السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المترجمة والناقدة د. سلوى جودة لـ«الاتحاد»: نحن لا نكتب لأنفسنا فقط بل نخاطب الإنسانية

د. سلوى جودة
14 يناير 2024 00:40

أحمد عاطف (القاهرة)

اعتبرت الدكتورة سلوى جودة المترجمة والناقدة والأكاديمية بجامعة عين شمس، أن الشعر العربي أحد الروافد الأساسية في تشكيل الثقافة والهوية والشخصية العربية، واتخذت الدكتورة سلوى طريقها نحو توصيل الشعر العربي عبر ترجمته للإنجليزية إلى أقاصي العالم باعتباره خير مثال للحضارات والمجتمعات العربية، وترى أن أهمية الترجمة الشعرية تأتي من دورها في رأب الصدع الذي تحدثه الحدود الجغرافية والصراعات السياسية، خاصة أن البشر ينتمون إلى حضارة إنسانية واحدة وثقافات مختلفة ويحتاجون إلى معرفة وقراءة بعضهم البعض من أجل السلام والتسامح والتفاهم والقبول المتبادل.
 وبدايةً، تكشف د. سلوى جودة في حوار مع «الاتحاد» عن سبب اهتمامها بترجمة الشعر العربي إلى الإنجليزية، قائلة: «لإيماني بأن لدينا تاريخاً شعرياً يستحق أن يحظى باهتمام يتناسب مع فرادته وأن يكون على خريطة الإبداع العالمي، فنحن أمة الشعر، وكان الشعر الجنس الأدبي الوحيد والأقرب إلى الشخصية العربية العاشقة للحياة وللبداوة والموسيقى وللمعاني الثقال، ونحن أصحاب أول سوق للشعر، سوق عكاظ، الذي يطلقون عليه مهرجاناً شعرياً في عصرنا الحديث، وحظي فيه الشعراء خلال التاريخ بالاحترام والتكريم لمحورية الدور الذي يقوم به إعلامياً وثقافياً وإنسانياً.
وتوضح د. سلوى أنه كان هناك حرص خلال القرن الماضي على ترجمة الخبرات الشعرية الغربية إلى الساحات الشعرية والثقافية وخاصة شعراء الحداثة وما بعدها، ولا تستطيع أن تتجاهل دور ذلك في إثراء المدارس الشعرية، فقد استفدنا كثيراً مما ورد إلينا، خاصة في الشعر الحر وقصيدة النثر، وحان الوقت لأن تتسع ساحاتهم لمنجزنا الشعري الذي لا يقل في جودته المعرفية والإنسانية والفنية عن العالمي، والذي يحمل خصوصيتنا الثقافية ويعبر عنها.
تحديات ترجمة الشعر
وتلف د. سلوى جودة الانتباه إلى التحديات التي تواجهها في ترجمة الشعر العربي، وفي مقدمتها من الناحية الفنية، اختيار النصوص، لأنها ليست كلها صالحة لتقديمها للآخر، وتحكم على صلاحية النص للترجمة بعد دراسة متعمقة ومعايشة للنص من حيث بنيته اللغوية والمعرفية ووحدة الفكرة التي يحملها، فالنص كائن حي ينبض بالحياة ولا بد من أن تكون بنيته متماسكة.
وشددت على أنها استطاعت أن تخلق مساحة وتلفت الأنظار إلى الشعر العربي عبر عدد من الترجمات والملفات، وتقول: هناك حرص كبير على قراءة هذه الترجمات، وبلغت الثقة في أن يعرض شعراء من إنجلترا وأيرلندا وأميركا نصوصهم لترجمتها إلى العربية، وهذا إنجاز في صالحنا، فنحن لا نكتب لأنفسنا فقط، بل نخاطب في نصوصنا إنسان هذا العالم، لذا لا بد أن نقرأ بعضنا وخاصة في هذه المرحلة من مراحل إعادة الخريطة العالمية جيوسياسياً ومعرفياً، وأن نكون حاضرين بقوة على كل الأصعدة.
وترى أن هناك اهتماماً عالمياً بالشعر العربي المترجم وزيادة الدراسات المقارنة حول العالم وفي كل اللغات، وخاصة في التراجم الجيدة التي تقدم نصاً شعرياً موازياً، وليست ترجمة حرفية جامدة خالية من موسيقى النص، بالإضافة إلى الكفاءة اللغوية.
بداية الرحلة  
وتستطرد د. سلوى في حوارها مع «الاتحاد»، أن الشعر جزء من بنيتها النفسية، وسجلت ذلك في كتاب تقوم بإعداده عن سيرتها مع البيت الكبير بالقرية، التي شكلت مشاهداتها وجزءاً من معارفها الفطرية، لافتة إلى أن الشعر بدأ يلتفت إليها مع راعي الحديقة السبعيني في بيت جدتها عندما سمعته وهي في السابعة من عمرها يرتجل الشعر في كل المواقف الحياتية، وفي عبارات مموسقة تدخلها في حال لم تفهمه وقتها.
 وقالت: كنت أتعجب لماذا يتحدث بلغة مختلفة عن كل أهل البيت، واعتقدت أنها لغة خاصة لرعاة الحدائق والبساتين، ومن هذا السياق الجمالي الطبيعي بدأت رحلتي المعرفية ومحبتي للفنون وللألوان وللعزلة بين جدران مكتبتي، فأسعد الأيام تلك التي يكون في حوزتي كتاب جديد يضيف إلى رحلتي من أجل الفهم، وقد لا يمر يوم خلال العقود الأربعة الماضية دون قراءة وتأمل وتأويل ومحاورة أو جدل فلسفي، وهذه الأحوال، ساعدتني كثيراً في الترجمة وتذوق النص ودعم الحس اللغوي، وأثناء الترجمة أعيش أحوال القصيدة.
التجربة الأولى
وتعتبر سلوى أن الحركات الأدبية الحديثة أسس لها فلاسفة، وتعتز بترجمة ديوان «ما أنا فيه»، للشاعر المصري أحمد الشهاوي الذي صدر 2019، وكانت تجربتها الأولى في ترجمة كتاب شعري كامل، وسينشر قريباً في دار نشر أميركية، وتعتز بهذا العمل لأنها تعتبره داعمها الأول، ويمثل نقلة مهمة جداً في مسيرتها الترجمية والمعرفية.
وشددت المترجمة المصرية على أن الشاعر الحقيقي والشعر الجيد يفرض نفسه في كل الأحوال والأزمنة، وترجمة الشعر ليست عملاً روتينياً، لكنها عملية بحثية وذوقية تحتاج إلى خبرة لغوية ومعرفية وذائقة شعرية، ولا بد من أن تستدعي فيها كل ملكاتك حتى توصلها بأمانة، وهي عمل إبداعي لا يقل أهمية عن النص الأصلي، والترجمة بالنسبة لي مشروع ثقافي وطني أحمل فيه بكل محبة الشعر العربي إلى الأوطان الأخرى.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©