الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

سعيد الجنيبي يسرد قصة العطاء

المجالس قديماً عبرت عن البساطة والتكاتف
4 مايو 2020 01:21

أشرف جمعة (أبوظبي)

عاش حياته في الفضاء الذي يملأ روحه بالألفة فامتدت سنوات عطائه في مجال التربية والتعليم ما يقرب من نصف قرن، ولأنه عاش على المثل وشرب من معينها العذب فإن سعيد عبدالله ناصر الجنيبي يغوص في سراديب الماضي، يسترجع قيم وعادات الأجداد في العطاء بخاصة أنه تبرع بـ 6 ملايين درهم لدعم الأسر المتعثرة في دفع الرسوم المدرسية ضمن مبادرات بناءة تبرهن على شيمة إماراتية متجذرة في وطن العطاء، فقد اعتاد أبناء الإمارات على التعاضد والوقوف إلى جانب المحتاجين وتقديم العون بما يلبي الحاجات، وينهي الكربات ويدعم استقرار الأسر المتعففة بالتجاوب مع العديد من المشكلات التي تطرأ على حياة بعض أفراد المجتمع في سياق إنساني خصب، يبرز قيمة العطاء في أجل صوره، وشهر رمضان الفضيل يجعل من عادات الماضي واحة ظليلة للتواصل الإنساني بما يتناسب مع فضائل الشهر الكريم الذي تنشط فيه قيم العطاء.
يقول رجل التربية والتعليم سعيد عبدالله ناصر الجنيبي الذي يعد من أوائل الذين أنشؤوا جامعات خاصة في أبوظبي: تربينا منذ الصغر على قيم راسخة وعادات ثابتة لا تتغير بتغير الزمان لأن العطاء جزء أصيل من حياة الآباء والأجداد وينتقل بشكل تلقائي بين الأجيال، لافتاً إلى أنه في الماضي استطاع أبناء الوطن أن يعبروا عن قيمة العطاء في صور مختلفة تؤكد تماسكهم وتكافلهم على الرغم من قلة الموارد وضعف الإمكانات، لكن روح التعاضد كانت تعد شيئاً مهماً في الحياة الإماراتية قديماً، وهذه العادة لا تزال موجودة ومستمرة وتنشط في رمضان، فالعطاء الإماراتي يتخطى حدود الفرد ليسهم في سعادة الناس في كل مكان.
ويذكر أن من كان له زاد يفيض على من لا زاد له، فضلاً عن أن أفراد المجتمع الموسرين كانوا يتكاتفون من أجل مساعدة المتعثرين، موضحاً أن البعض ممن لم يكن قادراً على سد دينه كانت الأيادي الرحيمة في المجتمع الإماراتي تمتد إليه بالخير من أجل الخروج من أزمته وهو ما يظهر جانباً إنسانياً عميقاً في شخصية الآباء والأجداد في مختلف بيئاتهم، وأن قيمة العطاء والعادات المرتبطة بها ظلت قائمة جلية إلى يومنا هذا في صور مختلفة.

نهج الآباء 
وأوضح أنه أكسب أبناءه هذه العادات من خلال تعاونهم جميعاً في أن يخصص كل واحد منهم من ماله مبلغاً من أجل المشاركة في إغاثة محتاج ومساندة فقير وفي مختلف دروب العطاء، مشيراً إلى أن مثل هذه الثقافة موجودة في كل بيت إماراتي، وهو ما يجعلها تمتد بامتداد الزمان، ويرى أن قيمة العطاء موجودة طوال الوقت لكنها ترتفع إلى أعلى درجاتها في شهر رمضان الفضيل، وأن الثلاثين يوماً المباركة تعد ناقوساً يدق في كل بيت من أجل التذكير بمعاودة العطاء والسير على نهج الآباء والأجداد، وهو ما يجعل المجتمع الإماراتي عامراً بالخير ومضيئاً بالأعمال الطيبة التي ترسخ للمحبة والإنسانية بمعانيها الرحبة.
ويبين أنه في رمضان اعتاد أفراد المجتمع على مساعدة المحتاجين بصورة أوسع، حيث إن المجتمع الإماراتي في الماضي وبما يزخر من قيم راسخة وعادات ضاربة في عمق التاريخ كان يرسخ قيمة العطاء عبر العديد من الاتجاهات، مثل تقديم المعونة بشكل عفوي، وهذه العادات يكتسبها الصغار من خلال مشاهدة الكبار القادرين وهم يبحثون عن المحتاجين في كل مكان ومن ثم تقديم الدعم، وهو ما شكل وحدة بين كل الناس وفرض حياة مليئة بالتعاون والأخوة والإنسانية ورسخ للألفة، حيث إن مجتمع الإمارات بطبعه متعاون ومتآزر ومحب للآخر ومتسامح إلى أبعد حد.

مبادرات 
ويؤكد سعيد ناصر الجنيبي أن المجالس التي كانت تعقد في السابق في كل بيئات الماضي كانت تزخر بوجود الحكماء الذين كانوا يوجهون أفراد المجتمع للعطاء، ويتحدثون في هذه المجالس عن قيمة العطاء ودوره في إرساء قيم التكافل بكل أشكالها، مشيراً إلى أنه من هذه المجالس ذاتها كانت تحظى بوجود كل أطياف المجتمع، حيث انطلقت المبادرات الجماعية والفردية في أنبل صورة يمكن أن يتصورها الإنسان، وأنه من الجميل أن هذه المجالس التي امتدت حتى وقتنا هذا لا تزال تواصل دورها الإنساني العميق في الحياة الإماراتية لكنها في التوقيت الحالي تأخذ شكلاً آخر نظراً لبقاء أفراد المجتمع في بيوتهم لتفشي «كورونا المستجد»، وعلى الرغم من ذلك فإن قيمة العطاء في المجتمع الإماراتي ستظل مستمرة وبأشكالها كافة، لأن هذا الظرف الذي يعيشه العالم أجمع يحتاج إلى مزيد من العطاء والتجاوب مع احتياجات الفقراء المتعففين، وأن المجتمع بكل أفراده ومن منطلق قيمه سيظل نبع العطاء، وستستمر المبادرات الإنسانية العميقة التي تصل إلى كل محتاج مهما تنوعت الطرق واختلفت الأساليب، وخاصة أن هذه القيم الراسخة تنتقل من جيل إلى جيل، وأن الالتزام بها يعبر عن الشخصية الإماراتية المحبة للخير بالفطرة فنهر العطاء الإماراتي قديم ويجري في كل البقاع تعبيراً عن المحبة والسلام والتكافل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©