الأربعاء 15 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إبراهيم سالم: النص المسرحي قادر على استنطاق المسكوت عنه

إبراهيم سالم
6 مارس 2022 02:03

إبراهيم الملا (الشارقة)

تخلق بعض النصوص المسرحية مناخات فنية جاذبة للمخرجين الباحثين عن الكتابة النوعية بأصدائها وظلالها المتماسّة مع الأسئلة الإنسانية الكبرى، والقادرة في الوقت ذاته على استنطاق المسكوت عنه أو المغيّب قسراً من هذه الأسئلة والقضايا.
 ويبدو أن نص مسرحية «كوميديا بلا ألوان» للكاتب الكويتي سامي بلال قد عبّر عن قدرته الإغوائية لجذب الفنان والمخرج المسرحي الإماراتي إبراهيم سالم، كي يدخل في تحدٍّ حقيقي للتماهي مع هذا النصّ بالذات، ونقله إلى الخشبة بكامل مداراته الفلسفية، وانشغالاته الوجودية، وجمالياته الضمنية، الصادرة من عمق الانكفاء والقهر والعزلة.

ثيمة «الانتظار»
وفي حوار «للاتحاد» مع الفنان إبراهيم سالم للإضاءة على خصوصية هذا النص، والتقنيات الإخراجية القادرة على تشكيله فنياً وتجسيده عملياً فوق خشبة المسرح، أشار سالم بداية إلى أن نص «كوميديا بلا ألوان» الفائز بجائزة الشارقة للتأليف المسرحي، يختزن «حالة» مسرحية واعدة، لا يمكن إهمالها وتركها حبيسة لقالبها السردي، مضيفاً أن النصّ مصوغٌ بدقّة كي يتم تجسيده داخل العرض المسرحي، لا أن يكون مجرّد نص مقروء، ومرتهن لتخيلات القارئ وتأويلاته الشخصية.
 وذلك لأن مستويات النص وتحولاته -كما يرى سالم- ستشعّ بقوة من خلال أداء الممثلين والمعالجة الإخراجية، خصوصاً أن أركان النصّ قائمة أساساً على ثيمة لا يمكن أن تتجلّى إلاّ من خلال تجسيدها وتشكيلها بصرياً وسمعياً على الخشبة، وهي هنا ثيمة «الانتظار» بكل ما تحمله من ضغوط نفسية، ومحاكمات ذاتية، واستحضار مُرّ لقضايا التهميش والنبذ والإقصاء، على المستويين الشخصي والاجتماعي.

شعور بالاغتراب
وفي سؤال عن أهم الخطوط السردية في العرض، أجاب سالم بأن العرض يتناول الحالة «الإستاتيكية» الجامدة لمسرحي متقاعد، ينتظر اتصالاً مفاجئاً، يخرجه من عزلته الإجبارية، ويعيده للمكانة التي يستحقها، وللساحة التي يمكن أن تشهد ولادة جديدة لموهبته وحيويته الإبداعية، بعد فترة طويلة عانى فيها من الكبت والإهمال والنسيان، ولأن المكالمة التي ينتظرها لا تأتي، يتحول الإحساس بالعزلة لدى المخرج المتقاعد إلى إحساس أكثر ضراوة، وهو الشعور بالاغتراب، وهنا -كما يشير إبراهيم سالم- يبدأ المناخ الدرامي في العمل بالصعود نحو الذروة، التي تتشعب من خلالها قضايا أخرى تتقاطع مع «الانتظار العبثي» و«التهميش الاجتماعي» والمتمثلة في الاستبداد والتحكم في المصائر والقصدية الجارحة في تحييد المبدعين والتقليل من شأنهم، وغيرها من الإشكالات العميقة والضاربة بجذورها الشرسة في الواقع اليومي للكثير من المواهب المنسيّة.

  • من مسرحية «صبح ومسا» للفنان إبراهيم سالم (من المصدر)
    من مسرحية «صبح ومسا» للفنان إبراهيم سالم (من المصدر)

ديمومة الحركة الفنية
قال إبراهيم سالم، إنه استعان في العمل بالكثير بالوجوه الشابة والطاقات الأدائية الجديدة، كي يكون هذا الفعل جزءاً من الحلّ للقضية الأساسية التي يطرحها العرض، وهي ضرورة الانتباه للأصوات والمواهب الجديدة في الساحة المسرحية بالإمارات، لأن ديمومة الحركة الفنية تقوم على التنوع لا على الثبات، وعلى التجديد لا على التكريس، مضيفاً أن من واجب الأسماء القديمة والمخضرمة تأهيل الصف الثاني والثالث من الشباب للمشاركة في الفعاليات الكبرى مثل أيام الشارقة المسرحية، والتي يستعد سالم للمشاركة في دورتها الجديدة، التي تنظم برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، خلال الفترة من 17 إلى 25 مارس المقبل، بهذا العمل المختلف في سياقاته ومعالجاته وخياراته.
وعن حيثيات تعامله مع الممثلين الشباب مقارنة بتعامله مع الممثلين المخضرمين سابقاً، قال سالم: «لا شك في أن التعامل سيكون مختلفاً، لأن الخامات الأدائية الشابة تحتاج لجهد تدريبي أكبر، فيما يخص صقل المواهب واستثمارها إيجابياً، وإثراء التكوين التعبيري للسينوغرافيا، والالتزام بتفاصيل العرض، وكيفية تجسيد الصراعات الداخلية لدى الشخصيات الرئيسة، والقدرة على الانتقال من حالة درامية إلى حالة أخرى قد تكون في الاتجاه المعاكس تماماً، وغيرها من التقنيات التمثيلية المعنية في النهاية بنجاح العرض، وإيصال رسائله ومضامينه للمتلقّي».

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©