الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«لمن يهمه الأمر».. تفتتح مهرجان «دبي لمسرح الشباب 13»

مشهد من مسرحية «لمن يهمه الأمر»
20 أكتوبر 2022 22:57

نوف الموسى (دبي)
مسؤولية الاحتفاء، هي الفعل الثقافي والإعلامي الأبرز للمبادرات الإبداعية في القطاعات المسرحية بدولة الإمارات، خاصةً تلك المنصات الشبابية، التي تلعب دوراً جوهرياً، في إعادة اكتشاف بنى الإمكانيات الفكرية والفلسفية وتحويلها إلى أشكال إبداعية ذات دلالات عبر اللغة الحسيّة والجسدية، ومن هنا فإن انطلاق النسخة الـ13 لـ«مهرجان دبي لمسرح الشباب»، مساء أول من أمس، بتنظيم من هيئة الثقافة والفنون في دبي، على مسرح ندوة الثقافة والعلوم، فضاء اجتماعي وثقافي لتعزيز مكامن «التجريب» لدى المواهب الشابة، واستدامة العلاقة الحيّه بين الجمهور ومشهد الحياة اليومية، وسط اكتظاظ تكنولوجي، رغم منفعته التنموية، إلا أنه قد يفتقد لذكاء المسرح في قدرته على تفكيك الأفكار والقضايا والحوارات دونما مسافة افتراضية، بل يساهم الجميع في الآن ذاته بتفسير الأحداث عبر مساحة مشتركة، ذات تأثير لحظي في الوعي الإنساني، ولذلك جاءت مسرحية «لمن يهمه الأمر»، التابعة لجمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح، متناولةً القضايا المجتمعية من مثل «أثر منصات التواصل الاجتماعي» و«غلاء المعيشة» و«الزواج» و«الوظيفة» والضغط الاجتماعي بأشكاله المعنوية والمادية على الرجل في المجتمع، باعتبارها سؤالاً استثنائياً، حول كيف يستطيع الرجل التعبير عن شعوره الكامن، أمام ثقافة مجتمعية قلصت من قدرته على تفسير شعوره، فلكونه رجلاً، لا يحق له أو غير مستحب منه بيان ضعفه وعجزه، من خلال «البكاء» مثلاً على أقل تقدير، أو طلب الدعم المعنوي والاحتضان والمواساة بلغة الجسد، فبعضها تُرى كأنها أمور معيبة. 

وقد تمثلت اشتغالات المخرج شعبان سبيت، والمؤلف محمد صالح باتجاه سرد بعض الإشكالات المجتمعية التي يواجهها الشباب في الوقت الراهن، بشكل مباشر من قبيل: لماذا يشعر الرجل بكل هذه المشاعر الصعبة؟ ورغم جذورها الدفينة في التجربة الإنسانية، إلا أنه في الوقت نفسه يعجز عن إيصالها للآخر؟! في مسرحية «لمن يهمه الأمر»، يُلاحظ الجمهور جماليات حضور الطاقات التمثيلية للممثلين الشباب في غمرة تعابيرهم الأدائية ومنهم عادل سبيت وعبدالله نبيل وسعيد مبارك وراشد النقبي وطلال البلوشي ونبيل محمد، إلا أنهم يتوقفون أحياناً للتفكير بينما يقدمون شخصياتهم، وقد نراه أقرب للأداء منه عن مسألة التقمص، وبالتالي فإن العرض يطرح فكرته الكبيرة عن تجربة الرجل الشعورية، وفي الوقت نفسه يقدم دلالة ومعنى مسرحياً، بأنه حتى الممثلون أنفسهم، يحتاجون إلى البحث في تجربتهم الذاتية وإدراكهم لأشكال التعبير عن الشعور الداخلي، كون الثقافة المجتمعية بطبيعتها أثرت على معتقداتهم وأفكارهم، والتمثيل المسرحي يتطلب تحرراً رفيعاً يفكك معيقات القدرات التعبيرية الجسدية، وصولاً إلى تقريبهم من عمق وأصالة موهبتهم التي يعتمد جلّها على التجربة الشعورية، فهذا يمثل منحى رئيسياً ما بين طاقة الإبداع وفنية الأداء، فالأول يستدعي الصدق، والثاني يتطلب تركيزاً وتكراراً مدروساً، وإمكانية الجمع بينهما، هي رحلة الممثل اللانهائية نحو امتلاك خشبة المسرح.

وفي الحديث عن أثر مواقع التواصل الاجتماعي وشعور الإلزامية بالمظاهر والشكليات غير الضرورية، طرحت مسرحية «لمن يهمه الأمر» حول هذا السياق، بعداً مهماً في كيفية محاولة الرجل إثبات استطاعته توفير الكماليات لأسرته والمقربين منه على حساب نفسه، وذهب النص بشكل ما إلى قبول الرجل للأمر عبر جملة استخدمها الممثلون، لإلقاء اللوم على الشخصية الرئيسية المعبرة عن المشكلة بقولهم «أنت السبب»، قدمت جانبين مهمين لمضامين الإسقاط المجتمعي، هي أن سعي الرجل بطريقة لاواعية لاقتناء الأشياء التي تتجاوز قدراته المادية ومدخوله الشهري، إنما هو في العمق محاولة لإخفاء ضعف ما في شخصية الرجل، أو محاولة لإثبات شيء ما، وفي المقابل فإن صيغة «اللوم» التي يمارسها المجتمع هي كذلك أداة تقويضية للأشكال التعبيرية لدى الرجل سواء كان هذا الشكل سلبياً أم إيجابياً بحسب ما يعتقده المجتمع في فترة زمنية معينة، والسؤال هنا: كيف يمكننا كمجتمع أن نساعد الرجل في أن يفتح مسارات للتعبير عن نفسه بشكل تفصيلي، بأن يطلب المساعدة متى ما احتاجها لمواجهة ضعفه ومخاوفه، دونما حرج؟!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©