عدد اليوم
محمد نجيم (الرباط)
تندرج تجربة الفنان التشكيلي أحمد الهواري ضمن التجارب الجديدة التي رسخت مكانتها في ساحة المشهد التشكيلي المغربي الحديث، فهو يستقي موضوعاته من ثراء المشهد البصري المغربي في مختلف أشكاله وتجلياته: البيوت القديمة، الأزياء، الأسواق الشعبية، ويلتقط بعين خبيرة تلك المظاهر والعادات والأمكنة المعبرة عن التراث والأصالة في المعمار والحِرَف والعادات التي تمنح الشعوب هويتها ووعيها الجمعي.
ففي معرضه الأحدث، المقام في مراكش، يأخذنا الهواري في رحلة من الجمال، الذي تنطق به لوحاته التي تمنح المتلقي كل متعة وتجعله يُحدق في أعمال فنية شاعرية تنهل من أسلوبه التكعيبي والغنائي.
وخلال افتتاح المعرض، قال الفنان أحمد الهواري: «أعيش المراحل بأحاسيسها وهمومها وأفراحها وأحزانها، ومنها أستوحي أفكاري ومواضيعي، وكل عمل فنّي هو عبارة عن حكاية وذكرى موثقة بألواني وأشكالي وأحاسيسي».
ولوحات الهواري تمنحك، كما وصفها الناقد لحسن ملواني في شهادته: «فسحة للتفاعل مع معطياتها الموسومة ببصمته الفنية، وبموضوعاتها المتعددة مما يتيح لك فرصة السياحة في أجوائها المفعمة بروح تجربة فنية صارت أسلوباً يسْتقى منه ويطوّر طرازه بشكل توالدي بتراكم الخبرات والتجارب.. إنه تعاطي العاشق للإبداع وممارسة تمخضت عنها موهبة وهواية ودراية، وهي أيضاً ممارسة شبه يومية للتركيبات الإبداعية المتنوعة، ولكن عبر طراز مطرد حاضر باستمرار في كل إبداعات هذا الفنان».
ونرى في أعمال الهواري مشاهد رائقة وساحرة في مشهديات متنوعة ميزتها التوليف والتماسك الشكلي المفضي إلى تعبير فني فريد. وإذا كان الفن التشكيلي في بعض جوانبه فن تجميل لأوجه من معطيات حياتنا فإن البحث عن التميز هو العنصر المضفي والجاذب في هذا الجانب. ولوحات الهواري لا تخلو من الأبعاد الثلاثية المبرزة للأشكال بجوانبها عبر تقنية الضوء والظل وعبر ما يشبه الكولاج للأشكال ولكن بالصياغة فحسْب.
لوحات تقدم المرأة بطابع أسطوري مهيب أحياناً، وبطابع الجمالية القريب من عالمها المحبوب (أزهار، طيور، جواهر). وفي لوحاته تجلبك طريقة تقديمها بمظهر مفعم بأشكال رامزة إلى عطائها وعلى سعة مشاركتها عبر ترابطات علائقية مع كل محيطها.
واستحضار المرأة في لوحاته، يقول الناقد لحسن ملواني: «استحضار لافت وخاص برؤية تتوافر فيها آليات إبداع الجمالية الطافحة بالمعنى، والمنعشة لمشاعر الإعجاب برونق اللون والشكل والترصيف مع انسجام مطرد في كل أعماله الفنية».
