الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ماذا تقرأ النساء؟

القراءة غذاء الروح (تصوير: علي عبيدو)
28 مايو 2022 02:09

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

في عام 2005 قام الكاتب البريطاني «إيان ماكيوان» بتجربة بسيطة لمعرفة ماذا تقرأ النساء؟ فتوجه هو وابنه إلى حيث يحتشد الناس في حديقة لندن العامة وبدأ بتوزيع الكتب مجاناً ليجد خلال دقائق قليلة أنه وزع أكثر من 30 رواية، وأن أغلب من حصل على هذه الكتب المجانية بحماس وامتنان كان من النساء، ونتيجة لتجربته هذه كتب «ماكيوان» في صحيفة الجارديان: «عندما تتوقف النساء عن القراءة، ستموت الرواية».وهذا الطرح وافقه أيضاً عدد من القراء والناشرين وزوار من معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته 31، وأكدته كذلك بعض الدراسات، حيث أشارت إلى أن المرأة بشكل عام تميل إلى قراءة ما يُعينها على تربية أولادها ويساعدها على تنمية مهاراتها وما يحققه لها ذلك من نجاح، إلى جانب الروايات والقصص التي تستكشف عبرها عوالم جديدة، وما تجسده من استكشاف للمشاعر الإنسانية والشخصية.
وأكدت إحدى الدراسات أن نسبة 20 % فقط من سوق مبيعات الأدب القصصي يشكلها الرجال، بينما نجد أن النساء يشكلن أغلبية أعضاء مجموعات الكتب، ويشغلن الحيز الأكبر من المدونات الأدبية، ويرى علماء النفس المعرفي أن النساء أكثر تعاطفاً من الرجال ولديهن مجموعة صفات عاطفية تجعل الأدب المتخيل أكثر جاذبية لهن.

القارئة فرح عماد العلمي، وهي صاحبة حساب على موقع التواصل الاجتماعي «انستجرام» يشجع على القراءة، قالت: أقرأ الروايات التي يكون محورها نفسياً أو تدور أحداثها في المحاكم أو في الحروب أو القصص الغامضة والجرائم والعلاقات الاجتماعية المعقدة، بالإضافة إلى الروايات التي تركز على المرأة في شتى المجالات وعلى تعزيز مكانة النساء وتمكينهن وذلك باللغتين العربية والإنجليزية. أما بالنسبة لكتب تعليم الذات والتطوير التي تستهوي عدداً كبيراً من القراء فأنا أفضل عادة قراءة المقالات الصغيرة نوعاً ما من خلال الشبكة العنكبوتية، وعبر مختلف المواقع، لتحفيز نفسي وإثرائها بمعلومات في هذا المجال. كما اقرأ أيضاً بين وقت وآخر كتباً في المجال العملي كالعلاقات العامة والرعاية الصحية، بالإضافة إلى المقالات القصيرة، موضحة أن القراءة تفتح مجال الخيال والارتقاء بالتفكير وتمكنك من التعرف على مختلف البلدان والثقافات وسواها.. كما تزيد أيضاً من معرفتنا عن التاريخ والماضي.

نشر الوعي
وأضافت فرح العلمي عن بداية علاقتها بالقراءة: «إن القراءة هي غذاء الروح والعقل، وقد نمت هذه الهواية لديّ منذ صغري وأخذت أشجع الآخرين على القراءة وزيادة عدد القراء من حولي انطلاقاً من شعوري بالمسؤولية، وقد وجدت نفسي أستخدم خبرتي في التواصل الاجتماعي لنشر الوعي عن أهمية القراءة وتحفيز الآخرين وهو ما شهدته من خلال تفاعل المتابعين معي على حسابي على الانستغرام وأيضاً من خلال إطلاقي لملتقى العَلمي للقراءة مع ابنة عمي عام 2020.

  • فرح العلمي
    فرح العلمي

جمهور البوكستغرام
وأضافت: «بالنسبة للانستغرام، أقوم من خلاله بتدوين قراءاتي على صفحتي ونشر صور لها علاقة بالكتب، ونصائح لنشر ثقافة القراءة وتشجيع الآخرين عليها وهو ما يعرف بالبوكستغرام (bookstagram) وهذا مصطلح جديد نوعاً ما في العالم العربي منتشر في عالم الانستغرام وبين محبي الكتب. ولديّ حالياً أكثر من 17 ألف متابع، والأغلبية الكبرى منهم هم من محبي القراءة ويتواصلون معي باستمرار لسؤالي عن الكتب والقراءة بشكل عام، وفي عام 2020 وخلال جائحة «كورونا» والحجر المنزلي، زاد التواصل أكثر وعدد المتابعين.

ملتقى القراءة
واستطردت فرح العلمي قائلة: أما بالنسبة لملتقى القراءة، فقد قمت مع ابنة عمي ديمة العلمي (وهي مدونة على الانستغرام كذلك وكاتبة ومختصة بكتب الأطفال ونشترك معاً في حب القراءة) بإنشاء ملتقى العَلمي للقراءة، وما يميزه أنه افتراضي أي عن بعد -أطلقنا الملتقى في شهر سبتمبر من عام 2020 وحتى الآن لدينا أكثر من 700 عضو وعضوة من جميع أنحاء العالم وأغلبيتهم من الإمارات والأردن ولبنان وغيرها. وعن تجربتها هذه أوضحت: فكرة الملتقى تقوم على اختيار كتاب واحد كل شهرين بما يعادل 6 كتب في العام الواحد، وهو عدد مقبول ويمكن تحقيقه، حيث يتطلب أن يقرأ الشخص 10 صفحات فقط في اليوم، وبعد قراءة الكتاب أي بعد مرور 6 - 8 أسابيع نلتقي عن طريق «زوم» لمناقشته، وعادة ما ننظم أكثر من جلسة ويكون لدينا بين 20 - 30 عضواً في كل جلسة، ونناقش مضمون الكتاب من جميع الأبعاد، ونقوم بتحضير الأسئلة بطريقة مدروسة، ولم نتوقع في البداية هذا النجاح للملتقى، وهو ما يشعرنا بالفخر حيث تنهال علينا التعليقات من الأعضاء والمتابعين من محبي القراءة.

ترسيخ وهواية
وللمداومة على القراءة واتخاذها عادة وأسلوب حياة، قالت العلمي: خصصوا الوقت للقراءة واجعلوها أولوية لما فيها من فوائد، شجعوا أطفالكم على القراءة حتى تنمو معهم كهواية. وعليك كقارئ أن تختار الكتب التي تستمتع بها، واختر منها ما يغذي روحك وعقلك وما يفيده، تأكد من قراءة ما لا يقل عن 10 صفحات يومياً قبل النوم مثلاً، اترك هاتفك والأجهزة الإلكترونية وأحضر كتاباً لقراءته، وخذ كتابك معك عندما تغادر المنزل، مثلاً يمكنك القراءة أثناء الانتظار عند عيادة، أو في السيارة أثناء انتظار أطفالك في المدرسة أو عند مصفف الشعر. اقرأ أثناء التمرين على جهاز المشي أو في رحلة سفر أو في السيارة بالنسبة لمن لا يعاني من دوار الحركة، قوموا بزيارة متجر كتب أو معرض كتب واجعلوها تجربة سعيدة، اصطحب أطفالك معك عندما تذهب لشراء الكتب. وقم بزيارة المكتبات وخاصة عند السفر، انضم إلى ملتقيات القراءة مما سيحفزك على إنهاء الكتب وسيجعلك متحمساً لمناقشتها مع الآخرين.

حدائق الفكر
نصرا المعمري، مؤسسة «مركز حدائق الفكر للثقافة والخدمات» وهي من محبي القراءة والكتب، وتتوفر على مكتبة كبيرة في البيت، ولذلك فكرت في تأسيس المركز بالتعاون مع زميلتها موزة البادي، حيث كانت ترغب في توفير فضاء يشجع على القراءة ضمن قريتها التي تسكن فيها.

  • نصرا المعمري
    نصرا المعمري

وقالت: جاءت فكرة إنشاء مكتبة لأنني لمست مردود القراءة وأثرها على النفس، وأردت نشر ما أحدثته فيّ القراءة من محبة وشعور بالسعادة إلى الآخرين وخاصة الأطفال، ولاسيما أنني إنسانة تربوية، ولاحظت التصاق الأطفال بالأجهزة الإلكترونية، ووسائل السوشيال ميديا، وطرحت الفكرة على زميلتي وبدأنا إنشاء حدائق الفكر، قطعنا شوطاً كبيراً في إرساء ثقافة القراءة في منطقتنا، وركزنا على المرأة والطفل، حيث ننظم جلسات للقراءة كل أسبوع، وحققنا أكثر من 400 جلسة قراءة للأطفال، واستقطبنا أولياء الأمور والأطفال ضمن أجواء جاذبة. وقد أثر المركز في قريتنا، وهذه تعتبر أول مشاركة بالنسبة لنا خارج المنطقة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، حيث يخطو المركز غير الربحي أولى خطواته خارج السلطنة، وغرضنا المساهمة في تنمية المجتمع وتأسيس جيل مثقف واع منتج ومشارك في تنمية مجتمعه، أما المرأة فهي تحب القراءة لتنمية ذاتها وتربية أطفالها وأيضاً من أجل جمالها، وتحب قراءة الروايات لأن المرأة شاعرية ورقيقة، كما أن الرواية، من وجهة النظر القائلة إنها أكثر الأنواع الأدبية أنوثة، تأتي أيضاً متجاوبة مع مهارات النساء البيولوجية المتعلقة بتقدير الأمور.

تربية الأطفال
ومن جانبها، قالت سماح نافع إنها تفضل قراءة الكتب التي تعينها على تربية الأطفال، وعدم الاكتفاء بالمقررات الدراسية، وكذلك الكتب التي تساعدها على التخلص من التوتر والقلق وتنمّي ذاتها، فيما علقت سوسن البدر بأنها تميل إلى قراءة الروايات الممتعة والمشوقة، حيث تستكشف عالم الكاتب ومشاعره وأحاسيسه، إلى جانب ميلها خاصة لكتب تربية الأطفال، حيث تزور المعرض سنوياً للبحث عما يساعدها على تربية أولادها ويطور من ذاتها ويزودها بخبرات إضافية. 

تخييل وسعادة
بعض النساء من زوار المعرض يبحثن عن الكتب التعليمية، بينما تقتني مجموعة أخرى الروايات والقصص المشوقة والممتعة، وهذا ما أكدته ليان روشيدات التي أكدت أن قراءة الروايات الرومانسية تجعلها في عالم آخر من السعادة والاستمتاع والرومانسية، موضحة أنها تفضل القصص القوية التي تتحدى الصعاب، وهي الكتب التي تجذبها أكثر وتمنحها الطاقة الإيجابية. 

تنمية الذات
الدكتورة اليازية خليفة، صاحبة دار «الفلك للترجمة والنشر»، أمين سر جمعية الناشرين الإماراتيين، قالت: أنا كقارئة قبل أن أكون ناشرة أفضل قراءة الروايات التاريخية وكتب تعلمني عن ثقافات وحضارات الدول الأخرى، كما أثري عقلي بالسيَر الذاتية، ولا أقرأ في التنمية البشرية وتطوير الذات، لأنني ببساطة أطور نفسي ويجب أن أتعرف عليها وكيفية تطويرها، وأعتقد أن كتب تطوير الذات توجه القارئ نحو أجزاء معينة وتهمل أجزاء أخرى.

الأم مدرسة
موزة البادي، من عمان ومن المؤسسين لـ«مركز الفكر للثقافة والخدمات»، أكدت أن المرأة بشكل عام مُحبة للقراءة والفكر، وتقرأ في شتى الأنواع، سواء في الأدب أو الشعر، وهي داعمة للكتب والإقبال جيد بشكل عام. والمرأة تقرأ عن الأمومة، وفي الاقتصاد وتربية الأبناء، وفي الشعر وكافة المجالات، وهذا بحكم دورها في الحياة وبحكم مهنتها ونظام عملها. وهناك إقبال كبير على كافة أنواع الكتب، وقد أصبحت المرأة كاتبة، وعندما تكتب تشعر بمشاعر الأنثى والأم أو الموظفة وتنقل الصورة، موضحة أن مركز «حدائق الفكر»، يضم الكتب الخاصة بالأطفال وكتباً موجهة للمرأة وكتباً للأطفال من 7 إلى 14 سنة، وأيضاً نتوفر على كتب مترجمة، وكتب تاريخية وكتب ترتقي بذائقة الفرد سواء كان امرأة أو رجلاً أو طفلاً. وأشارت إلى أن المرأة القارئة بشكل عام والأم بشكل خاص تعكس ما تقرؤه في بيتها وعلى أسرتها وأطفالها ومحيطها، وفي مقدورها أن تجعلهم محبين للقراءة لأنها تجعل الطفل منظماً ومتميزاً ومشاركاً ومنتجاً في وطنه، والقراءة هي عمود التغيير البنّاء في أي مجتمع.

  • علا الديب
    علا الديب

شعر ومشاعر
علا الديب، من دار التنمية للنشر بجمهورية مصر العربية، مُشاركة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الحالية، أكدت أن المرأة بشكل عام ومن خلال ملاحظاتها تفضل الروايات لأنها تلامس القلب والمشاعر، وتهتم أكثر بأدب الأطفال لتنمية معارفها، مؤكدة أن الدار تتوفر على عدة إصدارات تهم المجتمع، من الروايات والقصص وكذلك كتب تطوير الذات، وإصدارات الدار تستهدف الكبار والأطفال، كما تتوفر على مجموعة من الكتب المميزة للشاعر الفلسطيني محمود درويش التي تشهد إقبالاً كبيراً جداً في الخليج، والسبب اهتمام المجتمع بتثقيف الطفل في مجال الشعر كونه أحد جوانب الثقافة المحلية وموروثاً متأصلاً في المجتمع المحلي والخليجي أكثر من أي مكان آخر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©