الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

قد حدَث ما حدث

شيخة الجابري
4 مايو 2020 01:19


من يُصدّق أن ما حدث قد حدث؟ هكذا تسلل السؤال في زمن المسمى كوفيد-19، وأننا لم نعُد كما نحن قبل أن يحل هذا الوباء، صرفه الله تعالى عن بلادنا والعالم، لم نعد نحنُ الذين تملأ ابتساماتنا وجه الصباح كلما أشرقت شمس جديدة، وسعينا نحو أرزاقنا وأعمالنا، لم تعد المساءات الدافئة تجمعنا، من يصدق أن أشياءنا التي اقتنيناها أصبحت مثلنا حبيسة الأدراج، والوقت، والزمن، وكورونا.
من يصدق أن أيامنا التي كنّا نتعامل معها على أنها أجمل ما نعيش، حتى في قسوتها، قد أصبحت متشابهة ومستنسخة، وأن حتى العطور التي ابتعناها لمناسبة عزيزة، قد فقدت رائحتها المدهشة التي كانت تعبر الأماكن معنا وهي في حقائبها، تلك الحقائب أصبحت مشبوهة، علينا أن نلجأ إلى التعقيم أو الغسيل الفوري بعد ملامستها، من يصدق أن هذا قد حدث؟!
من يتصور أن ملابسنا التي سلمناها للخياطين استعداداً لاستقبال الشهر الكريم وطقوسه وزياراته، وللعيد وحكاياته، وللعمل وأيامه الطويلة، لا تزال عالقة في المحلات بعد أن أغلقت أبوابها؟ من يصدق أن الحياة تكاد تكون شبه متوقفة إلا من تحركات بسيطة مسروقة من الوقت والحجر، أو مقطوعة من كسر عائلي لفرض القيد الذي جاء لصالحنا جميعاً؟
مشروعاتنا الخاصة التي جاءت عليها يد كورونا من يصدق أن أغلبها يراوح مكانه، وأن عجلة الزمن كأنما توقفت منذ شهرين وأكثر، هكذا بكل الثقل الذي بداخلها، وكل الأمنيات في دواخلنا بأن الأزمة سوف تمضي، لكنها لن تمضي هكذا بسهولة أو ببساطة، بل ستترك ندوبها في أعماقنا، نحتاج وقتاً ووعياً، كي نعود لطبيعتنا من مجاورة الجدران، تلك التي كلّ جدار فيها يأخذنا إلى آخر أكثر صلادة، وكأنما أصبحت رفيق الوقت، والكتابة، وفنجان القهوة، والعمل عن بُعد، والكآبة ربما. 
وبين أوكسجين المتعة العابرة التي تهبها لنا حدائقنا المنزلية، يُداهمنا الواقع الراهن بالعميق من الأسئلة التي تعبر أرواحنا وتفكيرنا، وهواجسنا، وإن أخفيناها وسط بشائر الخروج من عزلة الاضطرار لا الاختيار، وعند تحذيرات من عدم الانسياق وراء إغراءات مغادرة سور كورونا إلى مراتعه الفائضة به، نقف عند حيرة حقيقية، ليبقى السؤال عالقاً في حناجرنا من يصدق أن ما حدث قد حدث؟ وأننا نعيش أزمة حقيقية وإنْ كابرنا، أو تحايلنا على مخاوفنا البشرية الطبيعية.
قد حدث ما حدث، لكن أجمل أحداثنا تلك التي نزرع فيها غصن الأمل بأننا سنعود لابتساماتنا الصباحية، وننشد نشيد الحياة والحب بعزيمة إنسانيةٍ وثّابةٍ جامحة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©