الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ميسون صقر.. تضيء على تجربتها في «مقهى ريش.. عين على مصر»

ميسون صقر ورفيعة غباش خلال الجلسة (تصوير: حسن الرئيسي)
6 فبراير 2023 01:13

نوف الموسى (دبي) 

بحثت الشاعرة والروائية ميسون صقر القاسمي، عبر كتابها «مقهى ريش.. عين على مصر»، الصادر عن دار نهضة مصر، والحائز جائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب 2022، عن الحركة المستمرة داخل فضاء مقهى ريش، وتساءلت عن أبعادها وأثرها في إحداث التفاعل الإنساني الأكبر على مستوى مدينة القاهرة، إنها عملية تفصيلية، تستمد من علاقة الإنسان المصري بالمقهى، روحاً خاصاً فيها، تهدي الناظر إليها اكتشافات لأبعاد التجربة الإنسانية وتمازجها اللانهائي في التحولات والمتغيرات الحضارية والثقافية والاجتماعية والسياسية، القائمة على أدبيات المرجعية التوثيقية بسماتها المتعددة، والتي انطلقت منها لفهم الأرض والعمارة، باعتبارهما الفضاء العام المكون لتراكم الفكري الممتد بالحوارات واللقاءات بين رواد المقهى من المحاربين القدامى والإعلاميين والمثقفين والكتاب والموسيقيين.
جاء ذلك خلال جلسة «بوصلة السرد عين على القصة» ضمن مهرجان طيران الإمارات للآداب، التي أدارتها الدكتورة رفيعة غباش عضو مجلس الأمناء في مؤسسة الإمارات للآداب، حيث وصفت ميسون صقر القاسمي، تجربتها في إنجاز كتابها «مقهى ريش.. عين على مصر» التي امتدت إلى 10 سنوات، بأنها رحلة نحو إدراك طبيعة العلاقة الوطيدة للشعب المصري بالمقهى، فهو يأكل ويشرب ويحب ويحارب من داخل المقهى، موضحة كيف أن نجيب محفوظ كتب في المقهى، وأم كلثوم غنت في المقهى، ومجلات ثقافية نشأت من المقهى، وكيف أن الكاتبة عبلة الرويني أحبت الشاعر أمل دنقل في المقهى، وغيرها من عشرات الحكايات، التي تفتح للكاتب والسارد احتمالات لمسارات تهدي فهماً استثنائياً لتاريخ مصر، مبينةً كيف أن الكثير من القراء ذهبوا لزيارة مقهى ريش بعد إنجازها للكتاب، وأبدوا استغرابهم كيف لهذا المقهى بشكله البسيط الحالي أن يكون تعبيراً للمضامين التاريخية الهائلة في الكتاب، مؤكدة أنه بالنسبة لبعض الأشخاص عموماً، فهم يرون الأشياء بعين المكان، بينما هي تراه بعين الذاكرة والتاريخ والإنسان، فالمبنى من دون ذلك سيكون مجرد جدران، والعمارة هي الحاوية لتلك الحيوات وتتابعها في نسج حياة المدينة ككل. 

المقهى والتاريخ
سردت الأديبة ميسون صقر القاسمي، المصادفة القدرية التي جرتها للاطلاع على أبرز الوثائق المستخدمة لإنجاز الكتاب، من خلال زيارة مقهى ريش، حيث تعرفت وقتها على صاحب المقهى، الذي كان أيضاً من المحاربين القدامى في عام 1973، وقد أخبرها بأن والده كان أول من يمتلك هذا المقهى من المصريين، بعد جيل من غير المصريين، وبحكم أنها عملت في مجال الوثائق، اطلعت على وثيقة تعود إلى عام 1913، كانت موجودة لدى صاحب المقهى، وأخبرته وقتها بأن الوثيقة تمثل تاريخ مصر وليس فقط المقهى، وأبدت اهتمامها ورغبتها في تصوير الوثائق والحفاظ عليها، كأرشيف مصور.
 وتابعت ميسون صقر: «فكرة الأرشفة نبهتني لأشياء مهمة، وهي إمكانية استشفاف علاقة المقهى بالتاريخ وبالأوضاع السياسية وبالمثقفين والفنانين، وعلاقته بالأرض؛ ولذلك قررت تقسيم الوثائق لتصنيفات عدة على مستوى الأعوام والأحداث والمكان، وقد لاحظ خلالها صاحب المقهى اهتمامي بالموضوع، وأرسل لي على إثرها ما لا يقل عن 100 مقالة لكتاب وصحافيين زاروا وكتبوا عن المقهى. وفي هذه الفترة رجعت، وكتبت كل ما كتب عن المكان، وقراءته وأرشفته، ما كان يهمني كميسون الكاتبة، وميسون التي تعيش في مصر وتعرف تاريخ مصر، وتحترم هذا المكان، أن أنظر إليها بشكل مختلف عن ما كتب مسبقاً، وأطرح الأسئلة لماذا تحديداً مقهى ريش استطاع أن يمتد ويتأصل في تجربة المدينة، بالمقابل هناك مقاهٍ أخرى لم يكتب عنها بهذا الزخم الثقافي والاجتماعي، ومنه جاءت رؤيتي البحثية للمنطقة وتطورها، خاصةً مع تغير أشكال المقاهي، فقد أصبح هناك مقاهٍ يونانية وسويسرية وأوروبية تأخذ الشكل الأوروبي وتقدم خدماتها بشكل المدينة الأوروبية». 

المكون الثقافي  
أوضحت ميسون صقر القاسمي، أنه يجب أن نعترف بأن ما كتب عن هذه الفترة من تاريخ مصر كثير جداً ومتنوع تاريخياً؛ ولذلك سعت إلى أن تكون النقطة المفصلية لموضوعها السردي تعبر عن علاقة المقهى بالشكل الإداري والسياسي والاجتماعي، ومن ثم الانتقال للبشر وسرد قصصهم، والتي هي بمثابة حكايات داخل حكاية كبرى، إلى جانب المحور الحيوي في الكتاب المتصل بـ«الأرض»، وهي الشاهدة على المكان، كيف كانت وكيف تطورت وقسمت بعدها، وماهية العمارة والتماثيل، واختلافاتها مع الزمن، عن البناء القديم في القاهرة، وكيف أصبحت حداثية، وكيف كانت عرضية وأصبحت عمودية، ممثلةً هذا الانتقال لسرد في داخل العمارة، والمواضع العامة لتماثيل وتراتبيتها المرتبطة بخط السلطة والفكرة الحكومية، ولفتت ميسون صقر القاسمي، إلى أن أهم ما يمكن التحدث عنه في هذا السياق، هو المكون الثقافي للمقهى، وكيف أن الإنسان المصري تقبل وجود الممثل بجانب المغني والمفكر، إضافة إلى وجود المرأة كممثلة وفنانة ومثقفة تناقش وتتباحث وتثري الحالة الفكرية في المقهى، وهو أمر لافت بالنسبة لها، معتبرة أن الكتابة عن هذه الأشياء أعطت متسعاً جديداً لفهم تاريخ المقهى من خلال المدينة، وإدراك ترددات التحولات في المكانين، وتأثيرهما في تجسيد المشهد الإنساني والثقافي في مصر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©