في زمن «كورونا» قيمة الأسرة، كل فردٍ فيها كان مهملاً أصبح اليوم في عين الاهتمام لأنه الثروة الثمينة المستمرة والباقية؛ لذا لا نستغرب إن خرجت الكثير من الطرائف حول الآباء الذين اكتشفوا أن لديهم أبناء مبدعين ومتفوقين، وزوجات ملهمات ورائعات، في الوقت الذي اكتشف فيه الأبناء أن لديهم آباء طيبين ويجيدون اللعب والضحك واللهو والطبخ كذلك، إن كل تلك الآثار الإيجابية التي كشف عنها «كوفيد 19» هي الحالة الطبيعية التي غادرها الكثيرون نحو العالم الجديد بمادياته ومغرياته الوقتية.
كل ذلك تم اكتشافه وتعلمه خلال أشهر قليلة، وما زالت الدروس مستمرة، والحسّابة بتحسب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©