الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أندريه ريمون.. مستشرق عاشق لتاريخ المدن العربية

أندريه ريمون.. مستشرق عاشق لتاريخ المدن العربية
31 مارس 2024 02:50

فاطمة عطفة (أبوظبي)

يمتاز المستشرق الفرنسي أندريه ريمون (1925-2011) بمشاركته في المقاومة الوطنية للاحتلال النازي، خلال الحرب العالمية الثانية، وقد دفعه حبه للحرية وانتماؤه لليسار الفرنسي إلى الوقوف ضد الاستعمار في شمال أفريقيا والهند الصينية. وكان يجمع بين ميوله للسينما، ودراسة التاريخ معاً، وصداقته مع يوسف شاهين المخرج السينمائي المصري الكبير نشأت من محبته للفن السينمائي، لكنه اهتمامه بدراسة التاريخ جعل اختصاصه الأكاديمي مركزاً على العمران الإسلامي، بداية بما حصل من «المدرسة الصادقية» في تونس، ورغبته في دراسة التاريخ العثماني في القرن التاسع عشر. 
بدأ اهتمام هذا المستشرق بالإسلام واللغة العربية والمدينة العربية وأحوالها الاجتماعية في تونس، لكن تكليفه بالعمل في «المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية» بالقاهرة وتجربته الدراسية فيها جعل شغفه بأكبر عاصمة عربية يزداد يوماً بعد آخر، حيث كان يمضي نصف وقته في مطالعة أرشيف المحاكم الشرعية، ويمضي النصف الآخر متجولاً في الأحياء القديمة ليأخذ صورة ولو خيالية عن أحوال القاهرة في العصر العثماني، كما أن الآثار المملوكية اجتذبته وآثرت باهتمامه، وهو يكشف عن محبته لأبناء مصر في مقدمة كتابه «المدن العربية الكبرى في العهد العثماني»، إذ يقول: «إن هذا الكتاب سيساعدني على أداء جزء من دين قديم اقترضته من أهالي مدينة القاهرة، وذلك أثناء زيارات وجولات عديدة قمت بها في الأحياء القديمة. وخلال تلك الجولات نشأ شعور مودة متبادلة من خلال تساؤلات عن أسماء الأماكن التي أزورها»، مؤكداً أن جميع صفحات هذا الكتاب مهداة إلى القاهريين المتعطشين إلى معرفة تاريخهم، والذين أظهروا الود تجاه (الخواجة) المهتم بهذا المكان. 
وفي القاهرة، اطلع أندريه ريمون على وثائق الحملة الفرنسية بقيادة نابليون على مصر، وبعد اطلاعه في ذلك الأرشيف على «قائمة بالطوائف المهنية في القاهرة سنة 1801»، وقد سجلت خصيصاً لسلطات الاحتلال الفرنسي، وفيها تعداد لمنظمات التجار والحرفيين في مدينة القاهرة سجلت لسلطات.
ومن مقالاته التاريخية رسالة مهمة كتبها عن طوائف الحرفيين في مصر باعتماده على تاريخ الجبرتي، وكان منهجه يرتكز على الربط بين العمل الأرشيفي، ودراسة العمران الأثري، وأولى اهتماماً كبيراً بالنيل، وأوضح دقة التنظيم في استجرار مياه النيل وتوزيعها بين حارات القاهرة، لافتاً إلى أهمية هذا التنظيم في تزويد السكان بالماء، بعيداً عن المشاكل التي تحدث عادة في حاجة الناس للماء.
 وفي الندوة الدولية لألفية القاهرة، قدم مقالة مهمة عنوانها: «العمران المدني ومشاكل العمران في القاهرة». وكتب العديد من المقالات المتعلقة بدراسة تاريخ القاهرة في العصرين المملوكي والعثماني، ومنها: الحمامات العامة في القاهرة في نهاية القرن الثامن عشر، مساحة القاهرة وسكانها في مطلع القرن الخامس عشر، أسبلة القاهرة في العصر العثماني، جغرافية حارات القاهرة من القرن الخامس عشر. ومن أهم مؤلفاته التاريخية كتابه عن القاهرة، وقد تناول فيه تاريخ القاهرة منذ إنشاء الفسطاط وحتى نمو المدينة الحديثة، واتساعها في القرن العشرين. وكان حريصاً على إغناء دراساته باللوحات الفنية والصور الفوتوغرافية والخرائط التوضيحية. وكان آخر أعمال أندريه ريمون إصدار نشرة عن القاهرة، بالاشتراك مع صديقه الباحث المصري د. محمد عفيفي عن «التاريخ المسلسل في حوادث الزمان ووقايع الديوان» لإسماعيل الخشاب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©