عدد اليوم
فاطمة عطفة (أبوظبي)
تشكل المنتخبات الشعرية من موسوعة الشعر الفرنسي الصادرة عن مشروع «كلمة» ركناً خاصاً في أي مكتبة خاصة أو عامة، حيث يسعى «كلمة» كمشروع ثقافي كبير تابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي إلى إثراء المكتبة العربية بترجمة روائع الآداب والعلوم والفنون في العالم. ومن بين إصدارات الموسوعة عن شعراء القرن التاسع عشر يجيء كتاب شارل بودلير، الذي ترك ثروة أدبية كبيرة من شعر ونثر وترجمات.
سأم باريس
وجاء في مقدمة الكتاب بقلم د. كاظم جهاد، أستاذ الأدب العربي والترجمة في جامعة السوربون باريس: «لقد أدرك بودلير قبل سواه روح العصر، وشهد بدايات صعود المدينة الحديثة والعالم الصناعي، ووصف بنفاذ استثنائي عزة الفرد داخل الحشود».
ولد بودلير في باريس في 1821، وفي السادسة والثلاثين من عمره أصدر ديوانه الأول «أزهار الشر»، ولم تكن باريس في ذلك الوقت مدينة النور والحرية كما هي اليوم، فطالبته الرقابة بحذف بعض القصائد لأسباب قيمية، فاستجاب الشاعر والناشر لذلك، وقد أحدث الديوان ضجة عالمية واسعة.
وحين يطوف القارئ في قصائد ديوانه «أزهار الشر» يكتشف أن الشاعر مولع بجمال الطبيعة وما فيها من بحار وجبال وأزهار وطيور، كما كان أيضاً شغوفاً بالموسيقى والسفر واستكشاف كل جديد. وفي قصيدته الأولى يتوجه «إلى القارئ» قائلاً: الحمق والضلال والإثم والشّح/ تحتل أرواحنا وتضني أجسادنا/ ونحن نغذي نداماتنا المحببة/ كالمتسولين يربّون هوامَّهم.
ونطالع في القسم الأخير من الكتاب «سأم باريس» عدة موضوعات يمتزج فيها الشعر بالنثر، وهو يتحدث عن آخر أيام الخريف، وكيف تخترق القلب، تخترقه حتى الوجع!
قصيدة «الغريب»
ويقول بودلير في قصيدة «الغريب»: أيها الإنسان اللغز، من تحب أكثر؟/ قل! أباك، أمك، أختك أم أخاك؟/ لا أب لي ولا أم، ولا أخت ولا أخ/ أصدقاءَك؟/ إنك تستخدم كلمة ما زلت حتى اليوم أجهل معناها./ آه، من تحب إذاً، أيها الغريب العجيب؟/ أحب الغيوم... الغيوم التي تعبر... هناك... هناك... تلك الغيوم الساحرة!
قصائد ممتعة تفتح أمام القارئ فضاء رحباً من روائع الخيال الشعري. يقع الديوان في 150 صفحة من القطع المتوسط، وهو ترجمة: نهى أبو عرقوب.
