الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

في حوار خاص ل«الاتحاد الثقافي».. شما بنت محمد بن خالد: «إكسبو» رسالة حضارية مُشرقة

شما بنت محمد بن خالد خلال زيارة لمتاحف ومؤسسات ثقافية وعلمية مهمة في المملكة المتحدة (الصور من المصدر)
27 يناير 2022 02:31

حوار - فاطمة الورد

الشيخة الدكتورة شمّا بنت محمد بن خالد آل نهيان من الشخصيات النسائية البارزة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تساهم بشكل كبير في نشر الثقافة والمعرفة، ودعم القراءة والتعليم. وتترأس مجلس إدارة «مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية»، و«مجلس شما محمد للفكر والمعرفة»، وقد أطلقت العديد من المبادرات والفعاليات في مجالات الفكر والثقافة والمعرفة.
وفي هذا اللقاء تحدثنا الشيخة الدكتورة شمّا بنت محمد بن خالد عن أهمية استضافة الدولة للحدث العالمي الاستثنائي معرض «إكسبو 2020 دبي» في جوانبه الثقافية والفكرية، وخاصة مع استضافته أهم العلماء والباحثين والمثقفين، وما يعززه ويحفزه من حوار ثقافي دولي رفيع. وأهمية هذا الحدث في تمكين الشباب وتعزيز دورهم في المجتمع. كما تحدثنا أيضاً في هذا الحوار عن جوانب من نشاطها الثقافي في عدد من الدول الأوروبية خلال الفترة الماضية.

* أقام «مجلس شما محمد للفكر والمعرفة»، برعايتكم وحضوركم، ضمن منشط الحوار الثقافي، وبالتعاون مع محور الاستثمار في الشباب بمركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي جلسة حوارية بعنوان: إكسبو 2020 «تواصل العقول.. وصنع المستقبل»، وكانت لكم كلمة بعنوان: «إكسبو 2020.. رؤية نحو المستقبل». حدثينا عنها. وماذا تقولين عن استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لهذا الحدث الدولي بالغ الأهمية؟
- كان «إكسبو 2020 دبي» يوم أن أعلن اختيار دبي لإقامته عنواناً لنجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في تقديم صورتها الحضارية كمجتمع منفتح على كل الثقافات، ويعيش تجربة حية وحقيقية في التعايش والتسامح، وأيضاً كقوة اقتصادية وسياسية ذات ثقل وتأثير قوي في الموازين الاقتصادية والسياسية في العالم. وأكد مرة أخرى ثقة العالم في امتلاك الإمارات الثقافة والكوادر والبنية التحتية التكنولوجية القوية التي تساهم في نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في تنظيم «إكسبو 2020»، وقد لمست ذلك الانعكاس الإيجابي لإقامة إكسبو خلال لقاءاتي التي عقدتها مع العديد من المؤسسات الثقافية والمعرفية والجامعات في أمستردام وباريس ولندن خلال الشهور الماضية لعقد شراكات بينها وبين مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية. فقد ترك النجاح الباهر في إقامة إكسبو انطباعاً إيجابياً عن مدى قوة ونجاح المجتمع الإماراتي في مواجهة التحدي العالمي الراهن وهو تحدي جائحة «كورونا»، والنجاح في التعامل مع الجائحة بصورة علمية، وقد استطاعت الدولة احتواء الآثار السلبية للجائحة وإطلاق «إكسبو 2020 دبي» بنجاح كبير وبشهادة الجميع.
 وأرى أن إكسبو حجر زاوية مهم في بنية المستقبل مع بداية الخمسين الثانية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد جاءت برؤية واسعة وشاملة لقيادتنا الرشيدة التي دائماً ما تعول على شباب الوطن في نجاح الخطوات المتتابعة في مسيرة المستقبل التي تعتمد وتستمد نجاحها من وعي الشباب وإيمانهم بهويتنا وثقافتنا وخصوصيتها، وفي الوقت نفسه التسارع مع التطور والحداثة وحركة العلم والتكنولوجيا.

الاستثمار في الشباب
* خلال الجلسة كانت هناك محاضرة بعنوان: «إكسبو 2020 والاستثمار في الشباب». برأيك ما أهمية هذا الحدث في تمكين الشباب وتعزيز دورهم الإيجابي في المجتمع؟
- «إكسبو 2020 دبي» في حد ذاته قائم على استثمار قدرات وطاقات الشباب في التنظيم والتنفيذ والاستدامة في العمل خلال مدة المعرض الدولي، وكما أشرت أن قيادتنا الرشيدة راهنت على الشباب ليس خلال إكسبو فقط، ولكن أيضاً في مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة، وحرصت على تمكين الشباب في كافة المجالات في ضوء الاستراتيجية الوطنية للشباب التي تحرص على بناء شخصية الشباب وتنميتها والتعرف على قدراتهم وصقل مواهبهم وتغذيتها بالمعارف والعلوم الحديثة، مع توفير البيئة اللازمة والملائمة لاستغلال تلك الخبرات المعرفية والمواهب في خدمة الأجندات الوطنية في المجالات كافة.
 وفي السنوات الأخيرة برز دور الشباب في عدة أحداث مهمة مثل نجاح الإمارات في الوصول إلى المريخ من خلال مسبار الأمل، والكثير من المجالات العلمية، وإتاحة الفرصة للكثير من القيادات الشابة لقيادة العمل المؤسسي في الدولة. وهنا أشير إلى وزيرة الدولة لشؤون الشباب شما المزروعي التي تم اختيارها من شباب الوطن بعمر صغير وهي أصغر وزيرة في العالم.
ولذلك أعتبر أن «إكسبو 2020 دبي»، هو إحدى الحلقات المهمة والأساسية التي تم استثمار الشباب فيها وصقلهم بخبرة خاصة لها مردود إيجابي كبير على المستقبل.  

التطوع.. ثقافة أصيلة
* يشارك في المعرض 30 ألف متطوع من جنسيات مختلفة من كل أنحاء العالم. برأي الشيخة الدكتورة شما كيف سيعزز ذلك من الدور التطوعي الرائد في الإمارات؟
- هنا أشير إلى جزئيتين مهمتين تتميز بهما دولة الإمارات، وهما ثقافة التسامح والتعايش وثقافة التطوع، فحين يكون على أرض الإمارات حدث عالمي كبير مثل «إكسبو 2020 دبي» لابد أن يظهر وجه الإمارات الحقيقي القائم على المجتمع المتعدد الذي يقبل تعايش أكثر من 200 جنسية بثقافاتهم المختلفة على أرضه، فكان هذا التنوع الثقافي والإنساني في تنظيم «إكسبو 2020 دبي»، والقدرة على إدارة هذا العدد الكبير من العاملين والمتطوعين بنظام ودقة كبيرة هو شهادة نجاح وتفوق للإدارة الإماراتية، ودليل على قدرة الإمارات وبنيتها البشرية على صنع وإدارة المناسبات العالمية الكبيرة.
أما لو تحدثنا عن ثقافة التطوع، فالتطوع مكوّن رئيس من مكونات ثقافة الشخصية الإماراتية منذ القدم، فقديماً لم يكن التطوع بمفهومه الحديث موجوداً، ولكن كانت هناك الأسس الأخلاقية والإنسانية التي شكلت مكوناً أساسياً في شخصية الإنسان الإماراتي، وكان المجتمع الإماراتي قبل ظهور النفط مجتمعاً يعتمد على اقتصاد الصحراء والبحر، وكانت ظروف الحياة تدفع العلاقات بين الأسر والقبائل إلى التكافل والتعاضد في مواجهة الأزمات أو في المناسبات، فكانت العادات التكافلية الموروثة تشكل الجانب الأكبر من مظاهر التكافل الاجتماعي، وكان التكافل بمفهومه الخيري وهو التعاضد الذي تعتمد عليه الأعمال التطوعية. وحديثاً ومع قيام الاتحاد بدأت مسيرة العمل التطوعي في الدولة تعتمد على المفاهيم الحديثة له، واستمرت رعاية المجتمع والدولة لثقافة التطوع لتمثل ركيزة أساسية في تكوين الشخصية الإماراتية حديثاً امتداداً لقيم وثقافة الآباء والأجداد، فشكل العمل التطوعي ركيزة للتنمية المستدامة في رؤية القيادة لمستقبل الدولة، فأطلقت الكثير من المبادرات والمشاريع والبرامج الداعمة لثقافة التطوع، فقدم إكسبو النموذج على قيمة الثقافتين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحقق برنامج إكسبو 2020 للمتطوعين نجاحاً كبيراً وتجسيداً لقيمة التطوع ورسوخها في بنية ثقافة الشخصية الإماراتية.   

تحويل التحديات إلى فرص
* عاش العالم عاماً مليئاً بالأحداث والتطورات بسبب انتشار جائحة «كورونا»، كيف تمكنت دولة الإمارات من خلال معرض إكسبو 2020 أن تحوّل التحديات الحالية والمتمثلة في الجائحة العالمية إلى فرص نجاح وتعافٍ من الأزمة، وخاصة مع استضافتها لأهم العلماء والمثقفين وبما يخدم الحوار والتبادل الثقافي الدولي؟
- دولة الإمارات جزء من العالم، وما أصاب العالم من تداعيات للجائحة كان له صدى في الدولة، وغيرت الجائحة الكثير من العادات والسلوكيات البشرية تغييراً يكاد يكون جذرياً في بعض الأمور. وبظهور الجائحة كان لدى دولة الإمارات الكثير من التحديات، ومن أهمها تحقيق الأمان الصحي للمجتمع ونجحت الدولة في هذا التحدي نجاحاً كبيراً من خلال منظومة صحية قوية حققت أكبر المعدلات العالمية في الحماية من آثار الجائحة الصحية. ثم كان تحدي افتتاح «إكسبو 2020 دبي» وانتظر العالم كيف يمكن لدولة الإمارات افتتاح وتنظيم المعرض وسط هذا القلق العالمي تجاه الجائحة، ولكن مع الافتتاح المبهر والتنظيم الكبير، أثبتت الإمارات نجاحها في مواجهة التحدي وتحويله إلى فرصة نجاح جديدة. وبالنظر إلى أعداد الزائرين للدولة ولإكسبو والمؤتمرات المعرفية والثقافية والعلمية الرفيعة التي عقدت خلال الفترة الماضية، واستمرار الحراك المعرفي على أرض الإمارات، كل ذلك يعزز من مكانة الدولة عالمياً في كافة المجالات، ويؤكد طبيعتها المجتمعية والثقافية والتكنولوجية الجاذبة لكل العالم.  

رؤية استراتيجية
* هل تعتقدين أن تنظيم إكسبو 2020 سيُحدث تَحولاً في الدور الثقافي لدولة الإمارات للخمسين عاماً القادمة؟ وكيف؟ 
- بالتأكيد، فـ «إكسبو 2020 دبي» حلقة من ضمن حلقات كبيرة تتواصل في حراك المعرفة والتطور في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتوالي وتبني حجراً جديداً في الدور الثقافي الإماراتي الذي يعلو كل يوم بخطوات واسعة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والمجتمعية والثقافية، وكل هذا يعزز التواصل ويبني جسوراً جديدة بيننا وبين مختلف الدول والمجتمعات بثقافاتها المختلفة والمتباينة، ويعزز كون الإمارات مركزاً ثقافياً عالمياً للتعايش الثقافي والمعرفي وأرضاً خصبة مفتوحة لكل صاحب فكر ومعرفة وتكنولوجيا وعلم. فمن خلال الرؤية الاستراتيجية لقيادتنا الرشيدة حققت الإمارات جذباً كبيراً للعقول المبدعة والمفكرة حول العالم لتنطلق من هنا نحو المزيد من الإنتاج العلمي والثقافي والفكري، وهذا يساعد على تنمية وبناء العقول الإماراتية المبدعة من خلال الاستفادة المعرفية واكتساب الخبرات، وهذا سيكون له مردود إيجابي في تطوير استراتيجية الدولة وخطوات المجتمع نحو تحقيق الريادة طبقاً لرؤية 2071 للخمسين عاماً القادمة.  
* يُجمع الخبراء والمثقفون على الأهمية الاستثنائية لمعرض «إكسبو 2020 دبي» بالنسبة للمنطقة، وعلى كونه الأبرز على مستوى العالم لوجود 192 دولة مشاركة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ معارض إكسبو الدولية الممتد منذ 170 عاماً. ما رأيكم في هذا التوصيف؟
- معرض إكسبو 2020 دبي هو أول معرض إكسبو يقام في منطقة الشرق الأوسط، وتلك كانت النقطة الأولى التي تبرز أهميته، ولكن الأهم هو حجم المشاركة الكبير والقياسي فيه رغم الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم أجمع في ظل جائحة «كورونا»، وهي مشاركة واسعة للغاية أشارت إلى ثقة العالم كله في الإمارات وقدرتها على التنظيم الآمن لجميع المشاركين والزوار، مما يجعل تنظيمه نموذجاً للقادم، ويمثل نقطة فارقة في تاريخ معارض إكسبو حول العالم.

وجهة العلماء والمفكرين
* كان لكم نشاط ثقافي ومعرفي في عدة دول أوروبية خلال الشهور الماضية، كيف لمستم رؤية العالم لدولة الإمارات ولإقامة إكسبو 2020؟
- بعد أن تخلص العالم من قيود الجائحة التي حالت دون اللقاءات المباشرة سعدت بعقد مجموعة من اللقاءات الثقافية والمعرفية في عدة دول، منها جامعة أمستردام بهولندا، وجامعة السوربون بباريس، وجامعة والمكتبة الوطنية للمملكة المتحدة، وغيرها من المؤسسات الثقافية من أجل عقد شراكات، وتبادل معرفة وخبرات مع مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان، وقد لمست خلال تلك الزيارات مدى نظرة الاحترام التي يحملها العاملون في المجال التعليمي والثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتقديرهم للتجربة التعليمية والثقافية المتميزة للدولة، التي جعلت من الإمارات وجهة أساسية ورئيسة للعلماء والمفكرين. كما ناقشت مع كثيرين منهم قدرة الإمارات على تحقيق النجاح في إقامة إكسبو، وأجمع الكثير ممن التقيت بهم من أساتذة الجامعات والمفكرين على ثقتهم في كسب الإمارات هذا الرهان الصعب في ظل الظروف الصعبة للجائحة، وواقعياً أثبتت الإمارات نجاحها في كسب هذا الرهان.

تجربة ثقافية متميزة
* كلمة أخيرة ترغب الشيخة الدكتورة شما إضافتها في هذا الحوار، ولمن يرغب بزيارة إكسبو في هذا الوقت بالتحديد.
- زيارة معرض «إكسبو 2020 دبي» تجربة ثقافية متميزة لها وضع متميز في دفتر الذكريات، فهي تجربة ممتلئة بالمعرفة والبهجة معاً، وتلك الخلطة المعرفية والروحية نادراً ما نجدها في مكان واحد، ولذلك فإن تجربة الزيارة ستكون تجربة نادرة ومتميزة، فهنا على تلك المساحة من أرض الإمارات الطيبة يجتمع كل العالم من أجل المعرفة والثقافة وكتابة رسالة محبة لكل الإنسانية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©